انتبه لأكبر خدعة تسويقية تستغلها الشركات لبيع الرامات

في عالم التقنية السريع، حيث تُقاس القوة بالأرقام والسرعة بالجيجابايت، نجحت الشركات في تحويل ذاكرة الوصول العشوائي (الرامات) إلى أداة تسويقية بارعة أكثر منها ميزة فعلية. فكل إعلان جديد لهاتف أو لابتوب يتفاخر بحجم “الرامات” الضخم، وكأنها العصا السحرية التي تضمن أداءً خارقًا بلا حدود. لكن الحقيقة مختلفة تمامًا. لأن وراء هذه الأرقام اللامعة، تختبئ واحدة من أكبر الخدع التسويقية التي يقع فيها المستخدمون دون وعي. فليس كل ما يزيد من سعة الذاكرة يعني أداءً أفضل، بل أحيانًا يكون مجرد وسيلة لإقناعك بالشراء. وفي هذا المقال، سوف نتعرف على أكبر خدعة تسويقية تستغلها الشركات لبيع الرامات.
خدعة تسويقية تستغلها الشركات لبيع الرامات
تكمن الخدعة في طريقة عرض الشركات للسرعة على عبوات الرامات. يتم عادةً كتابة رقم كبير بوحدة الميجاهيرتز (MHz)، مثل 3200MHz، بينما الحقيقة التقنية تشير إلى أن التردد الفعلي الذي تعمل به الشريحة لا يتجاوز نصف هذا الرقم. السبب وراء هذا الالتباس يكمن في الخلط المتعمد بين وحدتي قياس مختلفتين:
- الميجاهيرتز (MHz): وهي تقيس عدد النبضات الكهربائية التي تحدث في الثانية الواحدة (التردد الفعلي).
- ميجا ترانسفيرز (MT/s): معدل النقل الفعلي للبيانات وهو المقياس الأدق الذي يحدد عدد عمليات نقل البيانات الفعلية التي تتم خلال الثانية الواحدة، وهو ما يعكس الأداء الحقيقي.
في الأجيال القديمة من الذاكرة، مثل ذاكرة SDRAM، كانت كل نبضة كهربائية تنقل عملية واحدة فقط، ولذلك كان رقم MHz مساويًا تمامًا لرقم MT/s. ولكن مع ظهور ذاكرةDDR ، أصبح النظام ينقل عمليتين للبيانات في النبضة الواحدة، مما ضاعف معدل النقل الفعلي مقارنة بالتردد الحقيقي.
نشأة تقليد التضخيم التسويقي
على سبيل المثال، تعمل شريحة DDR4 المصنفة فعليًا بـ 3200MT/s على تردد فعلي يبلغ 1600MHz فقط. لكن الشركات اختارت، عند طرح الجيل الأول من DDR، استخدام رقم MT/s (مضاعف التردد الحقيقي) ووضعه بجانب وحدة MHz. لماذا؟ ببساطة، لأنها لم ترغب في أن تبدو أرقامها صغيرة مقارنة بالتقنيات القديمة. كما أرادت ألا تُربك المستهلك الذي اعتاد على نظام MHz القديم. هكذا، ترسخ هذا التضخيم ليصبح عُرفا ثابتا في السوق عبر أجيال DDR2 وDDR3 وصولا إلى ذاكرة DDR4.
إعلانات الشركات والمواصفات الحقيقية
لا تزال خدعة تسويقية تستغلها الشركات لبيع الرامات موجودة حتى يومنا هذا وإليك أمثلة على ذلك:
- شركات مثل G.SKILL و CORSAIR تطبع على العبوات بشكل بارز 3200MHz أو DDR4-3200، رغم أن المواصفات التقنية الداخلية توضح الرقم بدقة أكبر وهو 3200MT/s.
- شركة CRUCIAL تعتبر أكثر دقة من غيرها، حيث غالبًا ما تطبع تصنيف DDR4-3200MT/s على العبوة، وتضيف أيضا تصنيف PC4-25600 لتوضيح معدل النقل بالجيجابايت في الثانية.
- ومع ظهور ذاكرة DDR5، بدأت بعض الشركات بالتحول أخيرًا لاستخدام المقياس الصحيح. حيث غيّرت شركة KINGSTON استراتيجيتها وأصبحت تكتب صراحةً FURY DDR5-6000MT/s، ما يعد خطوة إيجابية نحو الشفافية.
كيف تكتشف السرعة الحقيقية للرامات؟
يمكن للمستخدم كشف الخدعة بسهولة من خلال الاعتماد على برامج المراقبة المتخصصة. فبينما تعرض معظم اللوحات الأم (Motherboards) السرعة في نظام BIOS بوحدة MHz لمواكبة التقليد التسويقي، فإن برامج تشخيص الأجهزة مثل CPU-Z تظهر الحقيقة كالتالي:
- عند فحص رامات مصنفة بـ DDR4-3200، ستجد أن برنامج CPU-Z يعرض التردد الفعلي عند 1600MHz فقط (نصف القيمة).
- في المقابل، يعرض برنامج Task Manager في نظام ويندوز السرعة بوحدة MT/s مباشرة، وهو المقياس الصحيح لمعدل النقل الحقيقي للبيانات.
إلى هنا نكون قد وصلنا لختام مقالنا بعد أن تعرفنا على أكبر خدعة تسويقية تستغلها الشركات لبيع الرامات. ويمكن القول إن ما تفعله الشركات ليس خطأ تقنيًا بقدر ما هو ذكاء تسويقي يُستغل لخلق انطباع مضلل لدى المستخدم العادي. فالأرقام الكبيرة تجذب الانتباه وتوحي بالأداء العالي، بينما الحقيقة تكمن في التفاصيل الدقيقة التي لا يلتفت إليها الكثيرون. لذلك، إذا أردت أن تختار الذاكرة الأنسب لجهازك، فلا تنخدع بالبريق الظاهر على العلبة، بل افحص المواصفات الحقيقية وابحث عن معدل النقل بالـMT/s، فهو المقياس الذي يعكس الأداء الفعلي. بهذه المعرفة البسيطة، ستكون قد تجنبت واحدة من أكبر الخدع التسويقية في عالم التكنولوجيا.