عندما يكون الشغف بالمشروع والعملاء محور فلسفةً تصميم المنتجات – مقابلة مع مدير التصميم الأول في شركة نيسان

مع مطلع شهر سبتمبر، أقامت شركة السيارات اليابانية الشهيرة، نيسان، حدث إطلاق الجيل الجديد من سيارتها الرائدة، نيسان باترول، في العاصمة الإمارتية، أبوظبي. وكما هو متوقع لحدث إطلاق عالمي لسيارة من الفئة الأولى، فقد كان الحدث مميزاً وكبيراً إلى حد بعيد، وتضمن احتفالاً بتاريخ سيارة الدفع الرباعي الشهيرة بداية من أجيالها الأولى عام 1951. وبالطبع لم يكن اختيار العاصمة الإمارتية عبثاً، حيث تمتلك سيارة نيسان باترول إرثاً طويلاً في المنطقة العربية، ولطالما كانت مفضلة لدى السائقين فيها.

بالطبع كانت مينا تك حاضرة في حفل إطلاق السيارة الجديدة، وهناك تسنت لنا فرصة مميزة للقاء السيد كين لي، مدير التصميم الأول في شركة نيسان العالمية. حيث تناولنا أطراف الحديث مع السيد لي حول التحولات التي جرت على العملية التصميمة وكيف تم تصميم سيارة باترول الجديدة، وبالأخص مدى أخذ المنطقة العربية بعين الاعتبار أثناء العملية التصميمية. ومن حديثنا، اخترنا المقتطفات التالية:

هلا لخصت فلسفة التصميم الخاصة بك في جملة واحدة؟

يدور ذلك حول الشغف بالمشروع والشغف بالعملاء الذين يشترون منتجاتنا، أي يمكننا تلخيص ذلك في الشغف. والمثير للاهتمام بشأن العمل في شركة نيسان هو التنوع، بما يشمل تنوع عملنا وتشكيلة منتجاتنا، بدايةً من سيارات باترول، مروراً بسيارات ماجنيت، ثم سيارات زد، وانتهاءً بسيارات GT-R. وكما تعلم، تُعد السيارات الصغيرة مطلوبةً للغاية في اليابان، فيما أن السيارات الكبيرة مثل باترول مرغوبة بشدة في مناطق عدة منها المنطقة العربية. يجعل هذا التنوع عملنا مثيراً للاهتمام وممتعاً ويبقينا نشطين بالتأكيد. ولدى الحديث عن الشغف تجاه المستهلكين والسائقين أنفسهم، وبالتحديد هنا في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، تُعد سيارات باترول مثالاً رائعاً لذلك، حيث تتمتع بمكانة أسطورية بينهم.

ما مدى اهتمامكم بحاجات المنطقة العربية في تصاميمكم؟

هذه ناحية مهمة للغاية لنا، فنحن نراعي احتياجات دول منطقة مجلس التعاون الخليجي في تصاميمنا بنسبة 100%. من الناحية التصميمية، يُعد تحديد الشكل الذي تبدو عليه السيارة أمراً مهماً للغاية، فالسائقون الأوفياء لديهم أفكار مسبقة ما سيكون عليه التصميم، أو بالأحرى توقعات. لذا وعندما بدأنا المشروع، حافظنا على حوار جيد للغاية مع المنطقة ومع العملاء طوال عملية التصميم. لكن وعندما سألناهم عما يودون رؤيته في الإصدار التالي لطراز باترول Y62 2019، أخبرونا أنها مثالية وليست بحاجة لأي تغيير. وكانت هذه الناحية صعبة للغاية بالتأكيد، إذ أنك لن تحصل على سيارة جديدة في حال لم تحدث أية تغييرات عليها. لذلك، تعمقنا في الأمر أكثر ودرسنا ما الذي تعنيه سيارات باترول للناس، ولماذا لا يريدون تغيير أي شيء فيها.

بالطبع كان من المهم الحفاظ على هوية باترول في الأمر، فبينما تمتلك معظم سيارات الدفع الرباعي عالية الأداء تصاميم صندوقية مع خطوط مستقيمة وزوايا قائمة، تستخدم نيسان باترول خطوطاً قطرية مميزة تجعلها قابلة للتمييز على أنها سيارة من نيسان من النظرة الأولى. ستجد على سبيل المثال شبكة V-Motion الموجودة في واجهة السيارة، فهي تعبر بوضوح عن هوية نيسان المميزة، لكنها بنفس الوقت متنوعة ما بين تميزها بلون الكروم وحتى مطابقتها للون هيكل السيارة. وقد أخذنا المنطقة العربية بعين الاعتبار في تصميم هذه الشبكة والنواحي الأخرى للسيارة، إذ استوحينا من الهندسة المعمارية للمنطقة، وركزنا على أن يكون التصميم غنياً بالأشكال والتفاصيل الدقيقة، لكنه يحافظ على طابع القوة الذي لطالما ميز سيارات باترول.

في الجيل الماضي، استخدمنا شكل حرف C للمصابيح الأمامية للسيارة، وكان علامة فارقة للسيارة مع ملاقاته لترحيب كبير بين السائقين. وفي هذا الجيل، قررنا منح عملائنا المزيد مما يحبونه، حيث صممنا المصابيح الأمامية الجديدة لتستخدم حرف C مزدوج بشكل مشابه للرقم 3. لكن الأمر لم يتوقف عند هذه الناحية، بل عملنا على تضمين هذه اللمسة التصميمية في مختلف أجزاء السيارة، فاستخدمناها للمصابيح الخلفية أيضاً، وحتى أننا أضفناها لفتحات الهواء الجانبية في السيارة. وفي حال نظرت بخط نظر واحد بداية من المصابيح والشبكة الأمامية، مروراً بالخط الجانبي، ووصولاً إلى المصابيح الخلفية، ستجد أنها على استقامة واحدة تحافظ على اتساق السيارة وتؤكد هويتها القوية.

مواضيع مشابهة

كيف غيرت التكنولوجيا من العملية التصميمة لك عبر العقدين الماضيين؟

تشهد تكنولوجيا التصميم تطوراً مستمراً، فعندما كنت في مدرسة التصميم منذ 20 عاماً، كنا نمر بالمرحلة الانتقالية الأولى، حيث أخذنا بالتحول من الرسم اليدوي باستخدام أقلام الرصاص والورق وصناعة نماذج الصلصال، إلى مرحلة الرسم والتصميم الرقمي بالدرجة الأولى. لقد بدأت مسيرتي المهنية في هذه المرحلة الانتقالية بالتحديد، وسرعان ما أصبحت عملية التطوير الرقمي هي المهيمنة، بالأخص مع تطور القدرات الحاسوبية وتراجع الحاجة للتصاميم اليدوية بالضرورة، حيث باتت أداة للتعبير وربما اقتراح المسودات السريعة بالدرجة الأولى.

بالطبع وحتى مع كل التقدم التقني واعتمادنا على الرسم الرقمي، فنحن لم نتخلَّ عن التصميم اليدوي بشكل كامل. فلا زلنا نستخدم العديد من العمليات اليدوية، ومنها نماذج الصلصال التي تفيد في تشكيل تصور أفضل للسيارة، كما أنها تسمح لنا بإضافة اللمسات الفنية ونحت الشكل الذي نريده بطريقة إبداعية. لكن وعندما يتجه الأمر نحو بناء السيارة، فنحن نتجه نحو الخيارات الرقمية دون شك.

في الوقت الحالي يبدو أننا نمر بمرحلة تحولية جديدة في مجال التصميم، وهذه المرة يظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي كنجم هذه المرحلة. حيث يساعدنا الذكاء الاصطناعي في عملية استعراض الأفكار الجديدة، ويعزز من عمليتنا الإبداعية، لكنه لا يزال بعيداً عن أن يتمكن من تصميم سيارة كامل حقاً، بل أنه أداة مساعدة لنا. وبينما ستتحسن قدرات الذكاء الاصطناعي مع الوقت، فنحن نرى فيها فرصة لتحسين عملياتنا بشكل مشابه لما فعلناه بفضل الرقمنة. حيث يساعدنا الذكاء الاصطناعي في الاختيار وصنع مسودات للتصاميم، كما يمكن استخدامه لفهم توجهات العملاء وتفضيلاتهم بشكل أفضل، وبالطبع ترجمة ذلك إلى تصاميم تلبي متطلباتهم وتحقق توقعاتهم.

على عكس الاتجاه السائد مؤخراً، احتفظتم بمزيج بين شاشة اللمس والمفاتيح الفيزيائية، لماذا؟

شاشات اللمس هي جزء أساسي من أنظمة السيارات الحديثة دون شك، وهي تقنية مهمة ندرك أن العملاء يريدونها، وبالأخص أنها تفتح أمامهم الباب للمزيد من الميزات والتخصيص الذي لن يكون متاحاً حقاً عبر الأزرار. لكن وبينما نريد شاشة لمس كبيرة في السيارة دون شك، فنحن لا نريد للتصميم أن يكون بارداً أو ميكانيكياً، بل نريده أن يتناسب مع تفضيلات وحاجات العملاء، وهنا ياتي الدور المجوري للأزرار والمفاتيح في السيارة، فهي تتيح للسائقين التحكم السهل والسريع بالعديد من الميزات التي تهمهم أثناء القيادة، فلا أحد يريد أن يتصفح الخيارات في شاشة لمس للتحكم بنمط قيادة السيارة أو تغيير حرارة المكيف أثناء الخوض في الكثبان الرملية، أو القيادة على الطريق السريع. نعلم جيداً أن وجود المفاتيح هو ميزة أساسية للقيادة الآمنة، لذا أدركنا أن تضمينها في السيارة أساسي.

بالطبع استمعنا لآراء وتفضيلات عملائنا في كل مرحلة من مراحل التصميم. ففي البداية، أردنا أن تكون المفاتيح وعجلات التحكم صغيرة الحجم وذات تصميم بسيط لغايات جمالية. وهنا كان من المهم النظر إلى رأي السائقين الذين لفتوا انتباهنا إلى كونهم يفضلون الأزرار الأكبر دائماً، فهي أسهل للتحكم بها وسرعان ما يتم حفظها في الذاكرة العضلية بشكل يلغي الحاجة للنظر إليها حتى في معظم الأوقات.

شارك المحتوى |
close icon