لماذا خسر Xbox One حرب الجيل الثامن من أجهزة الألعاب؟
طوال السنوات الأخيرة كان هناك حقيقة واضحة في مجال أجهزة الألعاب: المنافسة بين Xbox وPlayStation شبه معدومة. واليوم مع اقتراب صدور مشغلات ألعاب الجيل التاسع نهاية العام، لا بد من مقارنة الأرقام لتقدير الفرق بين المشغلات، ومن ثم تحليل الأسباب التي ربما قادت للاختلاف الكبير بين مبيعات Xbox One ومنافسيه.
اليوم هناك 3 أجهزة ألعاب تمثل الجيل الثامن، ومبيعاتها متوزعة كالتالي:
- Sony PlayStation 4 (بما يشمل إصداري Pro وSlim): أكثر من 106 مليون نسخة مباعة.
- Nintendo Switch: 53 مليون نسخة مباعة.
- Xbox One (بما يتضمن إصداري X وS): قرابة 47 مليون نسخة مباعة.
في الواقع فقد حقق جهاز Xbox One أقل من نصف مبيعات منافسه الأساسي PS4 عبر السنوات، والصادم أكثر ربما هو أن Nintendo Switch قد تفوق بأرقام مبيعاته على الرغم من أنه لم يصدر حتى عام 2017، أي أنه أتى متأخراً حوالي 4 أعوام مقارنة بكل من Xbox One وPS4.
بالطبع لا يكفي النظر إلى مبيعات الجيل الحالي فقط، لكن بالعودة إلى الجيل السابع، نجد أن Xbox 360 كان أكثر نجاحاً بمراحل في الواقع، وعلى الرغم من كل المشاكل التي كان يعاني منها فقد تفوق على منافسه PS3 من حيث المبيعات. لذا ففشل Xbox One الحالي ليس مجرد استمرارية لهيمنة Sony، بل أنه تغيير واضح يستدعي النظر في الأسباب دون شك.
في حال سألت محبي الألعاب عن السبب الأساسي في خسارة Xbox One لمنافسة الجيل الثامن، فالجواب المعتاد هو غياب الألعاب الحصرية المشوقة، لكن الواقع هو أن هذا السبب ليس كافياً، وهو ليس السبب الأساسي برأينا حتى. بل أن الأمر متعلق بعدة مشاكل اجتمعت معاً لتنتج تراجعاً هائلاً في الحصة السوقية لـ Xbox، وهنا سنتناول أهم هذه الأسباب التي قادت للنتيجة المخيبة:
كيف قادت قرارات مايكروسوفت إلى فشل Xbox One
المحاولة الفاشلة للتركيز على الترفيه عموماً بدلاً من الألعاب
في حال عدت وشاهدت حدث الكشف عن مشغل ألعاب Xbox One عام 2013، سيكون هناك أمر غريب للغاية. فمع أن الجهاز مشغل ألعاب بوضوح، كان التركيز الأكبر في المؤتمر على أشياء أخرى لا علاقة بها بالألعاب أصلاً.
بل أن مايكروسوفت حاولت التسويق للجهاز على أنه منصة ترفيه منزلي متكاملة، فهو يشغل أقراص Blu-Ray ويتيح الاستماع للموسيقى ومشاهدة التلفاز وغيرها من الأمور، ومع أن هذه الأمور مفيدة جداً كميزات إضافية (وقد شهدنا نجاحها في حالة PS2 الذي سوق له كمشغل أقراص DVD) فهي منفرة لجمهور الجهاز الأساسي: محبي الألعاب.
طوال حدث الكشف عن Xbox One كانت الألعاب تبدو كأمر ثانوي جداً للمشغل، وعندما تم الحديث عنها تركز الأمر على تقنيات الحماية الجديدة التي سنتناولها في فقرة تالية، وقد ترك الأمر تأثيراً سيئاً للغاية. وبالنتيجة رأي الكثير من محبي الألعاب أنهم سيكونون أفضل حالاً مع جهاز مصمم ليركز على الألعاب كما هو الأمر مع PS4. وبإضافة كون جهاز Xbox One يمتلك مستوى أداءٍ أضعف بقليل من PS4، فقد كان الأمر واضحاً للكثير من محبي الألعاب.
السعر المرتفع وكاميرا Kinect
مع تقديم جهاز Xbox One كانت مايكروسوفت تحاول تقديم تقنية جديدة للعب والتحكم في محاولة للتميز عن البقية، هذه التقنية كانت كاميرا Kinect التي تتيح للمستخدم التحكم بالألعاب بتحريك جسده فقط. ومع أن الأمر كان يبدو مغرياً للغاية كفكرة، فقد كان التنفيذ كارثياً تماماً.
المشكلة هنا هي أن مايكروسوفت لا تمتلك سيطرة حقيقية على بيئة تطوير الألعاب التي تعمل على مشغلاتها، وبالتالي فهي على عكس نينتندو لا تستطيع الضغط على المطورين لاستخدام تقنية جديدة ومختلفة جداً عن التحكم المعتاد. ومع كون مايكروسوفت لم تكن تمتلك استديوهات تطوير ألعاب كافية لتغطية طريقة التحكم الجديدة بعدد كافٍ من الألعاب، فقد كان مصير Kinect هو الفشل الذريع.
المشكلة الأكبر في Kinect ربما هي أنها لم تكن إضافة اختيارية، فمع أن وجودها كإضافة تأتي مع المشغل ربما يكون عاملاً لتشجيع المطورين على استغلالها، فالمشكلة هي أنها كانت تكلف مالاً إضافياً، وبالنتيجة كانت تكلفة جهاز Xbox One عند إطلاقه هي 500 دولار أمريكي، مقابل 400 دولار لمنافسه PS4، وبالتالي كان اللاعبون قادرين على شراء جهاز ألعاب ذا أداء أفضل ودعم أكبر وتركيز على الألعاب بسعر أرخص، وهذا ما أبعد الكثير من محبي أجهزة Xbox عن هذا الإصدار.
الحاجة للاتصال الدائم بالإنترنت
منذ بداية انتشار ألعاب الفيديو كان من الضروري وجود تقنيات حماية تمنع نسخ الألعاب وقرصنتها لضمان عدم خسارة المال على التطوير، وبالتالي ظهرت العديد من تقنيات الحماية المتتالية مع الزمن. ومع أن هذه التقنيات تمتلك مبرراً قوياً لأن تكون موجودة، فقد كانت علاقة اللاعبين معها متوترة دائماً، بالأخص عندما تستخدم تقنيات الحماية أساليب قد تكون مزعجة أو مخربة حتى لتجربة اللعب.
عند الإعلان عن جهاز Xbox One فجرت مايكروسوفت قنبلة كبيرة بكون الجهاز لن يعمل أو يشغل أية ألعاب دون اتصال مستمر بالإنترنت، وحتى في حال كنت تريد تشغيل لعبة مفردة لا تحتاج للإنترنت أبداً، لن تتمكن من ذلك دون وجود اتصال الإنترنت. هذا الأمر هو أسوأ ما يمكن أن تفعله أي شركة، وبالأخص في عام 2013 عندما كانت حال انتشار الإنترنت أسوأ مما هي عليه اليوم.
الهدف من الاتصال الدائم بالإنترنت هو التحقق من كون أي لعبة هي لعبة أصلية تماماً وليست مزورة، لكن اللاعبين لم يحبوا الفكرة أبداً في الواقع، وازداد الطين بلة عندما خرج مدير مشروع Xbox وصرح بأن اللاعبين الذين يطالبون بجهاز ألعاب يعمل دون إنترنت لديهم خيار شراء مشغل Xbox 360، وهو ما زاد من حدة الاعتراضات على قرارات الشركة التي بدت وكأنها تتم في عزلة تامة عن مطالب اللاعبين.
غياب الألعاب الحصرية الجذابة
مع انه ليس السبب الأساسي للأمر، فقد كان غياب الألعاب الحصرية الجذابة على Xbox One أحد عوامل فضله دون شك. ومع أن المشغل لم يكن دون ألعاب حصرية بشكل كامل، بل أنه كان يمتلك تشكيلة ألعاب حصرية في الواقع، لكن أياً منها لم يكن يمتلك الجاذبية الهائلة لقائمة الحصريات الكبيرة التي تمتلكها Sony أو حتى سلاسل الألعاب المميزة الخاصة حصراً بـ Nintendo.
في الأجيال السابقة لم تكن الألعاب الحصرية نقطة قوة لمشغلات Xbox أبداً، لكن ومع غياب أي عامل آخر للنجاح أتى غيابها ليزيد من المشاكل وليعطي سبباً إضافياً للاعبين لهجر المنصة.
غياب الحصريات لا يؤدي إلى فشل مشغلات الألعاب بالضرورة، لكن وجودها من الممكن أن ينقذها عادة، ولو أن مشغل Xbox One كان يمتلك أسماءً كبيرة ومميزة كفاية لكان من الممكن أن ينجو من مصيره الحالي. والمثال الحي هنا هو Nintendo، إذ أن الشركة تقدم مشغلات ألعاب مع مستوى أداء أخفض بمراحل من المنافسين، لكنها بالمقابل تمتلك حصريات مثل سلسلة ألعاب Super Mario وMario Kart وSuper Smash وThe Legend of Zelda وبالطبع Pokémon، ونتيجة هذه الألعاب الحصرية نجت نينتندو من مصير سواها واستمرت بالازدهار حتى اليوم.
محاولات التصحيح المتأخرة
مع المشاكل الهائلة التي رافقت جهاز Xbox One منذ صدوره، فقد عكست المبيعات السيئة حالة عدم الرضا بوضوح، حيث حملت السنوات الأولى أرقام مبيعات سيئة للغاية قادت الشركة لمحاولة تصحيح أخطائها بأي شكل كان.
مع الوقت ألغيت الحاجة لاتصال الإنترنت الدائم مثلاً، كما بات الجهاز متاحاً للشراء دون كاميرا Kinect وبسعر أرخص، كما عاد التركيز الأساسي للألعاب بدلاً من الميزات الترفيهية المتنوعة. وحتى أن رئيس قسم Xbox طرد ليأتي مكانه الرئيس الحالي Phil Spencer والذي بات يمتلك سمعة جيدة بين محبي الألعاب بسبب قراراته الأنسب عموماً.
مع السنوات بات جهاز Xbox One أفضل بمراحل من حالته الأصلية في الواقع، وبات قابلاً للمقارنة المباشرة مع منافسه الأساسي PS4، لكن المشكلة هي أن ما يحدث في البداية يترك أثره دائماً، ومع أن الكثير من عيوب Xbox One الكبرى لم تعد موجودة، فوجودها الأصلي قد ترك ردة فعل سلبية للغاية لم يعد من الممكن التخلص منها بسهولة لاحقاً.
حالياً ومع نهاية الجيل الثامن من أجهزة الألعاب واقترابنا من الجيل التاسع، يبدو أن مايكروسوفت تعلمت الكثير من أخطاء الماضي في الواقع. فالشركة اليوم أكثر شفافية في تعاملها مع اللاعبين، كما أنها تعمل على تجسين سمعتها بشتى الطرق وتحاول تجنب الأخطاء التي فعلتها سابقاً.
في حال نجحت الشركة بالأمر ستكون قد كررت مسيرة Sony في الواقع، إذ أن جهاز ألعاب PS3 كان متخماً بالمشاكل التي أضعفت مبيعاته في الواقع، لكن وبتجاوز تلك الأخطاء عادت Sony بقوة مع PS4، وقد نشهد عودة مشابهة مع Xbox Series X نهاية العام.