الحكومة الأمريكية: جوجل تنفق 10 مليارات دولار سنوياً لاحتكار مجال البحث
⬤ اتهمت وزارة العدل الأمريكية شركة جوجل بأنها تحتكر سوق البحث على الإنترنت وتتبع سلوكاً معادياً للمنافسة.
⬤ وفق الاتهام، تنفق جوجل أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً لقتل المنافسة والحفاظ على مكانها على رأس مجال البحث.
⬤ يقدر الخبراء أن المبلغ الحقيقي أضعاف المقدر حتى، مما يدفع القضية لتكون أكبر قضية احتكار تقني حتى الآن.
شهدت الأيام الأخيرة صراعاً حامي الوطيس بين الحكومة الأمريكية من جهة، وبين شركة جوجل من جهة أخرى؛ إذ زعمت الحكومة الأمريكية أنّ جوجل تدفع سنوياً مبلغاً قدره 10 مليارات دولار أمريكي لشركات أخرى، وذلك بغرض المحافظة على مكانتها في مجال التكنولوجيا باعتبارها محرك البحث المهيمن في العالم.
وقال محامو وزارة العدل الأمريكية عند انطلاق أكبر محاكمة لمكافحة الاحتكار منذ ربع قرن، إنّ جوجل استغلت هذه الهيمنة والاحتكار لما يزيد عن عقد من الزمن. وتسعى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إلى إحلال منافسة حقيقية ومجدية لجوجل، وذلك صفقاتها التي تقدر بمليارات الدولارات مع آبل وغيرها من شركات التكنولوجيا الأخرى، التي تعتمد محرك البحث جوجل محركاً افتراضياً في أجهزة الهواتف لديها ومتصفحات الويب.
وفي هذا السياق، يقول كينيئ دينتزر، محامي الحكومة الأمريكية الذي سبق له الادعاء بأنّ جوجل استغلّت هذه الصفقات لتفادي أي منافسة حقيقية في السوق: “هذه القضية مرتبطة بمستقبل شبكة الإنترنت، والبحث في احتمال مواجهة مرحك البحث جوجل لأي منافسة حقيقية في المستقبل”.
وعلى العموم يشكل مبلغ المليارات العشرة التي تدفعها جوجل حسب ادعاءات الحكومة ما يقرب من 6% من إيراداتها من محرك البحث خلال السنة الماضية. وتشير بعض المزاعم إلى أنّ جوجل دفعت لآبل مبلغاً يتراوح بين 4-7 مليارات دولار أمريكي في عام 2020، على أن يكون جوجل هو محرك البحث الافتراضي في متصفح الويب بأجهزة الآيفون.
ويرى بعض المحللين والخبراء أنّ هذه الأرقام في الواقع أقلّ بكثير من المبالغ الحقيقية التي تدفعها جوجل لآبل؛ إذ يقدر بعضهم أنّها تعطيها زهاء 20 مليار دولار سنوياً. ومن المعروف أن جوجل تستحوذ على 9 من أصل 10 عمليات بحث على الإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي إلى ذلك تعزو هيمنها في هذا المجال إلى رغبة المستخدمين الذين يفضلون استعمال محرك بحث جوجل بدلاً من محركات البحث الأخرى، فهي ترفض إرجاع هذه الهيمنة إلى المبالغ المالية التي تدفعها للشركات الأخرى.
ولا شكّ أن هذه القضية هي أكبر محاكمة لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن رفعت وزارة العدل دعوى قضائية بحق شركة مايكروسوفت عام 1998. ومن البديهي القول إنّ لانتصار الحكومة الأمريكية على جوجل تداعيات هائلة على شبكة الإنترنت، وقد يشكل دفعة قوية لمحرك البحث بينج التابع لمايكروسوفت، الذي يراه كثيرون أبرز منافس لمحرك بحث جوجل. أما انتصار شركة جوجل في هذه القضية، فربما يُفضي إلى دعوات جديدة لتحديث قوانين مكافحة الاحتكار.
ومن المقرر أن تشهد المحكمة، التي تستمر لشهرين، تقديم بعض الأدلة الداحضة لهذه المزاعم من طرف المسؤولين التنفيذيين في جوجل، وفي مقدمتهم الرئيس التنفيذي ساندر بيتشاي. وأيضاً ستدلي بعض الشخصيات البارزة في شركتي مايكروسوفت وآبل بشهادتهم في هذه المحكمة. ومن المتوقع أن يصدر حكم المحكمة في مطلع العام المقبل. ولا شك أنّ الولايات المتحدة لا تدخر جهداً لمنع جوجل من توقيع عقود حصرية مشابهة، وبذلك يخضع محرك البحث جوجل لمنافسة حقيقية من الآخرين.
وكان جون شميدتلين، محامي شركة جوجل، قد قال إنّ شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل آبل، تجعل جوجل محركَ البحث الافتراضي في أجهزتها لأنها تراه ببساطة “الخدمة الأفضل”، خاصة أن عملاء تلك الشركات قادرون على استخدام متصفحات أخرى بكل سهولة. وقال شميدتلين: “يعرف العملاء طريقة تغيير الإعدادات الافتراضية في أجهزتهم، وبذلك يستطيعون استخدام محرك بحث آخر إن شاءوا”.
وأضاف المحامي أيضاً إن حصّة محرك البحث بينج ضئيلة جداً في هذا المجال، حتى في أجهزة الكومبيوتر التي تعمل بنظام ويندوز التابع لمايكروسوفت، والتي يكون فيها محرك البحث الافتراضي بدلاً من جوجل. وهنا اختتم شميدتلين كلامه بعبارة فيها سخرية مبطنة: “لا يسعك ضمان النجاح إن كان منتجك أقل جودة من الآخرين”.