العلماء يعيدون إنتاج أغنية بـ “قراءة دماغ” مرضى استمعوا لها سابقاً أثناء الجراحة
⬤ باستخدام الذكاء الاصطناعي، نجح العلماء في إعادة إنتاج أغنية فقط من تسجيلات موجات دماغية.
⬤ كانت الأغنية المعاد إنتاجها “مكتومة” نسبياً، لكن ألحانها وإيقاعها كانا واضحين وقابلين للتمييز.
⬤ أثارت التجربة القلق من كون التقنية قد تتطور إلى مرحلة تسمح بقراءة الأفكار من الأمواج الدماغية.
لأول مرة في التاريخ، أعاد علماء إنتاج أغنية من تسجيلات للموجات الدماغية فقط. إذ قام علماء في جامعة كاليفورنيا بإعادة إنتاج أغنية Another Brick in the Wall لفرقة بينك فلويد بشكل قريب من الأغنية الأصلية، وذلك عن طريق قراءة النشاط الكهربائي لأدمغة مرضى يستمعون للأغنية أثناء خضوعهم لعملية جراحية لعلاج الصرع.
يأمل العلماء من هذه التجربة أن يساعدوا المرضى الذين يصعب عليهم الكلام على استعادة الطابع الموسيقي لكلامهم الطبيعي، بالأخص المرضى الذين يعانون من حالات شلل عصبي نتيجة أمور مثل السكتات الدماغية أو التصلب الجانبي الضموري (ALS) وهو المرض الذي كان الراحل ستيفن هوكينغ مصاباً به.
على الرغم من تمكّن نفس هؤلاء العلماء سابقاً من إعادة إنتاج الكلام – وحتى الكلمات المُتخيلة الذي يخترعها الدماغ – من تسجيلات دماغية فقط، فكان كل هذا الكلام المعاد إنتاجه ذو وتيرة ونغمة روبوتية بشكل عام. وقال البروفيسور روبرت نايت، طبيب الأعصاب بجامعة كاليفورنيا الأمريكية، الذي أجرى التجربة مع زميل أبحاثه لودوفيكو بليير: “الموسيقى، بطبيعتها، عاطفية ونغمية – فلها إيقاعات وحركات ولهجات ونغمات متباينة. وتتغير وفق مجموعة أكبر بكثير من العوامل مقارنة بالكلام وأصواته المحدودة، مما يمكن أن يضيف بُعداً آخر إلى ترجمة الكلام من الموجات الدماغية.”
بينما قامت تجارب العلماء السابقة بقراءة الموجات الدماغية من القشرة الحركية المسؤولة عن التكلم في الدماغ، وهي المنطقة التي تتحكم في العضلات الدقيقة للشفتين والفك واللسان والحنجرة، استخدمت تجربتهم الأخيرة تسجيلات لموجات الدماغ من المناطق المسؤولة عن السمع في الدماغ، أي المنطقة التي يتم فيها معالجة الأصوات بجميع جوانبها.
فخلال التجربة، قام الفريق بتحليل تسجيلات لموجات أدمغة 29 مريضاً خلال استماعهم لثلاث دقائق تقريباً من أغنية بينك فلويد. وتم التسجيل عن طريق وضع أقطاب كهربائية مباشرة على سطح أدمغتهم أثناء خضوعهم لعملية جراحية لعلاج الصرع. ثم استخدم العلماء الذكاء الاصطناعي لقراءة التسجيلات وإعادة إنتاجها إلى أصوات وكلمات. وعلى الرغم من أن النتيجة كانت أصواتاً مكتومة للغاية، فكانت إحدى جمل الأغنية ظاهرة بشكل قابل للتمييز وكانت إيقاعاتها وألحانها واضحة.
على الرغم من أن التجربة اعتمدت على تسجيلات تمت خلال استماع المرضى للموسيقى وليس أثناء تخيلهم أو تذكرهم لها، فقد تمهد الطريق إلى استخدم واجهات الدماغ الحاسوبية لتحويل الموسيقى المتخيلة إلى موسيقى حقيقية في المستقبل. إنه وقت مثير. كما حدد بحث العلماء الذي تم نشره في مجلة PLoS Biology مناطق جديدة من الدماغ تشارك في الإحساس بالإيقاع، وأكد البحث أن الجانب الأيمن من الدماغ كان أكثر انسجاماً مع الموسيقى من الجانب الأيسر.
مع تطور تقنيات تسجيل نشاط الدماغ، قد يصبح من الممكن أيضاً إجراء مثل هذه التسجيلات دون الحاجة إلى الجراحة، ربما باستخدام أقطاب كهربائية حساسة متصلة بفروة الرأس وليس مباشرة بسطح الدماغ. إذ أعلن علماء في جامعة تكساس في أوستن أنهم تمكنوا من ترجمة نشاط دماغي إلى تدفق مستمر من النص باستخدام مسح رنين مغناطيسي للدماغ ودون جراحة. لم يكن النظام قادراً على ترجمة الكلمات بدقة، ولكن كانت النصوص الناتجة واضحة بما يكفي لفهم معنى الجمل العام.
قد تساعد مثل هذه الدراسات عن طرق معالجة الدماغ للموسيقى والكلام في تطبيقات عملية أخرى، مثل المساعدة على فهم مرض حبسة بروكا؛ وهو مرض يُفقد الأشخاص قدرتهم على التكلم والنطق بشكل صحيح، ولكن لا يفقدهم قدرة الغناء ونطق كلمات الأغاني بسهولة.