التوجهات الاجتماعية التي ستصيغ شكل الأعمال عام 2022 وما بعده
بقلم ديريا ماتراس، نائب رئيس الشرق الأوسط، أفريقيا، وتركيا لدى “ميتا”:
منذ بداية عام 2021، استمرت التغيّرات الناتجة عن تأثير الوباء العالمي على السلوك الرقمي بسرعة لافتة. لكن بقي توجّه واحد هو الثابت في مجال الأعمال، حيث يستمر الأفراد بتفضيل التفاعل الإنساني والشخصي والسلس مع الشركات والعلامات التجارية.
بينما نعيش مطلع عام 2022، تظهر ثلاث توجهات أساسية بنظري في ما يتعلق بطريقة ممارستنا للأعمال على وسائل التواصل الاجتماعي وهي: التعاون بين المبتكرين، والتجارة الشاملة، والاستعداد للميتافيرس. في ما يلي ما تحتاجون إلى معرفته حولها.
التعاون بين المبتكرين
بحسب تقارير، يوجد قرابة 50 مليون مبتكر محتوى حالياً حول العالم، وقد بنى مبتكرو المحتوى اقتصادهم المزدهر الذي تقدّر قيمته بأكثر من 100 مليار دولار. كما نمى عدد صانعي المحتوى الذين يكسبون أكثر من 10000 دولار شهرياً بنسبة 88 بالمئة بين عامي 2019 و2020.
يعد مبتكرو المحتوى مهمين للشركات لأنهم يخاطبون جماهيرها باللغة المنصات الاجتماعية ويعرفون كيف يحصلون على تجاوب كبير من هذه الجماهير، سواء كانوا يعدّون وصفة طعام جديدة أو يتناولون موضة جديدة في السوق. ويمكن لصانعي المحتوى أن ينشئوا علاقات ثمينة مع العلامات التجارية من خلال التعاون معها في الحملات بالإضافة إلى بناء مجتمعاتهم الخاصة. كما بات بعضهم علامات تجارية بحد ذاتها، إذ يحصدون تفاعلاً كبيراً يجعلهم مسارات بيع تجزئة قوية وفعالة.
استوحيت الكثير من الهدايا التي قدمتها خلال الأعياد من المبتكرين الذين أتابعهم على انستجرام وفيسبوك، ولا شكّ أنكم فعلتم مثلي. حيث تشير التقديرات إلى استخدام حوالي ثلثي المتسوقين لوسائل التواصل الاجتماعي ضمن استراتيجية التسوق الخاصة بهم، كما يثق 63% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً بآراء المؤثّرين بالعلامات التجارية أكثر من أقوال العلامة التجارية في الإعلانات.
يعد المبتكرون سبّاقين من حيث التجربة والابتكار للتواصل مع جماهيرهم باستخدام الواقع الافتراضي والمعزز مثلاً ويحققون نتائج مبهرة. ولنأخذ مثلاً الحملة التي عملنا عليها مع “موبايلي” و “ميكلاب” (شريك التسويق على فيسبوك) لتطوير فلاتر مميزة للواقع الافتراضي خلال شهر رمضان العام الماضي. إذ جرى ترويج فلاتر الواقع المعزز في حملة على فيسبوك سمحت للمستخدمين في المملكة العربية السعودية بمشاركة مجموعة متنوعة من الوجوه التعبيرية ومنحهم الفرصة لتجربة لعبة هاتف صغيرة كمكافأة محتملة. وكان هدف الحملة هو زيادة الوعي حول أهمية تعزيز مشاعر الإيجابية والسعادة خلال هذه المدة المميزة من العام وربط شركة “موبايلي” بفكرة أن كل ابتسامة هي هدية تستحق المشاركة.
يعدّ الفيديو أيضاً وسيلة مهمة للمبتكرين، حيث يشكّل الفيديو اليوم قرابة نصف وقت المستخدمين على فيس بوك. كما أصبحت أداة Reels على تنستجرام أكبر مساهم في نمو التفاعل على المنصة. وفي “ميتا” نحرص على تسهيل إنشاء محتوى الفيديو الممتاز على الأشخاص وتسهيل العثور عليه ومشاهدته على كافة منصاتنا بالإضافة لجعل Reels جزءاً أساسياً من هذه التجربة.
تمتلك الشركات اليوم العديد من الطرق المتاحة للوصول إلى الأشخاص عبر “ميتا” والتواصل معهم باستخدام الفيديو، ويشمل ذلك إعلانات “مسنجر” والبث المباشر والتجربة الفورية للمنتجات. كما يمكن للعلامات التجارية السماح للعملاء بشراء منتجاتها من الفيديو مباشرة، كما يساعد الواقع المعزز على توفير تجربة تسوق غامرة.
في عام 2022، سيتوسع اقتصاد المبتكرين وسيكون فهم الشركات له مهماً بشدة: كيف يعمل هؤلاء المبتكرون، ما هي الأدوات واللغة المرئية التي يستخدمونها، وكيف يكون التعاون معهم؟
التجارة الشاملة
لا تعد التجارة إضافة جديدة على منصاتنا الاجتماعية. هل تذكرون منشوراتكم عن تذاكر حفلات لا يمكنكم استخدامها وشراء صديق لكم لها؟ لكن أدى وباء كوفيد-19 إلى تسريع نمو التسوّق عبر الإنترنت وتحسين منظورنا إليه. وبعدما اعتدنا التفكير النفعي والبحث عن شيء محدد لنشتريه، فنحن نريد أن نجد مصدر إلهام الآن وأن نكتشف أشياء جديدة يمكن أن نشتريها عبر الإنترنت.
في “ميتا،” نسعى لتوفير تجربة أكثر تخصيصاً وسلاسة للعملاء عبر منصاتنا؛ بداية من اكتشاف منتج وحتى وصوله إلى المنزل. نرغب بتقديم تجربة شاملة ومتكاملة. لذا عندما أدى وباء كوفيد-19 لإغلاق المتاجر، أطلقنا خاصية Shops “المتاجر” عبر مجموعة تطبيقات “ميتا،” وهي واجهة رقمية لمتاجر الشركات. حيث تسهّل خاصية Shops إنشاء متجر افتراضي ومن ثم استخدامه للبيع عبر الإنترنت. كما أنها تساعد الأشخاص على اكتشاف علامات تجارية ومنتجات جديدة يحبونها ضمن بيئة يصرفون الكثير من وقتهم ضمنها. تحتوي منصاتنا المختلفة أكثر من 1.2 مليون متجر ناشط شهرياً وأكثر من 300 مليون زائر شهري لهذه المتاجر اليوم. وبعد إطلاق Shop على فيسبوك وانستجرام، بات يمكن للأشخاص العثور على منتجات من المؤسسات التي يحبونها واكتشاف منتجات جديدة بسهولة، وكل ذلك في مكان واحد ومتجر شامل.
تريد الشركات توفير تجربة تسوق تهمّ المستهلكين دون الحاجة لاحتكاك مباشر، كما نريد توفير تجربة تسوّق مخصصة تماماً كما حائط الأخبار الخاص بكم. ولهذا أطلقنا إعلانات المتاجر Shops ads التي تقدم إعلانات فريدة قائمة على تفضيلات التسوق لدى المستخدمين. وعلى سبيل المثال، نحن نختبر قدرة الإعلانات على إيصال المتسوقين إلى أكثر الأماكن التي يرجّح أن يشتروا منها وفق سلوك تسوقهم، مثل المنتجات المخصصة التي قد تغريهم من أحد المتاجر على المنصة أو على موقع شركة ما. ويعتمد ذلك على الأدوات المتاحة للشركات، بما يتضمن الإعلانات مع علامات المنتج التي تساعد الشركات على نقل العملاء من الاكتشاف إلى الشراء.
كذلك، نرى أنّ التقنيات الغامرة مثل الواقع الافتراضي والمعزز ستصبح أساس التسوق في المستقبل، إذ ستضيف إمكانية اختبار المنتجات قبل شرائها، وهي تجربة لطالما كانت صعبة التطبيق في التجارة الإلكترونية.
كما ستتيح تقنيات المستقبل مثل الواقع الافتراضي والمعزز فرصاً جديدة للزبائن والبائعين ليتواصلوا بطريقة جديدة. تخيّلوا أن تحول الشركات متاجرها على فيسبوك وانستجرام إلى مساحة افتراضية ضمن الميتافيرس بحيث يستطيع الأشخاص تجربة منتجاتها وعلامتها التجارية بشكل مشابه لما يمكنهم فعله في المتجر الواقعية.
على المدى القريب، سيختبر الأشخاص الميتافيرس من خلال التطبيقات ثنائية الأبعاد. ولذلك، لا بدّ أن تستمر العلامات التجارية بالتركيز على بناء قنوات تجارية جديدة على فيسبوك أو انستجرام أو واتساب أو مسنجر في الوقت الحالي، حيث ستكون العناصر الأساسية التي ستساعدها على تنمية أعمالها في الميتافيرس في المستقبل.
الاستعداد للميتافيرس
ما هي آثار الميتافيرس (الإنترنت الذي تتواجدون ضمنه بدلاً من مشاهدته) على الشركات؟ الجواب المختصر هو أنها آثار كبرى. برأيي، يعرض الميتافيرس واحدة من أهم الفرص التجارية منذ إطلاق الإنترنت. حيث لن يكون مجرّد مكان لقضاء الوقت فيه مع أصدقائكم فحسب، بل سيكون مكاناً للعمل والابتكار والتسوق وغير ذلك أيضاً.
باتت بعض التقنيات التي ستشغّل الميتافيرس مثل Ray-Ban Stories (أول نظارات ذكية نبتكرها) وWorkrooms الذي يتيح لكم العمل مع آخرين في الواقع الافتراضي. مثلاً ستسمعون الشخص الذي يتحدث إلى يساركم بوضوح أكبر عندما تديرون رأسكم ناحيته في الميتافيرس. وفي حال كنتم ترون خلفيات Zoom على أنها، فقط جرّبوا استضافة اجتماع على سطح القمر.
تجربة العناصر المبكرة التي يقدمها الميتافيرس هي طريقة مميزة لاستعداد الشركات لوصول الميتافيرس بعد خمس أو عشر سنوات من الآن. جربوا لعب لعبة Beatsaber؛ أو مكياج شارلوت تيلبوري باستخدام الميزة الواقع المعزز في متجرها على انستجرام. أو استخدموا الواقع المعزز لتختبروا مظهر سيارة هيونداي على طريق بيتكم الخاص، وافعلوا ما قامت به شركات مثل فنادق هيلتون التي دربت موظفيها باستخدام الواقع الافتراضي.
تعد الاحتمالات المبتكرة المتاحة للشركات على المدى الطويل لافتة فعلاً. فقد تصمّم علامة تجارية رمزاً غير قابل للاستبدال NFT للترويج لمنتج فعلي جديد، مما سيسمح للمعجبين بالتفاعل مع العلامة التجارية في الميتافيرس. ويمكن لشركات الخدمات مثل الدهان أو السمكرة تقديم استشارات منزلية في الميتافيرس باستخدام مكالمات فيديو واتساب لمساعدة العملاء. كما ستستطيع مؤسسة ما أن تتعاون مع صانع محتوى لتستضيف فعالية مباشرة له لتعزيز التواصل والمشاركة مع علامتها التجارية.
ستعزز الشركات التي تستغلّ الإمكانيات المبتكرة لمنصاتنا وتتعلّم العمل مع المبتكرين الذين يفهمونها حقاً تجربة عملائها اليوم كما ستكون متصدّرة ومستعدة لواقع الميتافيرس في الغد. فقد اكتشفنا جميعاً العام الماضي أنّ التكنولوجيا في تطور مستمر. وبصفتكم قادة مؤسسات، بيدكم أنتم مواكبتها العام المقبل وما بعده.