هل يكون الذكاء الاصطناعي آخر تقنية يبتكرها البشر؟
⬤ يقول زاك كاس، الرئيس السابق لـ GTM في OpenAI، إنّ خبراء التكنولوجيا متفقون على قدرات الذكاء الاصطناعي، ومنقسمون بشأن إمكانية تحقيقها.
⬤ يُنوّه كاس إلى أنّ معظم خبراء التكنولوجيا يُقرّون فيما بينهم بأنّ الذكاء الاصطناعي ربما يكون آخر تقنية يبتكرها البشر بأنفسهم.
⬤ يشير كاس إلى المخاطر المترتبة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، التي تتجلى في البلادة، وتشظي الهوية، والوجودية، والجهات السيئة.
تزايدت الهواجس بخصوص تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتداعياتها المحتملة على العالم، لا سيما أنها تغلغلت في جوانب حياتنا المختلفة، وأثرت على وظائفنا، وطريقة دراستنا، وطبيعة تفاعلنا مع العالم. وعلى الرغم من هذا القلق المحيط بهذه التكنولوجيا، فإنّ بعض خبرائها يتبنون نظرة تفاؤلية بخصوص إمكانياتها الواعدة، ويرون أنّ منافعها ستعم البشرية جمعاء.
يعرف زاك كاس بأنّه الرئيس السابق لـ GTM في OpenAI، فهو من أقدم مائة موظف في الشركة، وقد تولى إدارة قسم Go-to-Market قبل مغادرته في عام 2023. ويعرف كاس في أوساط التكنولوجيا بنظرته المتفائلة بالذكاء الاصطناعي، بل إنّه ترك وظيفته في الشركة حتى يروّج للذكاء الاصطناعي باعتباره مستقبلاً مشرقاً للبشرية.
يصف كاس نفسه بأنه خبير يستشرف المستقبل الحافل بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويقدم تصورات مستقبلية بشأن تأثير هذه التكنولوجيا على قطاعات الحياة المختلفة مثل الطب، والتعليم، والأعمال وغيرها. ويرى كاس أنّ تأثيرات الذكاء الاصطناعي ربما تكون مزعجة في بادئ الأمر للأشخاص في دول العالم الأول، لكنها ستفضي إلى نتائج إيجابية منها تقليل وقت العمل.
لا يستبعد كاس أنْ يصبح لكل طفلٍ في دول العالمين الثاني والثالث معلمٌ يعمل بالذكاء الاصطناعي، ويعلم المعلومات التي يعرفها الطفل، وطريقة التعليم المفضلة لديه. ولا يرى كاس أي صعوبة كذلك في تخيل وجود طبيب عام يعمل بالذكاء الاصطناعي يساعد في تشخيص الأمراض لدى الناس، ويساهم في إحالة مشكلاتهم الصحية إلى طبيب اختصاصي.
يقول كاس إنّ القاسم المشترك بين المطلعين على قطاع التكنولوجيا ونظرائهم هو إدراكهم جميعاً للإمكانيات المذهلة للذكاء الاصطناعي، لكنهم منقسمون حيال قدرة البشر على تحقيق تلك الإمكانيات بسبب السياسات القاصرة، أو التنفيذ الخاطئ، أو الخلل في نماذج الذكاء الاصطناعي.
يشير كاس أيضاً إلى استنتاج مثير للاهتمام ومشترك بين خبراء كثيرين في مجال التكنولوجيا؛ إذ يعتقد معظمهم أنّ الذكاء الاصطناعي ربما يكون آخر تقنية يبتكرها البشر، ويعتقدون كذلك أنّ الذكاء الاصطناعي سيحسن حياة البشر ويجعلها أكثر رضا وسعادة وأقل معاناة.
في المقابل يتطرق كاس إلى أربعة مخاطر مترتبة على الذكاء الاصطناعي هي البلادة، وتشظي الهوية، والوجودية، والجهات السيئة؛ فعلى سبيل المثال إذا نجح الذكاء الاصطناعي في حل المشكلات الصعبة التي تواجهنا، فقد تصاب عقولنا بالبلادة وتميل إلى الكسل. ومع ذلك فإنّ كاس يعتقد بأنّ هذه المشكلة لن تدوم طويلاً، فهي تندرج ضمن العواقب قصيرة المدى التي سيتجاوزها البشر.
أما المشكلة الثانية فهي مسألة تشظي الهوية، لا سيما عند الأشخاص الذين أمضوا حياتهم في تعلم مهنة واحدة توارثوها عن آبائهم، وتناقلوها جيلاً إثر جيل حتى أصبحت هوية ملازمة لهم، لكنهم سرعان ما فقدوها عند قدوم التكنولوجيا الحديثة؛ فالمشكلة في هذه الحالة لا تتعلق بمسألة جني المال وإعالة أسرهم، وإنما ترتبط بهويتهم وعملهم الذي أحبوه. ويشعر كاس بقلق شديد حيال هذه المشكلة، ويراها معضلة حقيقية لأولئك الناس.
ينتقل كاس بعد ذلك إلى المشكلة الثالثة المتعلقة بالوجودية، ويقرّ بإمكانية تدريب نموذج يتلاءم مع المصلحة الإنسانية، ويقول إنّ نماذج الذكاء الاصطناعي ستصبح مطالبةً بمرور الوقت بأن تستوفي معايير دولية حتى تنال الموافقة على إصدارها. لذلك لا يوجد سبب يدعوه للقلق من تلك النماذج، ولا يرى مبرراً للقول إنها ستستعبد البشر، لا سيما إذا جرى تدريبها اعتماداً على التجربة الإنسانية.
يستطرد كاس حديثه بالإشارة إلى موضوع الذكاء العام الاصطناعي (AGI)، ويعتقد أنّ العراقيل الثلاثة التي تحول دون بلوغه هي ضعف الحوسبة، وعجز الطاقة، والإفراط في اللوائح التنظيمية. ويقترح بهذا الخصوص أنْ يطلب صناع السياسات من الشركات أن تصدر لائحة بالتأثيرات الاقتصادية السنوية لتبنيها الذكاء الاصطناعي.
يتناول كاس أخيراً مسألة التنافس بين الدول في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو أمر ربما يؤدي إلى سباق تسلح بينها. لأجل ذلك يرى من الضروري أن تتولى الجهات الفاعلة الخيّرة في العالم مهمة تطوير الذكاء الاصطناعي العام (بصرف النظر عن طريقة تحديدها) ومشاركته مع العالم. وحتى ذلك الحين لا بد من إقامة تحالفات دولية ووضع معايير معقولة للذكاء الاصطناعي، بحسب كلام كاس.