بينما تتراجع هيمنة فيس بوك على الإعلانات، نمو هائل لقطاع إعلانات أمازون
بداية من عام 2020 بدأت مرحلة تراجع كبرى لمجال الإعلانات على منصة التواصل الاجتماعي الأكبر في العالم، فيس بوك. حيث قادت سياسات منع تعقب التطبيقات الخاصة بشركة ابل والإعلان عن مخططات مشابهة من جوجل إلى تصعيب الأمور على الشركة بشدة وفقدان المليارات من عائدات الإعلانات. لكن وبينما كانت فيس بوك تعاني وتتراجع استمرت عملاقة التجارة الإلكترونية بالنمو بقوة في المجال.
وفق التقارير السنوية للعائدات، فقد ارتفعت عائدات الإعلانات على منصات أمازون المختلفة إلى حوالي 31 مليار دولار في عام 2021، وهو نمو بمقدار 32 بالمائة مقارنة بالعام السابق. وبالنظر إلى بيانات الربع الرابع بالتحديد، فقد وصلت عائدات إعلانات الشركة إلى 8 مليارات دولار بنمو يقارب 50 بالمائة مع نفس الوقت من العام السابق.
جزء صغير من أمازون، لكنه جزء كبير في المجال
وفق تقرير الأرباح والعائدات الأخير للشركة، فقد شكلت الإعلانات حوالي 7 بالمائة فقط من عائدات أمازون. حيث لا تزال عائدات الشركة متركزة بشكل أساسي على متجرها العملاق والأكبر من نوعه، وعلى خدماتها السحابية المصنفة كواحدة من الأكبر في العالم. وبالطبع لا يعد هذا تقليلاً من قيمة الإعلانات بل إدراكاً للحجم الهائل لأمازون التي جذبت 469 مليار دولار من العائدات خلال عام 2021.
عند النظر إلى عائدات الإعلانات الخاصة بكل من عمالقة الإعلانات الآخرين، يبدو موقع أمازون مثيراً لاهتمام في الواقع. حيث تمتلك الشركة المركز الثالث البعيد متأخرة عن كل من ألفابيت (الشركة الأم لجوجل) التي حصدت 209 مليارات دولار من عائدات الإعلانات في عام 2021، وميتا (الشركة الأم لفيس بوك) والتي حصدت 114 مليار دولار خلال نفس الفترة. لكن وبنفس الوقت تستمر الشركة بالتفوق على منافستها للخدمات السحابية، مايكروسوفت، والتي جنت حوالي 10 مليارات دولار من الإعلانات في نفس الفترة.
تشير التقديرات إلى أن كبار الإعلانات الثلاثة (ألفابيت وميتا وأمازون) يهيمنون معاً على أكثر من نصف سوق الإعلانات الرقمية اليوم. وبينما تحقق العديد من الحكومات العالمية بممارسات عمالقة التقنية وبالأخص في مجال الخصوصية، لا تزال هذه الشركات تنمو بشكل مضطرد وبالأخص في قطاع الإعلانات الرقمية.
من أين تجذب أمازون عائدات الإعلانات؟
على الرغم من أن أمازون عادة ما تضاف إلى ألفابيت وميتا عند الحديث عن عمالقة مجال الإعلانات، فمقاربة الشركة للمجال مختلفة. حيث أنها تركز على نظامها الداخلي بالدرجة الأولى وبالأخص ضمن متجرها الإلكتروني العملاق. حيث لا تعتمد الشركة على بيانات التصفح والاهتمامات الخارجية بشكل أساسي، بل تجمع الجزء الأكبر من البيانات التي تستخدمها بشكل داخلي وعبر منصاتها.
المورد الأساسي لعائدات الإعلانات من أمازون هو متجر الشركة، حيث تبيع الإعلانات إلى مصنعي ومروجي المنتجات مع تقديم مستوىً مرتفع من التخصيص كون أمازون تتابع مشتريات العملاء والمنتجات التي يفضلونها بحيث تصل البائعين والمشترين بشكل عالي الفعالية.
لكن بالإضافة للإعلانات على متجرها الإلكتروني، فقد بدأت أمازون بعرض الكثير من الإعلانات ضمن متاجر Whole Foods التي اشترتها قبل سنوات. ويبدو أن الشركة فعالة بذلك لدرجة كون سلاسل المتاجر الكبرى باتت تختبر سلوكاً مشابهاً لتحقيق مورد إضافي للعائدات.
أخيراً هناك منصة البث المباشر Twitch والتي تعد رائدة في مجالها ولا تزال مهيمنة على قسم كبير من مجال البث المباشر على الرغم من ظهور العديد من المنافسين الجدد في السنوات الأخيرة. وبالطبع تعرض أمازون جزءاً من إعلاناتها على بعض مواقع الإنترنت بشكل مشابه لإعلانات جوجل، لكن يعد هذا الجزء صغيراً للغاية بالمقارنة مع باقي أجزاء عمل الشركة.
مواضيع قد تهمك:
- الإعلانات الرقمية تمطر مليارات الدولارات على كبرى الشركات التقنية
- أفلامك المفضلة قد تصبح متخمة بالإعلانات قريباً بسبب جهود شركة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي
هل تتأثر أمازون بسياسات منع التتبع والخصوصية الجديدة؟
بعد تطبيق سياسة منع التتبع الخاصة بشركة ابل، والوعود بسياسة مشابهة قادمة من جوجل، فقد كان هناك العديد من إشارات الاستفهام حول مجال الإعلانات الرقمية ككل. حيث تستفيد منصات الإعلانات الكبرى من جمع كم هائل من بيانات المستخدمين عبر ملفات تعريف الارتباط (Cookies) على مواقع أخرى أو عبر جمع بيانات الاستخدام من تطبيقات أخرى. ومع منع التعقب عبر التطبيقات على هواتف أيفون تأثرت فيس بوك بشكل شديد مثلاً، لكن هذا التأثير لم يمتد إلى أمازون.
السبب الأساسي لمناعة أمازون تجاه منع التتبع المفروض هو كونها لا ترتكز على التطبيقات الأخرى حقاً لجمع بياناتها. حيث تمتلك الشركة منصة تجارة إلكترونية عملاقة وقدرات تتبع داخلية تسمح بمستوى تخصيص متفوق على منافسيها الذين يجمعون المعلومات من مصادر أخرى. بالنتيجة تستمر الشركة بتقديم تخصيص مرتفع لإعلاناتها حتى مع حظر تتبع التطبيقات، كما استفادت أمازون من هروب المعلنين من فيس بوك مع قدوم جزء كبير منهم تجاهها.