«يجب تدمير قرطاج»: مارك زوكربيرج يثير الجدل بالعبارة المكتوبة على قميصه
⬤ أثار مارك زوكربيرج الجدل في عيد ميلاده الأربعين بارتدائه لقميص يحمل كتابة تعني «يجب تدمير قرطاج» باللاتينية.
⬤ تسببت العبارة بالجدل، وبالأخص في تونس حيث تقع مدينة قرطاج التاريخية والتي تعود لآلاف السنوات الماضية.
⬤ على الرغم من أنها تبدو ذات إسقاطات مقلقة الآن، فالعبارة تصبح مفهومة أكثر عند إدراك سياقها التاريخي الأصلي.
أثار مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة Meta، الجدل في عيد ميلاده الأربعين بمجموعة من الصور عبر منصة إنستاجرام تتضمن قميصاً أسود يحمل العبارة اللاتينية التاريخية (carthago delenda est) ومعناها «يجب تدمير قرطاج».
View this post on Instagram
قد لا تعني هذه الجملة شيئاً للكثيرين حالياً، باستثناء الشعب التونسي حيث تقع مدينة قرطاج الحالية. لكن هذه الجملة كانت ذائعة الصيت، ربما بنفس صيت الذكاء الاصطناعي الآن، في مجالس الجمهورية الرومانية (التي تحولت بعدها بقرنين إلى الإمبراطورية الرومانية)، وبالتحديد مجلس الشيوخ، منذ 2,200 عام.
تعود هذه الجملة التاريخية لأحد أبرز أعضاء مجلس الشيوخ الروماني، كاتو الأكبر، الذي كان يربط ولاءه للإمبراطورية بسحقه للإمبراطورية القرطاجية المنافسة للرومان والتي كانت تمتد عبر شمال أفريقيا وأجزاء من جنوب إيطاليا. حيث لطالما طالب كاتو بهزيمة قرطاج وتدمير المدينة التي كانت مركزاً حضرياً هاماً حينها.
اشتُهر كاتو بإنهاء جميع خطاباته بهذه الجملة أو بجمل أخرى تحمل معناها، فقد كان مهووساً بتدمير قرطاج وليس مجرد هزيمتها بالحربين البونيقيتين الأولى والثانية، بل أراد حذفها من الوجود كما يبدو من كلمة (delenda)، وهي الكلمة التي اشتقت منها الكلمة الإنجليزية Delete، والتي تعني الحذف.
هذه الجملة، التي قالها كاتو مراراً وتكراراً، معروفة لمن درسوا التاريخ الروماني نظراً لأن «الحروب البونيقية» كانت من أكبر الحروب التي خاضتها الجمهورية الرومانية، وكانت ضد القرطاجيين. وحتى اليوم لا تزال هذه الحروب محط اهتمام وحتى نكات تاريخية بين المهتمين بالتاريخ القديم أو هواة التاريخ الروماني.
لهذه الجملة وقع قوي ويسهل تذكرها، وذلك لأنها مبنية بصيغة الفعل، الموجودة في اللغة اللاتينية دوناً عن الإنجليزية والعربية مثلاً، ومعناها أن شيئاً ما يجب أن يحدث، ألا وهو تدمير قرطاج، فالأمر منتهٍ وليس مجرد رأي أو فكرة.
على العموم، وضمن السياق التاريخي، تحققت عبارة كاتو الشهيرة في الواقع عام 146 قبل الميلاد. حيث خاضت الجمهورية الرومانية الحرب البونيقية الثالثة ضد الإمبراطورية القرطاجية، ولم تكتف بالانتصار عليها في تلك المرة، بل دمرتها كلياً، واستعبدت سكانها، وأصبحت روما القوة المهيمنة على غرب البحر المتوسط بلا منازع لقرون تالية.
بالنسبة لعلاقة زوكربيرج بالعبارة، وسبب ارتداءه للقميص، فهو عائد لهوسه باللغة اللاتينية. حيث تعلم زوكربيرج اللاتينية بالمدرسة كما هو الحال مع الكثير من المدارس المتوسطة والثانوية بالولايات المتحدة الأمريكية، أي أن ارتداء القميص كان خياراً فعالاً وليس خطأاً غير مقصود مثلاً، وبالأخص مع كونها ليست المرة الأولى التي يرتدي زوكربيرج قميصاً مشابهاً.
بجانب أن الجملة تمثل استرجاعاً لأحداث تاريخية، إلا أن المنشور يمثل استرجاعاً لذكريات زوكربيرج شخصياً، بما يشمل غرفة الطفولة، وسكن جامعة هارفارد، والشقة المتواضعة، والمكتب الصغير.
كما يبدي المنشور اهتمام زوكربيرج بالحضارة الرومانية، وهو ما يبدو جلياً في قصة شعر القيصر الروماني التي استخدمها مؤخراً، بالإضافة لإطلاقه أسماء لاتينية لابنتيه: أوريلا وماكسيما.
في عام 2016، ذكرت صحيفة Business Insider، أن الجملة كانت إسقاطاً على المنافسة مع شركة Google عندما أطلقت خدمة +Google التي اعتبرها زوكربيرج تهديداً لمنصة Facebook.