بدأت أزمة هواوي مع الحكومة الأمريكية في بدايات العام الماضي عندما حذّر رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي من شراء هواتف هواوي وZTE الصينيتين.
وتعرضت الشركة الصينية العملاقة بعد ذلك إلى الكثير من الانتقادات بخصوص التنصت على الهواتف لصالح السلطات الصينية، وخطورة استخدام منتجاتها، لكن بالرغم من تأكيدات الشركة على استقلالها عن أي سلطة مركزية إلّا أن العالم التقني لم يُصدّق هذه التأكيدات، لتبدأ الحرب.
حيث واجهت شركة الاتصالات الصينية الشهيرة لائحة من الاتهامات (تضم 23 تهمة) وُجهت إليها عن طريق وزارة العدل الأمريكية، تتعلق بسرقة الملكية الفكرية، وعرقلة العدالة، والاحتيال المتعلق بتهربها من العقوبات الأمريكية ضد إيران.
أزمة هواوي مع الحكومة الأمريكية
القضية الجوهرية في أزمة هواوي مع الحكومة الأمريكية تتعلق بمخاوف من تعاونها مع الحكومة الصينية، وإمكانية استخدام معداتها للاتصالات في التجسس على دول وشركات أخرى، ولهذا السبب تحديداً منعت الولايات المتحدة شركات الاتصالات الأمريكية من استخدام معدات الشبكات من هواوي في عام 2012.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، زاد التدقيق في أعمال شركة هواوي حول العالم، وقامت عدد من الدول بحظر استخدام معدات الشبكة الخاصة بها، ولهذا السبب نادراً ما ترى هاتف هواوي في الولايات المتحدة حالياً على الرغم من انتشارها الهائل حول العالم.
وكما ذكرنا في السطور السابقة، نفت هواوي في أكثر من مناسبة ارتكابها لأي مخالفات، وأنّها تؤكد على برائتها من الاتهامات الأخيرة. لكن على أي حال دعونا نسرد لكم تاريخ أزمة هواوي مع الحكومة الأمريكية بالتواريخ.
بدأت الأزمة في 2018 عندما صرّح رئيس هواوي “ريتشارد يو” في التاسع من يناير بأنّ الشركة خسرت دعم AT&T الأمريكية، ثم في فبراير خرج رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI بتحذير من استخدام هواتف هواوي وZTE.
استمرت المشاكل مع هواوي في مارس عندما خسرت الشركة دعم Best Buy كشريك تجزئة، وفي الثاني من مايو قامت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بحظر بيع هواتف هواوي وZTE في القواعد العسكرية الأمريكية.
ثم خرج تقرير في السادس من يونيو يكشف عن تصرّف غريب من فيسبوك، حيث منحت هواوي وصول خاص إلى بيانات المستخدمين، وفي السابع من الشهر نفسه طلب مجلس الكونجرس الأمريكية جلسة استماع لشركة جوجل بخصوص علاقتها مع هواوي.
من جانب آخر – بعيداً عن الولايات المتحدة – قالت أستراليا أنها ستحظر نشر شبكات الجيل الخامس من هواوي لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
لكن حتى هذه اللحظة، لم تستطيع الولايات المتحدة عرقلة هواوي عن التقدّم في المبيعات والأرباح وانتزاع المركز الثاني في مبيعات الهواتف الذكية خلف سامسونج، لتترك آبل في المركز الثالث.
ارتفاع حرارة الأزمة
حتى منتصف 2018 كانت الأمور مجرد مناوشات بين هواوي والولايات المتحدة، لكن في سبتمبر بدأت الأمور تأخذ منحنى أكثر سخونة مع طلب جديد من الكونجرس للاستماع إلى هواوي وZTE، ثم في أكتوبر الماضي دخلت الشركة في نزاع قضائي مع CNEX على سرقة بعض التقنيات.
في ديسمبر، قررت BT البريطانية استبدال معدات الشبكات من هواوي بشركات أخرى في الجيل الرابع، وعدم الاعتماد عليها نهائياً في شبكات الجيل الخامس، ثم الحدث الأهم في الشهر نفسه وهو القبض على المدير المالي للشركة “منغ وانزهو” في كندا بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد هذا التاريخ، خرج تقرير من رويترز يؤكد أن اليابان ستتوقف عن شراء معدات من هواوي وZTE، وخرجت المدير المالي لهواوي بكفالة 10 مليون دولار، مع استمرار الشركة في التقدّم للأمام بمبيعات تبلغ 200 مليون من الهواتف الذكية.
2019
مع دخولنا عام 2019، استمرت أزمة هواوي مع الحكومة الأمريكية حيث أشارت تقارير إلى نية الرئيس دونالد ترامب استخدام أمر تنفيذي لحظر عمليات الشراء من هواوي وZTE. ثم تقدّم أعضاء مجلس الشيوخ بمشروع قانون لمعالجة المخاوف المتعلقة بشركات التقنية الصينية.
وفي الحادي عشر من يناير من هذا العام أعلنت السلطات البولندية القبض على أحد موظفي فرع هواوي بتهمة التجسس، وبعد ثلاثة أيام فقط تبرأت الشركة من هذا الموظف بفصله من العمل.
مع وصولنا ليوم 18 يناير بدأت الصين بالتدخل وصرّحت بأن حظر كندا لتقنيات الجيل الخامس من هواوي سيكون له تداعيات. ثم في 25 يناير كشفت تقارير أن الكليات الأمريكية تخلت عن معدات هواوي لإرضاء إدارة ترامب، بالتزامن مع إعلان هواوي تطويرها لهاتف ذكي قابل للطي.
في يوم 29 يناير بدأت الولايات المتحدة بتوجيه 23 اتهام للشركة الصينية تتعلق بالاحتيال والسرقة التجارية، ثم داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي مختبراً لهواوي في 4 فبراير، وفي الوقت نفسه تم طرد اثنين من موظفي الشركة بالدنمارك بعد تفتيش تصريح العمل.
بحلول يوم 6 فبراير نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تصريح لا تُشجّع فيه الدول الأوروبية على استخدام معدات هواوي الخاصة بشبكات الجيل الخامس، ومع كل هذه المشاكل في أزمة هواوي مع الحكومة الأمريكية خرج مؤسس هواوي بتصريح للبي بي سي قال فيه “الولايات المتحدة لا يمكنها تحطيمنا”.
وأخيراً، صرّح وزير الدولة “مايك بومبيو” في 21 فبراير أن الدول التي تستخدم تكنولوجيا هواوي تُشكّل خطراً على الولايات المتحدة، وبعدها بيوم واحد فقط بدأ السياسيون في إيطاليا بالتخطيط لحظر تقنيات الجيل الخامس من الشركة الصينية.
في رأي الشخصي، يُمكن اعتبار أزمة هواوي مع الحكومة الأمريكية جزء من الحرب التجارية القائمة حالياً بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يرغب الرئيس الأمريكي في فرض ضرائب على الواردات الصينية، ورد الرئيس الصيني بالمعاملة بالمثل، وحتى الآن لا ندري ماذا يحمل المستقبل.