يجهلها الأغلبية، لكنها أساسية لأمن المجتمعات: اتصالات الحالة الحرجة في مقابلة مع مدير المنتجات في Motorola Solutions
مع أنها لا تشكل جزءاً فعالاً من حياة الغالبية العظمى من الأشخاص، تعد اتصالات الحرجة واحدة من أهم أجزاء البنية التحتية للاتصالات حول العالم. حيث إن هذه الاتصالات ضرورية في عمل العديد من القطاعات الحيوية مثل الشرطة والدفاع المدني وسواها، وفي أوقات الطوارئ والضرورات، تعد هذه التقنيات خط الحماية الأخير للحفاظ على الأمن العام وإتاحة تنسيق العمليات.
مؤخراً، أقيم المعرض العالمي للاتصالات الحرجة (CCW) في دبي، وخلال حضور مينا تك للمعرض، تسنت لنا الفرصة لزيارة جناح شركة Motorola Solutions، وهناك تحدثنا للسيد ستيوارت لونجلي، مدير المنتجات في شركة Motorola Solutions. حيث تناولنا موضوع اتصالات الحالة الحرجة، وآلية عملها، وأهميتها، بالإضافة لأحدث ما تقدمه الشركة في هذا المجال الحيوي. واقتطفنا من الحديث الأسئلة التالية:
هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن أجهزة الحالة الحرجة ولماذا هي مهمة؟
اجهزة الحالة الحرجة هي أدوات تُستخدم على نطاق واسع من قبل الأفراد في قطاع السلامة العامة. وعادة ما يخطر إلى أذهان الناس أفراد الشرطة الذين يستخدمون هذا النوع من أجهزة الراديو لمخاطبة جميع زملائهم على الفور في مكالمة جماعية. فإذا كان هناك موقف خطير، يمكنهم على الفور تنبيه زملائهم وغرفة التحكم، وإرسال تحديث للموقع، وفتح الميكروفون، وسواها.
إنّ القدرة على الاعتماد على هذا النوع من المعايير الموثوقة للغاية، والقدرة على التواصل فورياً من خلال غرفة التحكم، حتى في أثناء وقوع كارثة، أمور في منتهى الأهمية. لكن هذه الأجهزة ليست حكراً على الشرطة، إذ يشاركها في ذلك قطاعات أخرى ضمن قطاع السلامة العامة ممن نعمل معهم، مثل المسعفين، وطواقم فرق الإطفاء، بالإضافة إلى جهات مثل خفر السواحل ومنظمات الإنقاذ في الجبال ضمن مختلف البلدان. أولئك جميعاً مستخدمون نوعيون لمنتجات الاتصالات الحيوية هذه.
يمتد عملنا نحو القطاع الصناعي أيضاً، حيث نرى إقبالاً كبيراً، خاصة في الشرق الأوسط، في قطاعات مثل شركات الشحن والخدمات اللوجستية، وما خلا ذلك من المنافذ التي تتجلى فيها حاجة إلى وجود هذا النوع من الاتصالات الصوتية وغرف الإرسال، حيث يتم إرسال الأفراد للقيام بوظائف مختلفة، ولا بد عندها من مراقبة جميع الأنشطة عبر موقع كبير من مكان واحد وأن يكونوا قادرين على التواصل بفعالية.
ينسحب الأمر كذلك على قطاعَي النفط والغاز، حيث لدينا أجهزة متخصصة وشديدة المقاومة حتى للانفجارات، للاستخدام في بيئات النفط والغاز. ونلاحظ استيعاباً كبيراً حقاً لمنتجات الاتصالات المهمة لدينا، والأجهزة التي تستخدم معيار TETRA على وجه الخصوص، في تلك الأنواع من الصناعات. قد يكون هذا الأمر غير جلي للأشخاص خارج إطار هذه الصناعات، ولكن وجود نظام تواصل صوتي موثوق يُعتبر عنصراً جوهريا للغاية للعاملين في مجال السلامة العامة والمناطق الصناعية.
ما الذي يميز هذا النوع من الاتصالات عن اتصالات الهاتف المعتادة مثل LTE و5G؟
تمتلك شبكات TETRA تقنية مختلفة قليلاً وراءها، لكن في اعتقادي، ما يهم المستخدمين النهائيين حقاً هو يقينهم بأنّ هنالك ما يمكنهم الاعتماد عليه تماماً عندما يفشل كل شيء آخر من حولهم. إنّنا نشهد كوارث طبيعية حول العالم، وعلى أساس متزايد للأسف، وفي هذه الكوارث، يمكن أن تتدمر أجزاء من البنية التحتية للاتصالات. ولا بدّ عندئذ من امتلاك تقنية يمكن الاعتماد عليها. لعلّ الأمر المميز في أجهزة الحالة الحرجة هو أنها تتضمن كل الخيارات الاحتياطية داخلها. فهي تستخدم الاتصال الشامل، لكن في حال فقدان الروابط بين أجزاء الشبكة، يعمل كل جزء من الشبكة كجزء مستقل بنفسه، وحتى عند انهيار الشبكة تماماً، يبقى وضع الاتصال المحلي المباشر بين الأجهزة.
لذا، حتى في حالات الكوارث، يبقى بمقدور المستخدمين الذين ينفذون الوظائف الهامة التواصل مع بعضهم البعض، وهذا أمر جوهري حقاً. لقد صُنعت الأجهزة نفسها أيضاً لتناسب هذا النوع من الاستخدام المستمر والعنيف، فهي مصممة للعمل في درجات حرارة منخفضة جداً، وفي درجات حرارة عالية جداً كذلك. كما وأنّها عادة ما تتوافق مع معايير IP67 أو IP68، ما يعني إمكانية استخدامها في الأجواء الماطرة، وفي البيئات المغبرة.
هناك عدد من التفاصيل الأخرى التي نعمل عليها لجعل تلك الأجهزة ملاءمة فعلياً لهذا النوع من استخدامات السلامة العامة مقارنة بالهاتف المحمول. على سبيل المثال، يوجد على الجانب الأيمن للجهاز منفذ ذو غطاء مثبت بمسمار خاص يمكن من خلاله توصيل سماعات أذن. إضافات كهذه ضرورية جداً للحالات التي قد يرتدي فيها رجال الإطفاء مثلا خوذات حماية أو بزّات تنفس خاصّة. وما زلنا نستخدم البطاريات القابلة للإزالة لأنه في حالة وقوع كارثة وكان على أحدهم العمل نوبتين، فلا مجال أبدا للسماح بنفاذ البطارية، بل تريد فقط الحصول على بطارية أخرى من الشاحن وتبديلها والاستمرار في العمل على نفس الجهاز الذي لديك بالفعل. إذ يجب أخذ تجربة المستخدم وطبيعة الاستخدام بعين الاعتبار في كل خطوة من تصميم هذه الأجهزة.
على مر السنين، تمكنا من تقليص حجم تلك الأجهزة، وجعلها أسهل في الاستخدام، وأخف وزناً وأسهل للحمل، مع استمرار وجود زر PTT(اضغط للتحدث) الكبير والقوي والموثوق على الجانب. لذا، نعم، لا أعتقد أننا سنشهد إحجاماً عن هذه الفئة من الأجهزة في أي وقت قريب، وذلك لأن العديد من القطاعات تحتاج إلى امتلاك جهاز مخصص لنقل الصوت في الحالات الحرجة، وفي تلك الحالات تعد الهواتف المعتادة قاصرة للغاية.
قمتم مؤخراً بإضافة قدرة الاتصال بشبكة LTE إلى بعض أجهزتكم، ما أهمية ذلك؟
لقد أطلقنا جهاز MXP660 الجديد مؤخراً، والذي يتضمن منفذ شريحة تدعم اتصالات LTE بداخله. ولدينا سبب وجيه لذلك، فبرغم الأداء العالي جداً للشبكات الراديوية، إلا أن معدل البناء الكثيف قد يمثل بعض التحديات، بالأخص في منطقة كدبي. حيث قد تظهر في طريقك مبانٍ جديدة أحياناً، أو حتى مواقف سيارات، وفي أحيان أخرى، قد يضطر الناس إلى السفر قليلاً خارج المدينة وربما يتعذر عليهم الوصول إلى تغطية شبكات TETRA. في هذه الحالة، سيتوجه جهاز الراديو تلقائياً الآن نحو شبكة LTE، وسيكون بمقدور المستخدمين مواصلة محادثاتهم حتى في حال غياب الشبكة.
كذلك، أضفنا إلى هذه الأجهزة ميزة إلغاء الضوضاء بالذكاء الاصطناعي، فبالنسبة لشريحة المستخدمين المستهدفة، يعتبر عزل الضجيج وجودة الصوت أمرين على قدر كبير من الأهمية. وحتى في أجواء البيئات الصاخبة، كما هو الحال مثلاً عند المراقبة الأمنية في مباراة كرة قدم، أو أثناء العمل في المطار، أو عند العمل بجوار الآلات الصناعية الصاخبة، يبقى صوت المستخدمين مسموعاً بوضوح لدى زملائهم ولدى مركز التحكم.
من جانب آخر، يحتوي الجهاز في داخله على مكبر صوت قوي للغاية أيضاً، بحيث يمكن للمستقبل رفع مستوى الصوت وسماع ما يقوله الآخرون بكل أريحية.
ما الذي يدفع العملاء لاختيار المنظومات المتكاملة منكم بدلاً من شراء الأجهزة بشكل منفصل؟
بينما نقدم خيار شراء الأجهزة بشكل منفصل، فنحن نركز بالدرجة الأولى، وبالأخص في الشرق الأوسط، على العمل عن كثب مع عملائنا للقيام بالكثير من أعمال تكامل الأنظمة. وبالمجمل، نحن نقدم الخيار سواء كان أجهزة مستقلة، أو بنية تحتية متكاملة، أو غرف تحكم، أو سواها.
تمتلك Motorola Solutions موضع قوة في المجال لأننا نقدم مجموعة واسعة جداً من أجهزة الراديو والبنية التحتية، وحلول غرف التحكم، وكاميرات الفيديو، ونحن قادرون على تجميع حلول للعملاء تحل مشاكلهم فعلياً. ونفعل ذلك بشكل مميز ومختلف لكل عميل حسب حاجاته وحالته الخاصة لنقدم أعلى فعالية ممكنة.
سأعطيك مثالاً على ذلك. لدينا مجموعة من كاميرات الفيديو المخصصة لارتدائها على الجسم، والتي تُستخدم من قبل مسؤولي السلامة العامة. كما وأنّ لدينا أجهزة الراديو خاصتنا مع مفاتيح الطوارئ عليها. يمكننا إعداد آلية استجابة معينة للحالات التي يصعب فيها بدء تسجيل الفيديو عبر الكاميرا الملبوسة بشكل تلقائي، لذا وبمجرد ضغط زر الطوارئ في جهاز الراديو، ستبدأ الكاميرا بالتسجيل تلقائياً. ويمكننا العمل مع فريق غرفة التحكم للتأكد من الإبلاغ عن هذه الحوادث على الفور، ومن أن مقاطع الفيديو مخزنة بطريقة مثالية أيضاً.
هنالك نموذج توضيحي حول التكامل مع أنظمة السيارة أيضاً، سواء أنظمة الفيديو أو غيرها، حيث نعمل على تجميع عدد متنوع من الحلول والوظائف ضمن نظام أوحد. فقد يعمل كل نظام أو كل حل بمفرده، إلا أن المساحة المتاحة في السيارات أمر ذو أولوية قصوى كما تعلم، وعليك أن تكون قادراً على إنجاز أكبر قدر ممكن، وعلى شاشة واحدة، وفي مكان واحد، ونحن نجمع كل ذلك معاً الآن في المركبات.
هل تعاني شبكاتكم من التداخل؟ ما الذي يجعلها أكثر مقاومة، إن صح القول، من شبكات الهاتف؟
إنّ معيار TETRA معيار ناضج جداً، وقد جرى بناؤه وتطويره بعناية، وأثبت حضوره باستخدامه على مدى أكثر من 20 عاماً حتى الآن. حيث بدأ من أوروبا أولاً، وسرعان ما انتشر في مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ. إنه على مستوى عالٍ من النّضج والجدارة، كما وأنّه يمثل تقنية آمنة للغاية، حيث تُشفر جميع المكالمات، مع إمكانية إضافة التشفير من الطرفَين (End-to-End) عليها.
من جانب آخر، وبالمقارنة مع الهاتف المحمول، فإن جهاز الراديو يتمتع بطاقة أعلى مخصصة للبث، مما يعني أن بالإمكان بث الإشارة عبر مسافات أطول، وهو أمر مهم خصيصاً عند التشغيل في وضع الاتصال من جهاز إلى جهاز آخر على بعد عدة كيلومترات دون أن تكون الشبكات متاحة حتى.
فيما يتعلق بالتداخل، فنظراً لأن هذه الشبكات مخصصة للجهات العاملة في السلامة العامة، وكونها محددة النطاق لتكون جاهزة للاستخدام في حالات الطوارئ، فليس هنالك من خطر حقيقي من وجود تزاحم لعدد عدد كبير من المستخدمين الذين يحاولون جميعاً الوصول إلى الشبكة في نفس الوقت. في الواقع، تلك هي الغاية الأساسية لوجود شبكات مخصصة للحالات الحرجة: القدرة على تحديد نطاقها وتصميمها لتلبية حالة الاستخدام التي يحتاجها مستخدم الحالة الحرجة على أتم صورة.
ما الذي يميز أجهزتكم عموماً؟
جهاز MXP 660 الذي رأيته اليوم، والذي يجوز أن نسميه جهاز الراديو متعدد الحوامل، هو عبارة عن جهاز TETRA في جوهره، لكن مع إضافة دعم شبكات LTE. وهذا بالفعل نوع من الابتكار والتطور الرئيسيين. وبالطبع، يسعدني جداً أن إمكانيات الذكاء الاصطناعي باتت متوافرة في هذا النوع من الأجهزة، حيث نستخدمها في تحسين إلغاء الضوضاء. كما وأنّنا نتطلع إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي عبر أجزاء أخرى من تشكيلة منتجاتنا أيضاً، إذ إننا نبحث في استخدامه ضمن غرف التحكم مثلاً للقيام بأشياء من قبيل التفريغ المكتوب للمكالمات. فعندما يحمل أحدهم هاتفه ويطلب رقم الطوارئ 112 أو 999، فلا بدّ أن تُدوّن تلك المكالمة حكماً. في مثل هذه الحالات، يمكننا تحرير انتباه متلقي المكالمة عن طريق إجراء تدوين مباشر باستخدام الذكاء الاصطناعي في نفس الوقت.
في أجهزة أخرى، هناك أيضاً مساعد Vicky الافتراضي، والذي يقوم بعمل يشابه ما تقوم به Siri على جهاز iPhone. حيث يمكن أن يُطلب من المساعد الافتراضي تنفيذ مهام متنوعة، كإجراء بحث عن لوحة ترخيص، فنوفر وقت العاملين في مجال السلامة العامة بحيث لا يضطرون إلى النظر إلى الشاشة وكتابة المعلومات صارفين انتباههم عن غرفة التحكم وعن أشياء أخرى أكثر أهمية.
ذلك مجرد مثال بسيط عن المهام الروتينية التي يمكن إيكالها إلى المساعد الافتراضي عبر الذكاء الاصطناعي. لذا، أنا سعيد حقاً بالابتكار الذي يحدث على أجهزة الحالة الحرجة نفسها. من الأشياء الأخرى التي تستثمر فيها Motorola وتنفق الكثير من البحث والتطوير فيها هي جانب الفيديو أيضاً. لدينا الآن كاميرات فيديو قابلة للارتداء على الجسم، والتي تبث محتواها مباشرة عبر شبكة LTE. كذلك، لدينا كاميرات رائعة طويلة المدى وثابتة يمكنها استخدام التصوير الحراري للاستطلاع على مسافة عدة كيلومترات.
في الواقع، تتمتع شركة Motorola بتاريخ حافل من الابتكار، مسجلة العديد والعديد من براءات الاختراع، والتي تتسابق فرقنا ومواقعنا الهندسية المختلفة في تقديمها كل عام، بدعم وتحفيز من الإدارة للإتيان بأفكار جديدة، وتعزيز ثقافة الابتكار القوية في الشركة، مع ضمان التأكيد الدائم على التفكير في متطلبات العملاء ووضع حالات استخدامهم في الاعتبار، ومن ثم أخذ كلّ تلك الأفكار المبتكرة وإدخالها ضمن منتجاتنا. ذلك هو حمضنا النووي؛ التحسين الدائم والاستمرار بتقديم الحلول لمشاكل الناس.
ما هي نظرتك تجاه البنية التحتية المُستخدمة هنا؟ هل ترى أنها تجاري أجزاء أخرى من العالم؟
تتميز منطقة الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، بإقبال الكثير من أصحاب المصلحة لاستخدام حلولنا المتقدمة لاتصالات الحالة الحرجة. نحن ناجحون في الشرق الأوسط، وفخورون حقاً بمكتب دبي، والذي قمنا باستثمار كبير لتجديده، وإرساء مركز ابتكار هنا لعملائنا في الشرق الأوسط ليأتوا ويعاينوا كل هذه الابتكارات الجديدة والمثيرة التي نقوم بها.
فيما يتعلق بمكان الشرق الأوسط من حيث الاتصالات، أعتقد أن هنالك توسعاً في ذلك. لكن، من الصعب حقاً تغطية كل المنطقة والمجال بصفة واحدة، لكن ما يسعني قوله هو أننا نرى بالفعل عملاء محليين يستثمرون مبالغ كبيرة في تقنيتنا، كما وأنّ لدينا مجموعة شركاء في جميع أنحاء المنطقة.
أود أن أقول إننا فخورون حقاً بالعمل الذي نقوم به لتحسين السلامة العامة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، سواء من خلال تقنياتنا لاتصالات الحالة الحرجة، وأيضاً بمعاينة الاستيعاب المتزايد لتطبيقات فريدة من نوعها في المنطقة، مثل بث الفيديو من الكاميرا على الملابس.