عبر الأعوام الأخيرة، يشهد العالم تحولاً سريعاً مدفوعاً بتقنيات الذكاء الاصطناعي بالدرجة الأولى، إذ تعيد تطورات المجال تشكيل الاقتصاد والصناعة. وفي ظل هذه التحولات السريعة، بات الباب مفتوحاً للدول الطموحة في الشرق الأوسط، وبالأخص للمملكة العربية السعودية لدخول السباق نحو السيادة التقنية. وعلى الرغم من الهيمنة الأمريكية-الصينية حالياً، يتوقع أن يشهد الشرق الأوسط دوراً متزايداً في المجال، وبالأخص مع الاستراتيجيات الطموحة التي بدأ تنفيذها، وبالنظر إلى كونها الاقتصاد الأكبر في المنطقة، ومركزاً سكانياً كبيراً مع مستويات عالية من التعليم والخبرة، يتوقع أن تمثل السعودية حصة كبيرة من النمو التقني في الشرق الأوسط.
وفقاً للتقديرات، من المتوقع أن يحدث الذكاء الاصطناعي تأثيراً اقتصادياً بقيمة 320 مليار دولار أمريكي على الشرق الأوسط بحلول عام 2030، ويتوقع أن تستحوذ المملكة العربية السعودية على جزء كبير يصل إلى 135.2 مليار دولار أمريكي وفق تقرير أخير من شركة PwC.
وفي قلب هذا التحول القائم على الذكاء الاصطناعي تكمن رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز تشغيل العمالة، وتشجيع الابتكار التكنولوجي. ومن المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في تحقيق هذه الأهداف، حيث خصصت الحكومة السعودية 66 مبادرة في إطار رؤية 2030 ترتبط ارتباطاً مباشراً بتطوير الذكاء الاصطناعي ونشره، مستفيدة من قدراته في التالي:
تنويع الاقتصاد
تعمل المملكة العربية السعودية بشكل نشط على تقليل الاعتماد على عائدات النفط وزيادة مصادر النشاط الاقتصادي، وللذكاء الاصطناعي دور كبير في ذلك. إذ تخطط المملكة لجذب 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية والمحلية بحلول عام 2030، كما تهدف المملكة إلى تنمية نظام بيئي مزدهر لرواد الأعمال والشركات القائمة على الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التنويع الاقتصادي والابتكار.
زيادة التوظيف وفرص العمل
لحماية قوتها العاملة في المستقبل ضد الاضطرابات المحتملة في مجال الذكاء الاصطناعي، تستثمر المملكة العربية السعودية في رعاية المواهب ذات التوجه التكنولوجي. كما شرعت المملكة في مهمة تدريب وتطوير مجموعة تضم 20 ألف متخصص في الذكاء الاصطناعي والبيانات بحلول عام 2030، مما يضمن وجود قوة عاملة ماهرة قادرة على قيادة الابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.
تطوير القطاع الخاص
يؤكد إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي» في 2020 على التزام المملكة العربية السعودية بسعيها لأن تضمن مركزها كدولة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ تهدف الاستراتيجية إلى وضع المملكة العربية السعودية ضمن أفضل 15 دولة في تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. وتضمن هذه الاستراتيجية دوراً متزايداً للقطاع الخاص وبالأخص مع تركيز المملكة المتزايد على الاستثمار وتشجيع الشركات الناشئة في المجال التقني.
تحسين التعليم والتدريب
تعمل المملكة العربية السعودية على رعاية المواهب المحلية من خلال تحفيز مسابقات الذكاء الاصطناعي و«الهاكاثون»، وتشجيع الباحثين والطلاب على مواجهة التحديات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، هناك جهود جارية لإنشاء المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الرياض، مما يعزز التزام المملكة بتعزيز تعليم وأبحاث الذكاء الاصطناعي.
يمكن ملاحظة الاهتمام السعودي الريادي في تطوير وتنظيم وحوكمة الذكاء الاصطناعي عند النظر إلى الهيئات والمراكز الجديدة التي تم استحداثها في السنوات الأخيرة. إذ تم إطلاق الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) عام 2019، وتضمنت هيئاتها الفرعية المركز الوطني للذكاء الاصطناعي (NCAI)، والمكتب الوطني لإدارة البيانات (NDMO)، ومركز المعلومات الوطني (NIC).
ضمن مساعيها لتأكيد دورها الريادي في المجال التقني، بدأت المملكة العربية السعودية بالتركيز بشكل متزايد على إقامة واستضافة المؤتمرات والأحداث التقنية الكبرى. حيث انطلق مؤتمر LEAP مع عام 2021، وفي نسخة LEAP 2023 بات أكبر حدث تقني في العالم من حيث عدد الحضور مع أكثر من 172 ألف زائر له. وبالتزامن مع نسخة العام الماضي، انطلق حدث DeepFest الذي يركز على الذكاء الاصطناعي بشكل خاص وحقق نجاحاً كبيراً.
مع يوم 4 مارس، يعود حدث DeepFest 2024 ليكون أكبر وأهم من أي وقت مضى مع أكثر من 120 جهة عارضة و150 متحدث وخبير، و20 ألف زائر متوقع. يقام الحدث من قبل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، ويمكن لكل من الشركات العارضة والزوار المهتمين بمجال الذكاء الاصطناعي التعرف على المزيد عن الحدث والتسجيل للمشاركة فيه عبر الموقع الرسمي.