الذكاء الاصطناعي سيطور بيئات أكثر تفاعلاً وحيوية ضمن الألعاب
⬤ يسعى المطورون إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الشخصيات غير القابلة للعب (NPCs) ضمن الألعاب بحيث تتفاعل مع سلوكيات اللاعبين.
⬤ تستطيع شخصيات NPCs المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تتكيف مع سلوك اللاعب، وتتعلم من تفاعلاته ضمن اللعبة بما يساهم في تكوين عالم حيوي داخلها.
⬤ يرى بعض المسؤولين التنفيذيين في مجال الألعاب أنّ الذكاء الاصطناعي سيتولى نصف عملية تطوير الألعاب خلال الأعوام الخمسة أو العشرة القادمة.
طرأ على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تقدم كبير خلال الفترة الماضية، وشاع استخدامها في مختلف المجالات والاختصاصات. ويبدو أنّ هذه التكنولوجيا ستدخل بقوة إلى عالم الألعاب لتطوير بعض العناصر، وتحسين تجربة اللعب عند المستخدمين.
تتضمن الغالبية العظمى من ألعاب الفيديو شخصيات غير قابلة للعب (NPCs)، تسكن عوالم الألعاب وتكون جزءاً أساسياً من تجربة اللعب، لكنها تؤدي وظيفتها وفق سيناريوهات محدودة فقط. ومع ذلك يمكن استغلال قدرات الذكاء الاصطناعي لتحسين هذه الشخصيات، وهو ما يتضح بجلاء في الشراكة بين مايكروسوفت وشركة Inworld AI للذكاء الاصطناعي.
يقول كيلان غيبس، كبير مسؤولي المنتجات والمؤسس المشارك لشركة Inworld AI: «إننا نبتكر تقنية تتيح للشخصيات غير القابلة للعب أن تؤدي أموراً أكثر تتجاوز أدوارها ومهامها المحددة سلفاً، وأن تستطيع التكيف مع سلوك اللاعب، وتتعلم من تفاعلاته ضمن اللعبة، وتساهم في تشكيل عالمٍ نابض بالحياة. ولا يعد هذا الأمر مجرد قفزة تكنولوجية فحسب، بل إنّه يشكل نقلة نوعية في تجربة اللاعبين وانغماسهم في اللعب».
يعد هذا الأمر فرصة سانحة لشركات الألعاب والمطورين؛ فالانتقال من الحوارات المكتوبة مسبقاً إلى حوارات ديناميكية معتمدة على تصرفات اللاعبين سيزيد انغماسهم في الألعاب بما ينعكس إيجاباً على الإيرادات وإعادة اللعب وغيرها. وفي هذا الصدد يقول جون سبيتزر، نائب رئيس قسم تكنولوجيا التطوير والأداء في Nvidia: «يولي جميع المطورين في الآونة الأخيرة عنايتهم بتأثير الذكاء الاصطناعي على عملية تطوير الألعاب».
يرى غيبس من جهته أنّ التكنولوجيا المستخدمة لتطوير شخصيات NPCs المزودة بالذكاء الاصطناعي ستشكل حافزاً لإطلاق عصر جديد من سرد القصص واللعب المبتكر في عالم الألعاب. كذلك يقول بينج جوردون، وهو مستشار لدى شركة Inworld: «سيمكننا الذكاء الاصطناعي من تطوير عوالم غامرة وحيوية، وإنشاء سرديات متطورة تأخذ اللاعبين إلى دنيا من القصص الخيالية. كذلك إذا نجح الذكاء الاصطناعي بالتأثير على آليات اللعبة الأساسية، فقد يعزز مشاركة اللاعبين وانخراطهم في اللعبة، ويجذبهم أكثر نحو عالمها».
يرى أندرس كريستوفرسون، وهو شريك في شركة Bain & Company، أنّ إنشاء مسودة قصص الألعاب وحوارات شخصيات NPCs من المهام التي يستطيع الذكاء الاصطناعي التوليدي أداءها بسرعة كبيرة، مما يمنح المطورين وقتاً أطول للتركيز على أجزاء أكثر إبداعاً في صناعة الألعاب.
في هذا السياق أجرت شركة Bain & Company دراسة كشفت نتائجها أن الذكاء الاصطناعي يؤدي حالياً بعض الوظائف في عملية تطوير الألعاب، لا سيما خلال مرحلة قبل الإنتاج والتخطيط للمحتوى. ومن المتوقع أنّ يؤدي أدواراً أخرى في تطوير الشخصيات والحوارات والبيئات. وتشير الدراسة إلى توقعات بعض المسؤولين التنفيذيين في مجال الألعاب، فهم يرون أنّ الذكاء الاصطناعي سيتولى نصف عملية تطوير الألعاب خلال 5-10 أعوام. وصحيح أنّ هذا الأمر لا يقتضي بالضرورة خفض النفقات، لكنه يتيح تنفيذ الألعاب بسرعة أكبر وبجودة أفضل.
في الوقت الراهن تركز الشراكة بين مايكروسوفت وInworld على قياس تأثيرات الذكاء الاصطناعي في صناعة الألعاب، لا سيما على صعيدي وقت التصميم والمشاركة في إنشاء الحوارات والسرد. فإذا تضمن إحدى الألعاب آلاف الشخصيات غير القابلة للعب، عندئذ يوفر استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء قصص درامية لكل واحدة منها وقتاً هائلاً خلال التطوير. كذلك قد تطرأ تحسينات كثيرة على تجربة اللعب بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي النشط في أثناء تفاعل اللاعبين مع تلك الشخصيات.
مع ذلك يبدو الهدف الأخير صعب المنال وفقاً لجوليان توجيليوس، وهو أستاذ مشارك في علوم الكومبيوتر والهندسة بجامعة نيويورك، فهو يقول: «أرى أنه يتعذر تنفيذ الأمر بطريقة صحيحة لسببين أولهما مشكلات الهلوسة في نماذج اللغة الضخمة، وثانيهما أنّ الألعاب ليست مصممة لهذا الغرض».
في الأحوال العادية تتصرف الشخصيات غير القابلة للعب بطريقة متوقعة ويسهل التنبؤ بها؛ بل إنّ إمكانية التنبؤ من العناصر الأساسية لألعاب الفيديو. وصحيح أنّ الألعاب ذات النهايات المفتوحة تثير حماس اللاعبين نظراً لاحتمالاتها الهائلة، لكنها تستلزم دمج قدر كبير من التحكم وقابلة للتنبؤ حتى تعمل بنجاح. لهذا يشكل انعدام إمكانية التنبؤ عائقاً أمام استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع في صناعة الألعاب، وهو أمر يستلزم ولا ريب توازناً دقيقاً للنجاح.