أكبر المشاكل التي تواجه الموظفين عند العمل عن بعد وكيف يمكن تذليلها؟
خلال العام الماضي تم دفع عشرات الملايين من الموظفين والعاملين في مختلف المجالات إلى منازلهم، وبالنتيجة تضاعف حجم سوق العمل من المنزل بشكل كبير وباتت أكثر من 55% من الشركات حول العالم تتيح خيار العمل عن بعد بشكل أو بآخر.
الجزء الأكبر من التغيير الأخير عائد إلى تأثيرات وباء كوفيد-19 وكونه أرغم العديد من الشركات على التحول الرقمي والعمل عن بعد بدلاً من الطرق التقليدية التي باتت غير متاحة بشكل جزئي على الأقل. لكن وحتى مع كون جزء كبير من التغيير ناتجاً عن عامل مؤقت، فمن المتوقع أن تستمر التأثيرات حتى بعد زوال السبب الأساسي.
اليوم هناك الكثير من الموظفين الذين يرون العمل عن بعد كخيار ممتاز يريدون استمراره بشكل دائم حتى بعد انتهاء تداعيات وباء كوفيد-19، لكن الموقف الإيجابي العام من العمل عن بعد لا يعني أن الأمور تسير كما هو مطلوب دائماً، بل أن هناك العديد من التحديات والمشاكل التي يواجهها الموظفون العاملون عن بعد اليوم بشكل مستمر، وهنا سنتناول أهم هذه التحديات وكيفية التعامل معها.
زيادة الإنتاجية وكمية العمل المنجز
لعل واحدة من المشاكل الأهم التي تواجه العاملين عن بعد هي الانخفاض الكبير للإنتاجية عندما ينتقلون للعمل عن بعد، حيث من السهل أن يجد الموظفون أنفسهم يقضون وقتاً أطول بكثير لأداء مهام كان من المعتاد أن ينهوها بسرعة أكبر بكثير في الماضي.
المشكلة هنا هي أن انخفاض الإنتاجية يعني بالضرورة أن كمية العمل المنجز ستنخفض، أو أن العمل سيشغل حيزاً أكبر من وقت الموظف ويجرده من وقت الراحة والوقت المخصص للأمور الشخصية مما يتسبب بالكثير من المشاكل المباشرة والثانوية وبالأخص على المدى الطويل.
الطريقة الأسهل لزيادة الإنتاجية هي الاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية في المجال في الواقع، حيث أظهرت الدراسات أن تعدد المهام والعمل على عدة أمور معاً هو أمر قاتل للإنتاجية ويؤدي لقضاء وقت أطول بشكل ملحوظ من إنجاز المهام بشكل معزول عن بعضها البعض، كما أن البشر عادة ما يفقدون تركيزهم على المهام التي يحتاج إنجازها أكثر من 20 دقيقة، لذا من المهم جعل المهام قصيرة قدر الإمكان وتجزئة المهام الطويلة إلى أجزاء أصغر يمكن أنجازها بشكل متتالٍ دون فقدان التركيز وتضييع الوقت.
تجنب تشتت الانتباه والملهيات المعتادة
عند العمل بعيداً عن المكتب من السهل أن يجد الموظفون نفسهم محاطين بفرص تضييع الوقت والتسلية المختلفة، حيث يكون من السهل الانجذاب لحديث جانبي مع أفراد العائلة أو مشاهدة حلقة من مسلسل تلفزيوني أو تشغيل لعبة أو المشكلة الأكبر عادة: تصفح التواصل الاجتماعي. وبالنتيجة من الممكن للموظف أن يفقد ساعات كل يوم دون فائدة وبالتالي يقلل من إنتاجيته ويحتاج لتضييع وقته الخاص لإتمام العمل المترتب عليه.
هذه المشكلة موجودة في أي مكان عمل بالطبع، لكنها أشد تأثيراً عند العمل عن بعد بسبب سهولة تواجد الملهيات وطرق التسلية حول الشخص بدلاً من جو المكاتب الاحترافي الذي يجعل التسلية وتضييع الوقت أموراً أصعب وأكثر إحراجاً على الأقل.
للأسف لا يوجد حل مثالي لهذه المشكلة، لكن واحدة من أفضل طرق التعامل معها هي إعداد مكتب أو مكان مخصص للعمل في المنزل بعيداً عن التلفاز وغرفة النوم وطرق التسلية المختلفة، حيث أن مجرد الابتعاد لأمتار عن طرق التسلية يجعل التركيز بالعمل أسهل بمراحل، وفي حال استخدام الحاسوب لأغراض العمل والتسلية معاً، فمن الممكن فصل الغايتين بحسابين مختلفين على نفس الحاسوب لصنع طبقة عزل ولو افتراضية بين وقت العمل ووقت التسلية.
الحفاظ على الحافز للعمل وإتمام المهام
حتى عند الابتعاد عن الملهيات وطرق التسلية، من السهل للعاملين عن بعد أن يجدوا أنفسهم في حالة من التململ التي تتضمن ترك إنجاز المهام دون القيام بأي شيء آخر حتى. ومع أن هذه الحالة لا تكون دائمة، فمن السهل أن تضيع أياماً أو حتى أسابيع من العاملين في بعض الحالات إن لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح.
أفضل ما يمكن فعله للخروج من حالة التململ هو وضع أهداف بعيدة المدى ومهمة أولاً، مثل تحديد “إجازة الأحلام” أو ربما منتج جديد يود الموظف الحصول عليه مستقبلاً، ومن ثم تنظيم المهام اليومية على شكل قوائم مهام (كما هو متاح عبر العديد من التطبيقات المختلفة اليوم) والبدء من المهام الأسهل عند الإحساس بفقدان الحافز أو التململ، وبعد إنجاز بضعة مهام عادة ما يكون من الأسهل العودة إلى التفكير بالعمل والنشاط من جديد.
الفصل بين أوقات الراحة والعمل
عادة ما يعاني العاملون عن بعد (وبالأخص موظفو العمل الحر منهم) من مشاكل كبرى متعلقة بتنظيم الوقت، حيث يسهل أن تسيطر حالة الكسل وتأجيل المهام على المزاج، وبالنتيجة يجد الموظفون نفسهم في حالة من تراكم العمل التي تؤدي إلى ضياع أيام تالية بأكملها على العمل دون أية راحة أو ترفيه.
في الواقع حتى دون تأجيل المهام والكسل، فمن السهل أن يجد العاملون عن بعد أنفسهم في حالة من فوضى الوقت بحيث تختلط أوقات العمل والراحة ويصبح أي وقت متاحاً لأي غاية كانت، وعادة ما ينتج رجحان واحدة من الحالتين على الأخرى بحيث يكون هناك فرط عمل أو تأجيل كبير للمهام.
هناك عدة حلول ممكنة لهذه المشكلة، لكن الطريقة الأنجح هي تطبيق نظام العمل المكتبي المعتاد: وذلك بوضع جداول وقت محددة وصارمة للعمل والاستراحة وأوقات الترفيه ومواعيد النوم والاستيقاظ. ومع أن هذا الأسلوب يعني فقدان المرونة المعتادة للعمل الحر مثلاً، فهي ضرورية لمن يجدون صعوبة في إنجاز مهامهم دون التضحية بحياتهم الشخصية عادة.
مواضيع قد تهمك:
- ارتفاع مبيعات الكمبيوتر عالميًا مع تزايد إجراءات العمل من المنزل
- ما هي معدات الكمبيوتر التي تحتاجها للعمل من المنزل؟
- من المنزل .. فريق ناسا يتحكّم في مركبة على المريخ!
تجنب الشعور بالوحدة والعزلة
مع أن مشاكل الشعور بالعزلة تصيب الجميع دون استثناء عند العمل عن بعد، فهي تواجه أولئك الجدد على الأمر أكثر من سواهم بشكل ملحوظ، وبالأخص الموظفون التقليديون سابقاً ممن اعتادوا مقابلة الكثير من الأشخاص في المكتب ومكان العمل ووجدوا أنفسهم مجردين من التواصل البشري فجأة مما يضر بشكل كبير بالدافع نحو العمل وبالصحة النفسية دون شك.
التعامل مع الوحدة ممكن لكنه يتضمن بعض الصعوبة دون شك، حيث يجب تخصيص أوقات مخصصة للتواصل مع أفراد العائلة والأصدقاء والجيران وحتى الزملاء عند الانتهاء من العمل، وكلما كان التواصل مباشراً أكثر كلما كان الأمر أفضل، حيث أن التواصل عبر الرسائل النصية فقط ليس كافياً لحل مشاكل الوحدة عادة بل من الممكن أن يظهر آثارها بشكل أكبر حتى.