مارك زوكربيرج يشرح سبب عدم إزالة فيسبوك لمنشور الرئيس الأمريكي المثير للجدل
خلال الأيام الماضية، كانت الولايات المتحدة تشهد حالة من الفوضى في العديد من مدنها الكبرى، إذ قادت حادثة قيام شرطي بالتسبب بوفاة مواطن أمريكي من أصول أفريقية بموجة من الغضب كون الأمر لم يكن مبرراً بل أنه أقرب لجريمة قتل واضحة. ونتيجة وقوع ذلك على خلفية أحداث سابقة تضمنت ردود أفعال عنيفة وصلت إلى قتل مواطنين أمريكيين من أصول أفريقية دون مبررات حقيقية، فقد بدأت عدة مظاهرات بغرض “المطالبة بالعدالة” ومحاسبة المذنبين في الحادثة التي هزت أوساط التواصل الاجتماعي والعالم الحقيقي على حد سواء.
بعد بداية المظاهرات المطالبة بالعدالة، أعلن عن اعتقال الشرطي الذي خنق الضحية بوضع ركبته على رقبة المواطن الأعزل لدقائق عديدة مستمرة، لكن هذا الأمر لم يكن كافياً لإيقاف المظاهرات على ما يبدو، وسرعان ما تحول الأمر إلى أعمال شغب على نطاق واسع تضمنت إحراق مركز للشرطة وتدمير وإحراق العديد من المتاجر والممتلكات في المنطقة المحيطة، بالإضافة إلى عمليات نهب جماعية للمتاجر على نطاق واسع.
مع تفاقم الأمور وخروجها عن السيطرة في مدينة مينابولس الأمريكية التي شهدت الحادثة الأصلية، قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر تغريدتين على تويتر، ونفس محتواهما على فيسبوك، حيث كان نص ما نشره ترامب هو:
لا أستطيع الوقوف صامتاً ومشاهدة هذا يحدث لمدينة أمريكية عظيمة: مينابولس. غياب كامل للقيادة. إما أن يقوم العمدة اليساري المتطرف Jacob Frey بتنظيم نفسه وإعادة المدينة إلى السيطرة، أو أنني سأرسل الحرس الوطني وأتم المهمة بالشكل الصحيح.
هؤلاء المجرمون يسيئون لذكرى George Floyd [اسم ضحية الحادثة] ولن أسمح لذلك بالحدوث. تحدثت للتو إلى الحاكم Tim Walz [حاكم ولاية مينيسوتا التي تضم مدينة مينابولس] وأخبرته أن الجيش معه في كل شيء. في حال أية صعوبات سنتولى زمام الأمر، لكن عندما يبدأ النهب يبدأ إطلاق الرصاص. شكراً.
ماذا حصل نتيجة تغريدات ترامب
بعد نشر التغريدة الثانية التي تتضمن عبارة “عندما يبدأ النهب يبدأ إطلاق الرصاص” قام موقع تويتر الذي يستخدمه الرئيس الأمريكي بشكل مكثف عادة بحذف التغريدة، لكن لاحقاً تم إعادة التغريدة مع قفلها خلف تنويه إلى محتواها وأن الموقع لا يسمح بالتحريض على العنف في سياساته، لكنه قام بإعادة التغريدة ولو بشكلها المحدود بسبب أهميتها كونها بياناً صادراً من الرئيس الأمريكي.
بينما قام تويتر بحذف ومن ثم إعادة وقفل التغريدة الثانية، لم يفعل موقع فيسبوك أي شيء حيال الأمر مما تسبب بردود فعل متباينة، إذ انقسم الجمهور بين مؤيد لقرار تويتر وشاجب لكون فيسبوك أبقى المنشور، والطرف الثاني ذي الموقف المعاكس.
بعد الجدل حول منشور الرئيس الأمريكي وعدم إزالته من فيسبوك، قام مؤسس ورئيس شركة فيسبوك: مارك زوكربيرج بنشر منشور طويل يبرر ضمنه قرار الشركة ولماذا تم إبقاء منشور ترامب كما هو على عكس تويتر.
كيف برر مارك زوكربيرج قرار فيسبوك بإبقاء منشور ترامب؟
تضمن منشور زوكربيرج على حسابه الشخصي (يمكنك مشاهدة المنشور من هنا) الكثير من الكلام عن موقفه الشخصي مما يحصل، وحتى رأيه بما قاله ترامب. لكن الأجزاء الأهم من منشوره والتي تضمنت تبرير موقف الشركة هي التالية:
موقفنا هو أننا يجب أن نشجع أكبر قدر ممكن من التعبير إلا في حال كان مجازفة شبه مؤكدة لحدوث أضرار أو أخطار موجودة بوضوح في السياسات. لقد نظرنا بتمعن إلى المنشور الذي يناقش المظاهرات في مينيسوتا لتقدير إن كان يخترق سياساتنا. على الرغم من أن المنشور يمتلك مرجعاً تاريخياً مقلقاً، فقد قررنا تركه لأن الإشارة إلى الحرس الوطني قصد منها أن تقرأ كتحذير من تصرفات الحكومة. ونحن نعتقد أن الناس يحتاجون لمعرفة إن كانت الحكومة تخطط لاستخدام القوة.
سياستنا حول التحريض على العنف تسمح بالنقاش حول استخدام الدولة للقوة، لكنني أعتقد أن حالة اليوم تثير أسئلة هامة عن ماهية الحدود الممكنة واللازمة للنقاش.
لاحقاً نشر الرئيس مجدداً، قائلاً أن المنشور الأصلي كان ينذر عن احتمالية قيادة النهب إلى العنف. لقد قررنا أن هذا المنشور الذي يحرض ضد العنف بوضوح لا يخترق سياساتنا بدوره، وهو مهم للناس ليروه.
على عكس تويتر نحن لا نمتلك سياسة وضع تحذيرات على المنشورات التي تحرض على العنف، لأننا نؤمن بوجوب إزالة المنشور إن كان يحرض على العنف بغض النظر عن أهميته الأخبارية حتى ولو أتى من سياسي. لقد تواصلنا مع البيت الأبيض اليوم أيضاُ لشرح هذه السياسات كذلك.
من حيث المبدأ فالسبب هو أن ما قاله ترامب ليس تحريضاً على العنف من جانب ترامب (وفق منظور فيسبوك)، وبالتالي فهو غير مخالف لقواعد استخدام فيسبوك التي عادة ما تحذف منشورات التحريض على العنف التي يتم اكتشافها.
لكن وعلى الرغم من تبرير فيسبوك للأمر، فالبعض يعتقد أن أسباب فيسبوك ربما تكون مختلفة هنا، وبالأخص مع كون زوكربيرج كرر امتعاضه وكرهه لما يقوله ترامب. حيث يرى البعض أن فيسبوك ترك المنشور لأنه من ترامب ببساطة، وفيسبوك لا يريد أن يجعل من نفسه عدواً للرئيس الأمريكي. وهذا بالأخص مع الخلاف بين ترامب وتويتر وكون فيسبوك كان قد صرح قبلها بأنه لا يعتقد أن منصات التواصل الاجتماعي يجب أن تكون هي محددة الحقيقة، وذلك بعد خلاف ترامب مع تويتر بعدما وضع الأخير تحذير التحقق من المعلومات على تغريدتين للرئيس الأمريكي.
على أي حال وبغض النظر عن السبب، فمن الواضح أن فيسبوك يرى الأمور من منظور مختلف لتويتر، وسواء كان ذلك لأسباب اختلافات فلسفية حقيقية مثلاً، أو أنه مجرد نفاق للابتعاد عن دائرة عداوة ترامب، فالنتيجة هي أن الموقع الشهير يحاول البقاء خارج الجدل الحالي، وربما أنه يحاول إرضاء الجمهور العريض لترامب ربما وليس إرضاء الرئيس الأمريكي نفسه.