منزل يفهم ساكنيه – فلسفة LG في تصميم منتجاتها

Ali Wadi Hasan

تعكس المنازل طريقة حياة الناس، وتفكيرهم، ورغباتهم. ولعل الخطوة التالية هي جعلها امتداداً لأفكار أصحابها من خلال إضافة الذكاء إليها. تقود شركة LG، العلامة المعروفة في مجال الأجهزة المنزلية، هذا التحول برؤيتها التي تهدف إلى جعل المنازل أكثر ذكاءً وانسجاماً. ولا تقتصر هذه الرؤية على الأتمتة والتحكم عبر التطبيقات، بل تتجاوز ذلك إلى ما تسميه الشركة «الذكاء الودود» – وهو نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يجمع بين التقنية والفهم الإنساني.

خلال رحلة إعلامية جرت مؤخراً إلى مقر شركة LG ومرافقها في كوريا، شارك فريق مينا تك في حديث أجرته الشركة في سيئول، حيث أوضح رونالد رو، نائب رئيس قسم تطوير أعمال منصة الأجهزة المنزلية في شركة LG Electronics، كيف أصبح نظام ThinQ أكثر تركيزاً على الإنسان. فالهدف ليس إنشاء أجهزة تستجيب للأوامر فحسب، بل تصميم منازل تتعرف على العادات اليومية، وتستشعر الحالة المزاجية، وتتوقع الخطوة التالية. وبحسب LG، يجب أن يتصرف المنزل كرفيق أكثر من كونه مجموعة من الأجهزة.

من الذكاء إلى التعاطف

لطالما كان مصطلح «المنزل الذكي» من أكثر المفاهيم تداولاً في عالم التكنولوجيا، لكن LG ترى أنّ المفهوم أصبح واسعاً جداً. ولهذا تسعى الشركة إلى تحديد أفق جديد. يقول رو: «عندما نفكر في المنازل الذكية والمنازل المعززة بالذكاء الاصطناعي، فإن جانب الاتصال يبقى كما هو… لكن نهجنا في المنازل المعززة بالذكاء الاصطناعي يركز على مستويات مختلفة من معالجة البيانات والتخصيص.»

التركيز ليس على التعقيد، بل على السياق: فهم من يتحدث، وما الذي يحتاجه، وكيفية الاستجابة بشكل طبيعي. وبدلاً من تطوير تقنية تجذب الانتباه، تسعى LGإلى تطوير ذكاء يندمج في الخلفية ويعمل ببساطة وكفاءة.

هندسة تتعلم

قلة من الشركات تمتلك إرثاً هندسياً مثل LG. فقد امتدّ تاريخها في تطوير المحركات، والضواغط، والمكونات الأخرى لعقود، ولا تزال تلك التقنيات جوهر منتجاتها حتى اليوم. وبدلاً من ترك هذا الإرث وراءها، تبني LG عليه بإضافة الذكاء إليه.

على سبيل المثال، لم تعد الغسّالة مجرد جهاز يدور بسرعة أو هدوء أكبر، بل أصبحت «تستمع». بفضل مستشعرات AI DD، يمكنها اكتشاف نوع القماش، ومستوى الاتساخ، وحتى عادات المستخدم، ثم تضبط الحركة ومستويات المياه تلقائياً. تبقى الدقة الميكانيكية كما هي، لكن الجهاز الآن يتكيّف في الوقت الحقيقي. ويؤكد رو أنّ هذا النهج هو ما يمنح LG ميزتها في سباق الذكاء الاصطناعي.

ThinQ: المنصة الجامعة للمنتجات

تتمحور كل الجهود اليوم حول ThinQ، المنصة التي قدمتها LG عام 2017، والتي أصبحت منذ ذلك الحين العمود الفقري الرقمي لمنظومتها المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. فهي تربط بين الثلاجات وأجهزة التكييف والغسالات وغيرها ضمن شبكة موحدة.

وفي بلدان مثل السعودية ومصر، شهدت المنصة نمواً كبيراً، إذ تضاعف عدد المستخدمين النشطين شهرياً خلال عامين فقط، متجاوزاً 800 ألف مستخدم بحلول عام 2025. ويعود هذا النجاح ليس إلى الميزات البراقة، بل إلى الاعتمادية اليومية مثل أدوات التشخيص الذاتي، ومراقبة استهلاك الطاقة، والتحكم السهل عن بُعد. بالنسبة لكثير من الأسر، أصبحت ThinQ جزءاً من روتينهم اليومي مثل فحص الرسائل على الهاتف.

دفع هذا التوسع LG إلى التركيز أكثر على خصوصية المستخدمين. فبرنامج LG Shield يدير عمليات التشفير ومعالجة البيانات المجهولة الهوية، لضمان أن تحترم كل الأجهزة المتصلة خصوصية المستخدم وتحكمه الكامل.

«الذكاء لتحقيق الديمومة»

يقول رو: «حتى لو تم شراء المنتج في العام الماضي، يتيح ThinQ UP استخدام ميزات جديدة من عام 2025، بالإضافة إلى الوظائف التي ستُطرح في عام 2026.»

تُعد منصة ThinQ UP نظاماً يحوّل الأجهزة المنزلية إلى منظومات قابلة للترقية. فمن خلال تحديثات البرامج، يمكن للمستخدمين إضافة ميزات جديدة بعد الشراء بفترة طويلة. فعلى سبيل المثال، قد تحصل الغسالة على دورة غسيل جديدة، أو تضيف الثلاجة وضعاً لتوفير الطاقة، أو تكتسب الإضاءة وظائف تحكم جديدة.

الفكرة هي أن المنتجات لا ينبغي أن تصبح قديمة لمجرد تطور التكنولوجيا. فإذا استطاع المنزل أن يبقى مواكباً من خلال التحديثات، فسيوفر المال ويقلل من النفايات الإلكترونية. وتطلق LG على ذلك «الذكاء لتحقيق الديمومة».

يتضمن نهج الشركة نحو الاستدامة أيضاً ميزة ThinQ Care، وهي نظام إنذار مبكر مدمج في الأجهزة المتصلة من LG، ينبه المستخدم إلى أي تغييرات طفيفة قد تشير إلى مشكلات مستقبلية. الهدف هو تقديم خدمة خالية من المتاعب وبدون انقطاعات.

من آراء إلى ميزات

يشرح رو أنّ بعض أفضل أفكار LG لا تأتي من مهندسيها، بل من المستخدمين أنفسهم. إذ تتضمن تطبيق ThinQ ميزة تُعرف باسم ThinQ Idea، تتيح للمستخدمين اقتراح وظائف جديدة مباشرة. ويقوم فريق تطوير المنتجات بمراجعة المقترحات، وإذا كانت مناسبة، يتم تطويرها وطرحها كتحديث.

من خلال هذه المبادرة، وُلدت ميزات مثل FreshKeeper التي تبقي الغسيل يدور بعد انتهاء الدورة للحفاظ على انتعاشه، وNightView التي تضبط إضاءة الثلاجة ليلاً. بدأت هذه الميزات كاقتراحات من المستخدمين وأصبحت الآن من أكثر الميزات استخداماً على المنصة.

الثقافة واللغة كجزء من التصميم

تدرك LG أنّ اللغة والعادات المحلية لا تقل أهمية عن الهندسة. ولهذا يتم تدريب أنظمتها المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للتعرف على اللهجات والتقاليد الإقليمية، خصوصاً في الأسواق الناطقة بالعربية. كما تقدم ميزات مثل مواقيت الصلاة وضبط الأنظمة خلال شهر رمضان.

هذه التفاصيل الدقيقة تحول التكنولوجيا من شيء غريب إلى مألوف، مما يساعد LG على بناء روابط عاطفية في المجتمعات التي تشكل فيها الأسرة والعادات اليومية جوهر الحياة.

الفلسفة وراء المنتج

يقع التعاطف في صميم فلسفة LG للذكاء الاصطناعي. تسعى الشركة إلى تطوير تكنولوجيا تبدو طبيعية وغير متطفلة. وعندما يتحدث قادتها عن المستقبل، فإنهم يفضلون الثقة والراحة على السرعة أو القدرة. يقول رو: «يجب ألا يتحكم الذكاء الاصطناعي بنا، بل أن يكون مدركاً للسياق ومتعاطفاً، مع الحفاظ دائماً على الخصوصية والأمن والتشفير.»

ترتكز فلسفة التصميم لدى LG على أربعة محاور رئيسية: الأمان، والترفيه، والراحة، والطاقة. وتتصل هذه الجوانب جميعها عبر ذكاء مشترك يتيح تجربة سلسة. وبالنسبة إلى LG، فإن المنزل الأكثر ذكاءً هو المنزل الذي يفهمك.

وترى الشركة أنّ التقدم لا يعني بالضرورة زيادة الضجيج أو الأتمتة لأجل الأتمتة. فوفقاً لـ LG، فإن منزل المستقبل سيعرف متى يستجيب ومتى يصمت. وكما يضيف رو: «يمكن للتكنولوجيا أن تجعل الحياة أسهل، لكن الذكاء المقترن بالتعاطف هو ما يجعلها أجمل.»

الملخص - أخبار منتقاة من المنطقة كل أسبوع
تبقيك نشرة مينا تك البريدية الأسبوعية على اطلاع بأهم مستجدات التقنية والأعمال في المنطقة والعالم.
عبر تسجيلك، أنت تؤكد أن عمرك يزيد عن 18 عاماً وتوافق على تلقي النشرات البريدية والمحتوى الترويجي، كما توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية الخاصة بنا. يمكنك إلغاء اشتراكك في أي وقت.
اقرأ أيضاً
مينا تك – أكبر منصة إعلامية باللغة العربية متخصصة في التكنولوجيا والأعمال
مينا تك – أكبر منصة إعلامية باللغة العربية متخصصة في التكنولوجيا والأعمال
حقوق النشر © 2025 مينا تك. جميع الحقوق محفوظة.