شاهد: متاجر ذكية دون موظفين تعتمد على الذكاء الاصطناعي في السويد
قبل قرن من الزمن، كان هناك طريقة وحيدة متبعة للتسوق من أي متجر كان: عليك إخبار موظف بما تريده ليجلبه. لكن مع الوقت وجدت المتاجر أنها تستطيع توفير الكثير من التكاليف بجعل الخدمة ذاتية إلى حد بعيد. وسرعان ما انتقلت معظم المتاجر لتسمح للمشترين بالتجول ضمنها فيما مهمة الموظفين الإجابة على الأسئلة إتمام عملية الشراء. لكن ماذا عن أتمتة هذا الجزء أيضاً؟
هناك منذ سنوات الآن طموحات لإنشاء متاجر ذكية لا تحتاج موظفين أبداً. وحتى أن شركة أمازون العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية لديها محاولتها الخاصة في المجال مع استخدام تقنيات متقدمة. لكن وعلى بعد بضعة آلاف من الكيلومترات هناك شركة سويدية تجرب نفس الأمر، لكن لحل مشكلة حقيقية في الواقع.
تعمل شركة Lifvs السويدية على جعل المتاجر الذكية المصغرة أمراً شائعاً في البلد الأوروبي الشمالي البارد. لكن وعلى عكس مشروع Amazon Go المصمم لتقليل العمالة بالدرجة الأولى، فالهدف هنا هو حل مشكلة كبرى تعاني منها السويد. وفي هذا الموضوع سنتناول المشروع الطموح لهذه الشركة وكيف يعمل وكيف يمكن أن يفيد في أماكن أخرى من العالم.
لماذا تبني شركة Lifvs متاجر دون موظفين أصلاً؟
من حيث المساحة الجغرافية، فالسويد بلد كبير نسبياً في الواقع، لكن عدد سكانه الصغير لا يتناسب مع مساحته. ومن أصل عدد السكان الصغير أصلاً تعيش الأغلبية في المدن في الجنوب. فيما هناك العديد من المناطق الريفية التي يسكنها عدد قليل من الأشخاص فقط بعيداً عن التجمعات المدنية.
تعاني هذه المجتمعات الصغيرة من صعوبة الحصول على الخدمات دون شك، ومن أهمها المتاجر القليلة للغاية. حيث أدى انتشار مراكز التسوق والمتاجر الكبرى لقتل عمل العديد من المتاجر الصغيرة. وبالنسبة للقرى التي لا تمتلك كثافة سكانية تبرر وجود متجر كبير، فقد تبقى دون متجر ضمنها أصلاً.
مهمة شركة Lifvs هي خدمة هذه المناطق الريفية النائية بمتاجر مصغرة تتضمن المنتجات الأساسية ولا تحتاج لموظفين أصلاً. وبالتالي يمكن أن توزع هذه المتاجر بسرعة وفاعلية إلى العديد من المناطق بسهولة.
كيف تعمل متاجر Lifvs أصلاً؟
تأتي متاجر Lifvs المصغرة بقياسين صغيرين بحجم حاويات الشحن القياسية المتعارف عليها عالمياً. حيث تبدو المتاجر مشابهة للغاية للحاويات المنقولة في السفن والشاحنات عادة، وذلك أمر مقصود لتسهيل نقلها وتسهيل تركيبها. وبالمتوسط يتضمن كل متجر 550 نوعاً مختلفاً من المنتجات، مقابل عشرات آلاف المنتجات المتوافرة في المتاجر الكبرى عادة.
الهدف من هذه المتاجر أن تكون صغيرة وتوفر الحاجات الأساسية للزبائن وبالأخص في أوقات الضرورة عندما لا يكون الوصول إلى المتاجر الكبرى متاحاً. لذا فالتركيز هو الأساسيات دون الاكتراث للأمور الثانوية أو التنوع الشديد للمنتجات.
للدخول إلى المتجر على المستخدم تسجيل حساب في التطبيق الخاصة بالشركة وربطه بحسابه البنكي. وعند تسجيل الدخول يفتح الباب ليتمكن الزبون من التجول ضمن المتجر واختيار المنتجات التي يريدها. وعند الرغبة بالشراء يكفي توجيه كاميرا الهاتف إلى الكود على المنتج لخصم سعره من الحساب بسهولة.
على عكس مقاربة أمازون التي تتضمن حساسات على الرفوف لمعرفة متى يتم أخذ كل منتج ومن قبل من. لا تستخدم شركة Lifvs طريقة مشابهة بل تعتمد على قيام المستخدمين بتوجيه الكاميرا إلى الكود لإضافة المنتج إلى مشترياتهم. ومن هنا يظهر أحد التحديات الأساسية: ماذا بخصوص السرقة من المتاجر؟
كيف يتم التعامل مع السرقة من المتاجر؟
يقول أحد مؤسسي الشركة ومسؤول حالي فيها Daniel Lundh أن هدف الشركة هو التركيز على الزبائن بالدرجة الأولى. وأن الشركة لا تريد التركيز على السارقين في الواقع، بل على الـ 99% من الزبائن الذين لا يسرقون المنتجات. لذا لا تقوم الشركة بمتابعة عمليات السرقة بشكل مباشر مثل متاجر Amazon Go، بل تأخذ مقاربة مختلفة.
كل يوم أو عدة أيام يأتي أحد موظفي الشركة إلى المتجر للقيام بالجرد والتأكد من المخزون وتجديده. وهنا يتم اكتشاف النقص والسرقة في حال حصولها. وبالنظر لكون المتاجر تتضمن كاميرات دائماً ولا يمكن الدخول إلى المتجر إلا عبر حساب، فتعقب عمليات السرقة ممكن بسهولة.
على العموم تستهدف الشركة المجتمعات الصغيرة التي يعرف فيها الجميع بعضهم البعض، وحيث يستبعد أن يقوم أحد بمحاولة السرقة من متجر ولو كان دون موظفين خوفاً على سمعته لدى السكان القليلين الآخرين. وبينما يصعب تطبيق مقاربة مشابهة في المدن، فهي فعالة عادة في المناطق الريفية الصغيرة.
كيف يمكن لشركة Lifvs أن تفيد على نطاق عالمي؟
مع أن السويد حالة واضحة للغاية لوجود مجتمعات صغيرة تنقصها بعض الخدمات بسبب العدد القليل للسكان والبعد. فهي ليست الوحيدة أبداً، بل أن هناك حالات مشابة في العديد من الأماكن والدول حول العالم. حيث دائماً ما يكون هناك مجتمعات صغيرة تحتاج لخدمات أساسية لكن حجمها لا يكفي لتشغيل متجر كبير مع عدة موظفين مثلاً. وفي مثل هذه الحالات تبدو تجربة Lifvs الفريدة مثالية.
حيث تطمح الشركة للنمو في بلدها الأم، لكن مصدر حماسها الأساسي هو ترخيص تقنياتها وبالأخص تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين خدمة العملاء واختيار المنتجات والتسعير الذكي لشركات أخرى حول العالم. وبالإضافة للمجال الأساسي المجرب هنا، فمن الممكن توسيع التجربة في الواقع إلى مجالات أخرى مشابهة مثل الصيدليات أو بعيدة حتى لكنها تستفيد من التقنية.
بالنسبة لسكان المدن الذين هم غالبية سكان العالم اليوم، لن تحدث شركة Lifvs ثورة في أي شيء يخصهم حقاً. لكن هذه التقنية والمتاجر كفيلة بتحسين حياة الكثير من سكان المناطق النائية وجعل الأمور أسهل عليهم في الحياة اليومية.