مقال ضيف بقلم شرجيل بشير (Shrgiil Bashir)، رئيس الاستدامة في بنك أبو ظبي الأول (FAB).
خلال حدث “إكونوميست إمباكت” (The Economist Impact) التمهيدي لقمة الأمم المتحدة للمناخ (COP27) الذي استضافه بنك أبو ظبي الأول (FAB) في 6 أكتوبر من العام الجاري، اجتمعت مجموعة من ألمع قادة العالم في العمل البيئي منهم بيل غيتس، والمبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشؤون المناخ جون كيري، إضافة إلى عدد من أبرز الشخصيات الإماراتية في مجال الأعمال والبيئة، مثل سمو الشيخة شما بنت سلطان المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة التحالفات للاستدامة العالمية، وهناء الرستماني الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك أبوظبي الأول، ومحمد الرمحي الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”.
وفي لحظة بارزة خلال الحدث، شرح جون كيري عن رؤيته العملية لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري قائلاً: “نعيش لحظة محمسة حقاً… وهذه فرصة لنحدث تحولاً اقتصادياً ضخماً بحجم الثورة الصناعية.”
لكن عاد كلام جون كيري إلى الواقع بعدها عندما قال: “يحتاج تحقيق صافي الانبعاثات الصفري إلى حوالي 4 تريليون دولار أمريكي، وهذا غير ممكن دون دعم من القطاع الخاص. فبالكاد توجد دولة في العالم لديها المال الكافي لتحقيق ذلك. وأنا أؤمن بشدة أنه لا يمكننا تحقيق صافي الانبعاثات الصفري دون القطاع الخاص.”
من وجهة نظري، ستكون البنوك هي التي تقود مشاركة القطاع الخاص التي تحدث عنها جون كيري، فهي تتميز بمكانة فريدة تصلها بجميع القطاعات والأفراد تقريباً.
وحتى الآن، تعمل البنوك على تسهيل مشاركة القطاع الخاص في تحقيق صافي الانبعاثات الصفري، وسيتوسع ذلك على نطاق أكبر مع زيادة دور المؤسسات المالية حول العالم في مساعدة الشركات على مناقشة طموحاتها وأهدافها المتعلقة بالبيئة والحياد المناخي في السنوات القادمة.
بالتحديد، تقدم البنوك استشارات استراتيجية نحو الاستدامة وتمول الاستدامة المبتكرة، مما يمكن البنوك من التأثير على القطاع الخاص من خلال تمويل الاتجاه المستقبلي لأمور مثل إمدادات الطاقة، والبناء، والنقل، والنفايات، والماء، والغذاء.
كما أعتقد أن قمة الأمم المتحدة للمناخ (COP27) لهذا العام ستؤكد على أهمية التمويل لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري.
ونحن في بنك أبو ظبي الأول، بصفتنا البنك الرائد في دولة الإمارات العربية المتحدة، نمضي قدماً ونلعب دوراً حاسماً في الجهود الرامية إلى تعزيز الجهود المناخية من خلال مشاركتنا وشراكاتنا الاستباقية مع عملائنا الأفراد أو الشركات، والحكومة الإماراتية، والجهات التنظيمية.
كما نعمل بالتعاون مع الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في القطاع الخاص في دولة الإمارات، ونساعدها على إطلاق إمكانات جديدة وإعادة تعريف عوامل مشاركتها في جهود تحقيق صافي الانبعاثات الصفري، وفهم الفرص التي يوفرها ذلك.
يشمل ذلك فهمنا احتياجات القطاع الخاص المتنوعة والمحددة وتخصيص حلول لتلبية متطلبات القطاع على أفضل وجه.
يتمثل جزء كبير من ذلك في الاستثمارات الاستراتيجية المرتبطة مباشرة بالحلول المستدامة. حيث كان بنك أبو ظبي الأول رائداً في مجال التمويل الأخضر منذ أن أصدرنا أول سند أخضر في المنطقة في عام 2017. لكن عملنا أبعد من مفهوم “التمويل”، فهو يشمل الخدمات الاستشارية والتوعوية التي نقدمها إلى المجتمعات التي نخدمها، كما نعمل على قياس مستوى انبعاثات غازات الدفيئة في السوق.
في بنك أبو ظبي الأول، نجمع بين العمل قصير المدى والرؤية طويلة المدى. فقد أحرزنا تقدماً ملموساً مؤخراً ووضعنا أهدافاً واضحة فيما يتعلق بالجهود المناخية. وقبل حوالي عام، كُنا أول بنك إماراتي وإقليمي ينضم إلى تحالف المؤسسات المصرفية نحو صافي الانبعاثات الصفري (NZBA) – وبذلك التزمنا بتحقيق صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050. إلى جانب ذلك، قمنا بتحديد هدف للتمويل الأخضر بقيمة 75 مليار دولار أمريكي للفترة ما بين 2022 و2030.
إضافة إلى ذلك، نعتقد أن توفير المعلومات والشفافية مهمان جداً لدفع الجهود المناخية اللازمة لتحويل الطموح إلى واقع. وتحديد هذه المعايير بالغ الأهمية في مساعدة المستثمرين على تقييم المخاطر والفرص وراء مشاريع البيئة والاستدامة، والذي بدوره سيوجه التمويل نحو المشاريع المستدامة طويلة المدى.
ولتحقيق التغيير المنهجي المطلوب في مختلف الاقتصادات العالمية، سنحتاج أن تبذل كل مؤسسة أقصى جهودها؛ كما سنحتاج إلى تنسيق العمل بين القطاعين العام والخاص ليضع كل قرار مالي البيئة والمناخ في عين الاعتبار، خاصة أن أكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي مغطى بتعهد لتحقيق صافي انبعاثات صفري وفقاً لجامعة أكسفورد.
تتجه الأنظار الآن إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع استضافتها لقمة الأمم المتحدة للمناخ (COP27) في شرم الشيخ في مصر، والقمة التالية (COP28) في الإمارات العربية المتحدة. وربما حان الوقت الآن لتحويل المبادئ إلى تقدم دائم. ونحن في بنك أبو ظبي الأول مستعدون للقيام بدورنا لتحويل الأزمة البيئية إلى فرصة هائلة من شأنها أن تفيد البشرية وكوكب الأرض على حد سواء.