4000 مركز في دولة واحدة! تعرف على أكثر الدول امتلاكاً لمراكز البيانات والسر وراء هذا السباق
ما هي أكثر الدول امتلاكاً لمراكز البيانات؟ ففي عالم يتحول بسرعة نحو الرقمنة الكاملة، لم تعد قوة الدول تقاس بحجم صناعتها أو حتى قدراتها العسكرية فقط. بل بمدى امتلاكها للبنية التحتية القادرة على تشغيل المستقبل. وهنا تتقدم مراكز البيانات لتصبح اللاعب الأهم في ميزان القوى التكنولوجية. فهي القلب الذي يضخ الطاقة لكل ما نراه اليوم من خدمات سحابية وتطبيقات ذكاء اصطناعي وشبكات اجتماعية وأنظمة مصرفية متصلة بلا توقف.
ومع نهاية 2025، تكشف الإحصاءات عن سباق عالمي محتدم لا يعرف التباطؤ، سباق يكشف عن قمة تتربع عليها دولة واحدة بفارق مهول، بينما تحاول بقية الدول اللحاق بالركب في معركة ستحدد شكل الإنترنت والاقتصاد الرقمي لعقود قادمة. في هذا المقال سنتعرف على 4000 مركز في دولة واحدة! تعرف على أكثر الدول امتلاكاً لمراكز البيانات والسر وراء هذا السباق.
أكثر الدول امتلاكاً لمراكز البيانات
من يملك مراكز البيانات اليوم، يملك قدرة أكبر على التحكم في اقتصاد الغد وتطوير التقنيات التي ستقود المستقبل. وإليك خريطة القوى الرقمية التي توضح أكثر الدول امتلاكاً لمراكز البيانات في العالم:
الولايات المتحدة في كوكب آخر: 4,165 مركز بيانات!

عندما نرى أن الولايات المتحدة تمتلك أكثر من 4 آلاف مركز بيانات، أي ما يعادل مجموع مراكز البيانات في الدول العشر التالية تقريبًا. ندرك على الفور أن الهيمنة الأمريكية ليست مجرد تفوق رقمي، بل بنية تحتية عملاقة تتحكم في نبض الإنترنت العالمي. هذا الكم الهائل من المراكز تقوده ثلاث قوى كبرى:
- خدمات أمازون السحابية AWS أكبر مزود سحابي على الكوكب
- مايكروسوفت Azure المنصة السحابية الأساسية للشركات
- منصة جوجل Cloud السحابية التي تتوسع بشكل قوي
وهكذا، يمكن القول بأن امتلاك 4,165 مركزًا يعني ببساطة أن الولايات المتحدة تستضيف ما يقارب 38% من مراكز البيانات في العالم. وهو ما يعطي الشركات الأمريكية تفوقًا استراتيجيًا في تخزين البيانات وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وبناء خدمات رقمية بحجم لا يستطيع أي منافس آخر الوصول إليه في الوقت الحالي.
أوروبا تحاول اللحاق: ألمانيا وبريطانيا في المقدمة
بعيدًا عن التفوق الأمريكي، تظهر أوروبا ككتلة قوية تحاول تقليص الفارق عبر بنيتها التقنية المتطورة. حيث تأتي بريطانيا في المركز الثاني بـ 499 مركز بيانات، مدفوعة بلندن التي تعد إحدى أهم العواصم المالية والتقنية في العالم. وفي المركز الثالث، نجد ألمانيا بـ 487 مركزًا، مع اعتماد كبير على مدينة فرانكفورت التي أصبحت بوابة أوروبا للاتصالات والبنية السحابية، وموطن أهم نقاط تبادل الإنترنت عالميًا. وتجدر الإشارة إلى أن أوروبا لا تنافس فقط من حيث العدد، بل في جودة الطاقة والبنية المستدامة. إذ تتحول الكثير من المراكز للعمل بالطاقة المتجددة لتعويض ارتفاع الاستهلاك.
اقرأ أيضا: ما بعد السحابة: مراكز البيانات تنطلق نحو الفضاء
المفاجأة الآسيوية: الصين والهند في السباق

رغم حجمها الاقتصادي والتقني الهائل، تمتلك الصين 381 مركز بيانات فقط. وهذا الرقم المفاجئ يعود إلى عاملين رئيسيين:
- اعتماد الصين الكبير على مراكز بيانات فائقة الضخامة بدلا من مراكز صغيرة موزعة.
- القيود التنظيمية الصارمة التي تجعل إنشاء مراكز جديدة عملية معقدة.
لكن أكثر ما يلفت الأنظار هو ظهور الهند بـ 271 مركزًا، وهو رقم يتزايد بسرعة مع تحول البلاد إلى واحدة من أكبر أسواق الإنترنت والنمو الرقمي. الاستثمارات الهائلة في البنية السحابية تجعل الهند مرشحًا لتكون ضمن المراكز الخمسة الأولى عالميًا خلال السنوات القليلة القادمة.
لماذا هذا السباق المجنون في مراكز البيانات؟
إن الدافع وراء هذا السباق الجنوني ليس من أجل تخزين البيانات، بل يرجع إلى الحاجة لقوة معالجة هائلة وفائقة السرعة. تعتبر مراكز البيانات هي الوقود الأساسي لتقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والحوسبة السحابية. حيث تتطلب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الحديثة (مثل GPT-5) ومشاريع التعلم الآلي كميات هائلة من الطاقة والمعالجة. ولا يمكن توفير ذلك إلا من خلال شبكة هائلة وموزعة من مراكز البيانات المجهزة بوحدات معالجة رسوميات عالية الأداء. وكلما زاد عدد المراكز، زادت القدرة على تسريع ابتكارات الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضا: سوق مراكز البيانات في دولة الإمارات سينمو إلى 2.64 مليار دولار بحلول عام 2029
المستقبل هل سيتغير الترتيب قريباً؟

على الرغم من أن الولايات المتحدة تهيمن على عرش أكثر الدول امتلاكًا لمراكز البيانات بفارق مخيف، إلا أن السنوات القادمة قد تحمل تغييرات مهمة. حيث يجب أن تضع في الاعتبار، الشرق الأوسط ولا سيما الإمارات والسعودية، وقيامهما بضخ استثمارات هائلة في المراكز السحابية. أيضا الهند مرشحة لقفزة كبيرة بفضل نمو سوق التقنية المحلي. أما كل من أستراليا واليابان فيعملان على مضاعفة قدراتهما لاستيعاب الطلب المتزايد. حيث يتوقع المحللين أن الطلب على مراكز البيانات لن ينخفض، بل سيتضاعف مع توغل الذكاء الاصطناعي في كل جزء من حياتنا. ويمكن القول بأن من سيفوز في سباق أكثر الدول امتلاكاً لمراكز البيانات، هو من يمتلك القدرة على توفير البنية التحتية الأكثر قدرة والأقل استهلاكًا للطاقة.
وصلنا لنهاية مقالنا بعد أن استعرضنا، 4000 مركز في دولة واحدة! تعرف على أكثر الدول امتلاكاً لمراكز البيانات والسر وراء هذا السباق. ويمكننا أن ندرك على الفور بأن سباق مراكز البيانات يكشف لنا عن خريطة جديدة للقوة العالمية لا يتم قياسها بترسانة الأسلحة أو الثروات التقليدية. بل بقدرة الدول على تشغيل العقول الرقمية وتغذية قطاع الذكاء الاصطناعي. وبينما تتربع الولايات المتحدة على القمة دون منازع، تستمر أوروبا في تعزيز حضورها وتتحرك آسيا بخطى متسارعة لتغيير قواعد اللعبة. ومع تزايد الطلب على البيانات والحوسبة الفائقة، سيصبح الاستثمار في هذه المراكز ليس رفاهية تقنية، بل ضرورة استراتيجية تعيد رسم موازين القوة.