مع أن أمواجها أعلى كفاءة، اتصالات الجيل الخامس تستهلك بطاريات الهواتف بسرعة. لماذا؟
- وفق شركات الشبكات الهاتفية، الجيل الخامس من الاتصالات (5G) أكثر كفاءة بالعمل وأقل استهلاكاً للطاقة.
- في الاستخدام الواقعي، تستهلك الهواتف طاقة أكثر بـ 10% عند استخدام الجيل الخامس مقارنة بالجيل الرابع.
- هناك عدة أسباب للأمر، وهناك بصيص أمل لانخفاض استهلاك الطاقة من الشبكات في المستقبل القريب.
بينما تمتلك شبكات الجيل الخامس اليوم العديد من الميزات المثيرة التي تتضمن سرعات إنترنت مرتفعة ووقت تأخير منخفض جداً، فقد كانت واحدة من أكثر الميزات لفتاً لانتباهي في الجيل الجديد من الشبكات هو استهلاك الطاقة المنخفض.
من حيث المبدأ، يعد تخفيض استهلاك الطاقة في الجيل الخامس منطقياً للغاية. حيث إن ارتفاع سرعات الإنترنت يعني أن الهاتف يستطيع تحميل المحتوى أسرع والتحول إلى وضع اتصال غير فعال وأكثر توفير للطاقة. لكن وفي الوقت الحالي، لا يبدو أن ذلك قد تحقق.
أنت لا تتوهم ذلك، البطارية تفرغ أسرع عند استخدام شبكات الجيل الخامس
لا توجد أرقام مؤكدة لمدى تأثير شبكات الجيل الخامس على استهلاك البطارية حيث تتراوح التقديرات بين 10 و20%. ويظهر ذلك في نتائج اختبار محدود أجرته صحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal) في مارس الأخير، حيث خسر هاتف أيفون 13 برو أكثر من 16% من وقت تشغيل الفيديو عبر الإنترنت عند استخدام شبكات الجيل الخامس مقارنة بنظيرتها من شبكات الجيل الرابع.
بالنظر إلى أن التجارب تعكس ما بات عرفاً لدى الكثيرين بكون شبكات الجيل الخامس تصرف الطاقة أسرع، ما سر ذلك؟ ولماذا هناك تناقض غير مبرر بين توفير الطاقة النظري والصرف الزائد لها في الاستخدام الواقعي؟
خلال مشاركتنا في معرض جيتكس جلوبال 2022 المقام مؤخراً في دبي، دعتنا شركة “إريكسون” (Ericsson) للإعلان عن أكبر دراسة تجريها تمثل 1.7 مليار مستخدم لشبكات الجيل الخامس. وتضمنت الدراسة الحديث عن أهم المخاوف التي تراود المستخدمين حيال الجيل الخامس، وبالطبع تصدرت المخاوف من التأثير على البطارية الترتيب مع 25%.
25% من المستخدمين يرون استهلاك البطارية كأكبر عائق أمام تبني الجيل الخامس
قمت باستغلال الفرصة لسؤال واحدة من أكبر الشركات المزودة للشبكات والبنية التحتية للجيل الخامس عن سبب الاستهلاك الزائد للطاقة على هذه الشبكات. وكان الجواب غير متوقع بالنسبة لي، حيث شرح السيد هشام السماوات، مدير التسويق للعملاء في إريكسون الشرق الأوسط وأفريقيا، أن الهواتف اليوم لا تتصل بشبكات الجيل الخامس فحسب، بل أنها تتصل بشبكات الجيل الخامس والرابع معاً.
في الوقت الحالي، تصنف معظم شبكات الجيل الخامس على أنها غير مستقلة (NSA أو Non-Standalone)، ويعني ذلك أن الشبكة قد أضافت دعم الجيل الخامس بشكل محدود مع الاستمرار باعتماد البنية التحتية للجيل الرابع والاستمرار باستخدام بعض عناصر الشبكات السابقة.
بالإضافة لذلك، لا تدعم معظم الشركات المشغلة للشبكات اليوم المكالمات أو الرسائل النصية عبر الجيل الخامس، بل تقدمها عبر شبكات الجيل الرابع. ويعني ما سبق أن الهواتف وغيرها من الأجهزة المتصلة تحتاج للاتصال بشبكتين واستخدام هوائيين مختلفين طوال الوقت.
عندما يتصل هاتفك بشبكات الجيل الخامس، فهو يحتاج الاتصال بشبكات الجيل الرابع أيضاً
يعود سبب تبني شبكات الجيل الخامس بشكلها الحالي إلى كون الترقية أسهل من إعادة إنشاء البنية التحتية من جديد. لذا اختارت مختلف الشبكات العالمية ترقي أبراجها وبنيتها التحتية الحالية لتدعم الجيل الخامس بدلاً من بناء شبكة جديدة لهذا الجيل فحسب.
وبإضافة العلاقة العكسية بين البعد عن أبراج الاتصالات واستهلاك الطاقة، يظهر سبب آخر لارتفاع استهلاك الطاقة على شبكات الجيل الخامس. حيث تستخدم هذه الشبكات ترددات أعلى وذات مدىً أقصر، مما يجعل الهواتف تصرف المزيد من الطاقة بينما تحاول المحافظة على اتصال كان ليكون أقوى على شبكات الجيل الرابع.
قد لا نحتاج للاختيار بين السرعة واستهلاك الطاقة في السنوات القادمة
بالإضافة لكون سبب استهلاك الطاقة المرتفع لشبكات الجيل الخامس غير متوقع، فقد كان مخيباً للغاية. حيث إنه يفرض على المستخدمين الاختيار بين سرعات أعلى للإنترنت أو حياة بطارية طويلة. ومع أن سرعات الإنترنت الأعلى مغرية دون شك، فالكثير من المستخدمين يختارون حياة البطارية الأطول حتى ولو كان ذلك يعني إيقاف الاتصال بالجيل الخامس في أجهزتهم.
لحسن الحظ، فقد كان هناك جواب للسؤال عن كون الحال سيستمر كما هو الآن أم سيتغير، ووفق إريكسون، ستحمل السنوات القادمة تحقيق وعد الجيل الخامس بجمع سرعات أعلى مع استهلاك أدنى للطاقة، وبالأخص في الأسواق القريبة من التغطية الكاملة كما الإمارات العربية المتحدة وجزء كبير من المملكة العربية السعودية.
يكمن سر التغيير في الانتقال إلى اعتماد شبكات الجيل الخامس المستقلة (SA أو Standalone) بدلاً من الشكل الحالي. حيث توفر هذه الشبكات سرعات أعلى ولا ترغم الهواتف على الاتصال بشبكات الأجيال السابقة، أي أنها توفر الطاقة بشكل ملحوظ مقابل شبكات الجيل الخامس الحالية وحتى شبكات الجيل الرابع.
العائق الأهم هو الوقت، حيث تتسابق شركات الاتصالات لمد تغطية الجيل الخامس لتشمل جميع المناطق. وعندما يتحقق ذلك وتنتقل نسبة كافية من المستخدمين إلى هواتف تدعم جيل الاتصالات الجديد سيصبح من الممكن تفعيل اتصالات الجيل الخامس المستقلة وتخفيض استهلاك الطاقة بالتزامن مع سرعات إنترنت هائلة (قد تصل إلى سرعة 2.3 جيجا بت في الثانية التي حققتها شركة اتصالات ضمن اختبار متحكم به خلال فعاليات معرض جيتكس جلوبال 2022).