ملامح المستقبل المستدام لقطاع الرعاية الصحية | مقابلة مع الرئيس التنفيذي لشركة فيليبس في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا
في عصر يتسارع فيه تقدم التقنية الطبية وتتزايد فيه التحديات البيئية، أصبح التركيز على الاستدامة في مجال الرعاية الصحية محوراً أساسياً لتحسين الخدمات الصحية بشكل يجعلها متأهبة للمستقبل ومتطلباته المتزايدة. ولهذا تحدثنا بشكل أعمق مع السيد فينشينزو فينتريسيلي، الرئيس التنفيذي لشركة فيليبس في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، عن الاستدامة في قطاع الرعاية الصحية، وتأثير التغير المناخي على الرعاية الصحية، وغيرها من المواضيع على خلفية مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP28).
كيف تتصور مستقبل التكنولوجيا في مجال الرعاية الصحية؟
ستكون الرعاية الصحية في المستقبل ذكية ومتصلة، وستمتد خارج حدود المستشفيات لتصل المنازل والمجتمع بأكمله، حيث ستربط التكنولوجيا الرقمية الرعاية الصحية بمختلف الأماكن. أرسى التحول التقني الكبير الذي شهده قطاع الرعاية الصحية خلال السنوات الأخيرة الأساس لمستقبل من الابتكار والاستدامة.
في شركة فيليبس، نتصور مستقبل الرعاية الصحية الرقمية كشبكة متصلة وسهلة الوصول من الرعاية الافتراضية والشخصية، كما ستدعم تحليلات تنبؤية فورية التعاون على رعاية المريض في كل مرحلة من رحلته الصحية. أيضاً، يمكن أن يساعد تحسين سير العمل بالذكاء الاصطناعي في زيادة الكفاءة التشغيلية لمتخصصي الرعاية الصحية، بحيث يمكّنهم من التركيز على ما يتقنوه: الرعاية بالمرضى. ومن خلال استخدام حلول صحية رقمية مخصصة، سيتمكن الناس من رعاية صحتهم ورفاههم بشكل أفضل وسنقدر على تعزيز تحول الرعاية الصحية من رعاية المرضى فقط إلى مفهومها الحقيقي.
سيكون تركيزنا لعام 2024 وما بعده على تكوين شراكات هادفة في سبيل إحداث تأثير ملموس ونتائج حقيقية. وهذا يعني التركيز بقوة على بناء شراكات قوية ودائمة في كل من القطاعين العام والخاص، والاستمرار في تقديم الحلول السريرية الهامة التي تعمل على تحسين الرعاية الصحية والتجربة العامة للمرضى والموظفين على حد سواء، ومواظبة العمل الجماعي والتعاون والإبداع المشترك للمساعدة في إنشاء نماذج رعاية سلسة ومتصلة وقائمة على القيمة.
كيف يمكن تعزيز صمود الرعاية الصحية في ظل تحديات التغير المناخي؟
تثبت شركة فيليبس قدرتها العالية على التكيف من خلال تبنيها للأهداف المستندة إلى العلم، ومبادئ الاقتصاد الدائري، ومبادئ التصميم الصديق للبيئة (EcoDesign). إذ تتماشى هذه الالتزامات مع المعايير المتطورة وتمكننا من التصدي للتحديات العالمية بفعالية.
نؤمن بقوة بأنه يمكننا تعزيز الصحة والرعاية الصحية بشكل عام من خلال إعطاء الأولوية لاحتياجات العملاء واعتماد الابتكار الذي يُعنى بالمريض والمجتمع. يسهل هذا النهج الرعاية الصحية ويساهم في دعم الاستدامة، سواء داخل المستشفى أو في راحة المنزل. تتمتع فيليبس بمكانة جيدة لقيادة هذه التغييرات الإيجابية بطريقة مفيدة ومستدامة بفضل التزامنا بحماية المستهلك، ومعاييرنا السريرية والبيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) القوية، إلى جانب علامتنا التجارية المتينة.
في ظل مؤتمر COP28 المقام في الإمارات، كيف يمكننا أن نجعل الرعاية الصحية أكثر استدامة؟
هدفنا في فيليبس هو تحسين حياة 2.5 مليار شخص بحلول عام 2030، مع التركيز على الوصول إلى 400 مليون شخص في المجتمعات المحرومة من خدمات الرعاية الصحية.
نحن ملتزمون بالتعاون مع الشركاء من القطاعين العام والخاص، والاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز استدامة الرعاية الصحية وتوسيع نطاق الوصول إليها.
إن التزامنا الطويل الأمد بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والاستدامة معترف به عالمياً، حيث تحمي الممارسات المستدامة والمسؤولة ترخيصنا للعمل. ومن المشجع أن نرى توافقاً قوياً بين قطاع الرعاية الصحية وتوقعات العملاء حول الاستدامة. وكشف بحث فيليبس عن اتجاهات الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة أن الاستدامة هي أحد الاعتبارات الرئيسية للرعاية الصحية. حيث يعتقد 82% من المقيمين في الإمارات أن الاستدامة يجب أن تكون أولوية لشركات الرعاية الصحية. وشددوا على أهمية إعطاء الأولوية للممارسات التي لا تضر بالبيئة، فقد أشار 51% من المشاركين إلى أن ذلك يمثل أولوية رئيسية.
هذا يسلط الضوء على أهمية الممارسات التجارية المستدامة وحاجة قادة القطاع لتحقيق رعاية صحية مستدامة. من خلال دمج المواد والتقنيات المستدامة في تصميم منتجاتها، توضح فيليبس كيف يمكن أن يساهم الابتكار في مجال الرعاية الصحية في إزالة الكربون من الصناعة. ونهدف إلى مواصلة دفع الابتكار واعتماد ممارسات مستدامة لإنشاء قطاع رعاية صحية أكثر استدامة.
يعد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2023، والمعروف باسم COP28، بمثابة المنصة المثالية لدفع عجلة التنفيذ. ويعد هذا العام بالغ الأهمية بشكل خاص لأن التقييم العالمي الأول، عملية تستغرق عامين لتقييم التقدم الجماعي نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، سوف يتم هذا العام. وهذا يعني أننا سنكون قادرين على تحديد التحديات والفجوات في التقدم والعمل معاً للاتفاق على الفرص والحلول لسد هذه الفجوات.
يشجعنا اندفاع قطاع الرعاية الصحية وعملائنا على تقليص بصمتنا البيئية الجماعية. مما يعد خطوة أساسية لجعل كوكبنا أكثر صحة واستدامة، ونحن نتطلع إلى أن نكون قادرين على المشاركة في قيادة التغيير الإيجابي المستقبلي في فيليبس وتعزيز التزاماتنا في ذلك المجال.
كيف تقومون بدمج الاستدامة والاقتصاد الدائري في عملياتكم الداخلية وعمليات التصنيع؟
يعد دمج الاستدامة والاقتصاد الدائري في العمليات الداخلية وعمليات التصنيع أمراً أساسياً لاستراتيجيتنا الشاملة. فالاستدامة والدائرية ليست مجرد تطلعات، بل هي مكونات متكاملة في نسيج إدارة أعمالنا. تلتزم قيادة فيليبس بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والاستدامة عبر سلسلة قيمة الرعاية الصحية بأكملها، والتي تشمل المشتريات والعمليات والابتكار وتقديم الخدمات وسلسلة التوريد، وصولاً إلى المستخدمين النهائيين لحلولنا.
تتماشى أهدافنا المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والاستدامة لعام 2025 مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وخاصة الهدف 12 (ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة) والهدف 13 (اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره). تتناول هذه الأهداف الشاملة إجراءات محددة للحد من تأثيرنا البيئي والتصدي لتغير المناخ بحلول عام 2025. الاستدامة متأصلة بعمق في عمليات ابتكارنا لأنها تتبع مبادئ التصميم الصديق للبيئة (EcoDesign)، إذ نهدف لتصميم جميع منتجاتنا وخدماتنا الجديدة بما يتماشى مع متطلبات EcoDesign بحلول عام 2025. وهذا يشمل تعزيز توفير منتجاتنا للطاقة، واستخدام موارد أقل، ودمج المزيد من المحتويات المعاد تدويرها، وتجنب المواد الخطرة، وتصميم منتجاتنا وفق النظام الدائري، وتسهيل إعادة تدوير واستخدام عبواتنا.
تعمل مجموعة منتجاتنا المصممة وفق مبادئ EcoDesign بمثابة شهادة ملموسة على التزامنا بحلول تكنولوجيا الرعاية الصحية الصديقة للبيئة. فإننا نمثل كيف أن الاستدامة ليست فكرة تلوية، بل مبدأ أساسي يوجه تطويرنا للمنتجات من خلال التركيز على استخدام المواد البلاستيكية المعاد تدويرها والمواد الحيوية. على سبيل المثال، تقلل تقنية مغناطيس BlueSeal المبتكرة في ماسحاتنا الضوئية MR 5300 من الحاجة إلى غاز الهيليوم النادر وأيضاً من البصمة الكربونية بشكل كبير. يضمن هذا النهج الشامل دمج الاستدامة كجزء لا يتجزأ من عملياتنا وكفلسفة توجيهية توجه تطوير منتجاتنا.
تتطلب الرحلة نحو مستقبل مستدام التعاون والعمل السريع، ونحن في فيليبس فخورون بأن نكون في طليعة هذا التحول.