للمرة الأولى في التاريخ، تنفيذ عملية جراحية ناجحة لزراعة عين بشرية كاملة
- نجح جراحون في الولايات المتحدة الأمريكية في زرع عين جديدة لشخص فقد إحدى عينيه جرّاء صعقة كهربائية.
- بدت العين الجديدة سليمة بعد إتمام العمل الجراحي، لكن المريض لا يستطيع حتى الآن فتح جفنيه ولا تحريكها.
- ليس من المعروف إن كان المريض سيتمكن من الرؤية بعينه الجديدة بعد، لكن العملية إنجاز هام على أي حال.
استطاعَ فريق من الجراحين زراعة عينٍ بشرية كاملة لأحد المصابين، وهو أمرٌ يحدث للمرة الأولى في التاريخ البشري. ومع ذلك يظل من المبكر حالياً تحديد إنْ كان المريض قادراً على الإبصار في عينه المزروعة حديثاً.
وتعرض آرون جيمس- وهو الشخص الذي خضع لعملية الزراعة- لإصابة جرّاء صعقة كهربائية شوهّت وجهه وعينه اليسرى، لكنّه ظل مبصراً في عينه اليمنى. وكان فريق الجراحين من جامعة NYU Langone Health يأملون أن تساهم زراعة العين الجديدة في تحسين منظر الوجه، وذلك عبر إجراءات لدعم محجر العين والجفن، وأعلنوا يوم الخميس الفائت أنهم بصدد تنفيذ ذلك، وقالوا إنّ جيمس يتعافى بوتيرة جيدة من تداعيات عملية الزرع المزدوجة التي خضع لها في شهر مايو الماضي، وأكدوا أنّ العين الجديدة تبدو سليمة.
وسبق لجيمس أن صرّح قائلاً: “أشعر بأنّ حال العين حسنةٌ؛ صحيح أنني لا ستطيع تحريكها حتى الآن، ولا أستطيع أن أرمش بعدُ، لكنني بدأ الإحساس ينتابني الآن”. وأضاف جيمس كذلك: “لا بد من بدايةٍ لكل شيء، ولا بدّ من وجود شخص يكون أولّ الخاضعين لهذه التجربة، فربما نتعلم منه معلومات تفيد الأشخاص الآخرين لاحقاً”.
وفي الوقت الراهن شاعت بكثرة عمليات زرع القرنية لعلاج أشكال معينة من فقدان البصر، غيرَ أنّ زرع عين بشرية بكامل أعضائها، بدءاً بمقلة العين وإمداداتها الدموية وانتهاء بالعصب البصري الواصل للدماغ، هي نجاح كبير على طريق علاج حالات العمى. وقد صرّح الطبيب إدواردو رودريجيز، رئيس قسم الجراحة التجميلية بجامعة نيويورك، وقائد فريق الجراحين المشارك في عملية الزرع: “لا ندعي أننّا سنعيد حاسة البصر للمريض، لكنها ولا ريب خطوة أخرى تقربنا من هذه الغاية”.
وكان بعض الاختصاصين يخشون أن تنكمش العين المزروعة بسرعة مثل الزبيب، لكن حينما فتح رودريجيز الجفن الأيسر لجيمس في الشهر الماضي، بدت العين الجديدة ممتلئة بالسوائل، ولاحظ الأطباء كذلك تدفقاً جيداً للدم، ولم يروا أي علامات تدل على عدم تقبل الجسم للعين الجديدة.
وقال الدكتور جيفري جولدبيرج، رئيس قسم طب العيون في جامعة ستانفورد: “هذه العملية إثبات مذهل لصحة التجارب التي أجريت على الحيوانات، والتي ظلّت في العيون المزروعة على قيد الحياة”. وأضاف جولدبيرج أنّ العقبة البارزة الآن هي إعادة نمو العصب البصري، وهو أمر يخضع للدراسة حالياً في التجارب على الحيوانات.
وعلى كل حال أدرج الأطباء جيمس في لائحة الانتظار الوطنية لزراعة الأعضاء في أمريكا لمدة 3 أشهر، ثم عٌثِرَ بعدها على متبرع مطابق. ودامت العملية الجراحية 21 ساعة، وربط الجراحون خلالها العصب البصري من الشخص المتبرِّع مع بقايا العصب البصري الأصلي لدى جيمس، وحقنوا كذلك خلايا جذعية من المتبرِّع آملين بذلك تحفيز عملية إصلاح العصب.
وفي الشهر الماضي استبشر الأطباء بشفاء أعصاب الوجه لدى إحساس جيمس ببعض الوخزات، لكنه ما يزال عاجزاً عن فتح جفنيه، لذلك يضع رقعة على عينه لحمايتها. وفي أثناء أحد الفحوصات الروتينية، ضغط رودريجيز على عين جيمس المغلقة، فشعر ببعض الإحساس في منطقة الأنف لا الجفن، ولاحظ الطبيب كذلك بعض الحركات الخافتة في العضلات المحيطة بالعين.
بعد ذلك خضع جيمس لسلسلة من الفحوصات التي أجرتها طبيبة العيون فايدهي ديدانيا، فكشفت عن وجود ضرر في الشبكية الحساسة للضوء، لكنّ الفحوصات أكدت أيضاً وجود عدد كاف من خلايا المستقبلات الضوئية، التي تحول الضوء إلى إشارات كهربائية، وهو خطوة مهمة لتكوين حاسة البصر.
ويتولى العصب البصري نقل هذه الإشارات من العين إلى الدماغ لتفسيرها. ويبدو جلياً أنّ هذا العصب لم يشفَ حتى الآن لدى جيمس، لكن حينما جرى تسليط الضوء على العين الجديدة في أثناء الفحص بالرنين المغناطيسي، لاحظ الأطباء بعض الإشارات في الدماغ. وقد أثار هذا الأمر حماس الباحثين وحيرتهم في الوقت عينه، علما بأنّها ليست الإشارات المعتادة في حالات الرؤية، لذلك يستلزم الأمر وقتاً أطول ودراسات أكثر لبلوغ نتائج مرضية.