من أين تجني شركة Intel عائداتها حقاً؟ وكم ستتضرر من انتقال الشركات نحو معالجات ARM؟

طوال عقود الآن، لطالما كانت معالجات Intel هي المعيار الذهبي لمعالجات الحواسيب حول العالم. حيث سيطرت الشركة على سوق معالجات الحواسيب المكتبية والمحمولة منذ زمن بعيد، وتستمر بالسيطرة اليوم سواء بشكل مباشر عبر منتجاتها أو وبشكل غير مباشر مع كون معالجات منافستها AMD تستخدم مجموعة تعليمات x86 المرخصة من Intel.

 

لكن الهيمنة المستمرة لشركة Intel في معالجات الحواسيب لم تترجم كما ينبغي إلى سوق الهواتف، حيث فشلت الشركة في تحقيق نفس النجاح في الأجهزة المحمولة عموماً وخسرت القطاع لصالح المعالجات التي تستخدم مجموعة تعليمات ARM. واليوم يبدو أن معالجات ARM لم تكتفِ بالفوز بسوق الهواتف وحسب، بل أنها تتجه لسرقة القطاع الأساسي لدى Intel: معالجات الحواسيب.

 

في بداية العام الجاري كشفت شركة Apple أنها تنوي التخلي عن معالجات Intel تماماً مقابل تطوير معالجاتها الخاصة وفق مجموعة تعليمات ARM، والآن هناك شائعات عن نية Microsoft القيام بخطوة مشابهة وربما يتبعها مجال الحواسيب ككل مع زيادة إغراء استخدام معالجات ARM التي تستهلك طاقة أقل وتنتج حرارة أدنى أيضاً.

 

بالطبع لا يعني هذا أن شركة Intel قد خسرت المجال حقاً، بل أنها لا تزال المنافس الأقوى اليوم مع معالجات ذات مستوى أداء لا يزال بعيداً نسبياً عن منافسة ARM، لكن ولتشكيل فكرة أفضل عن مستقبل الشركة سنتناول هنا مصادر العائدات الأساسية لشركة Intel ومن أين تربح المال.

 

من أين تجني شركة Intel عائداتها؟

 

حتى اليوم لا تزال المعالجات هي المجال الأساسي لشركة Intel في مختلف الأقسام، فحتى مع جهود الشركة المستمرة لتنويع مجالات عملها لتتضمن الذواكر ووحدات التخزين وحتى بطاقات الرسوميات مؤخراً، فالمجال الأساسي للشركة لا يزال المعالجات والشرائح سواء كانت موجهة لسوق الحواسيب الشخصية أو مراكز البيانات.

 

وفق البيانات المالية لعام 2019، كان توزيع عائدات شركة Intel هو التالي:

 

قطاع الحواسيب الشخصية – 37.15 مليار دولار

 

يتضمن هذا القطاع معالجات الشركة المختلفة والتي تتراوح من الفئات المتدنية مثل فئة Celeron وCore m وحتى الفئات العليا مثل Core i7 وCore i9. حيث توجه هذه المنتجات إلى الحواسيب الخاصة بالمستخدمين الأفراد سواء كانوا موظفين في شركات أو مستخدمين نهائيين وتتضمن كلاً من الحواسيب المكتبية والحواسيب المحمولة أيضاً.

 

يذكر أن هذا القطاع من عمل Intel هو واحد من الأكثر عرضة للمنافسة اليوم، فهو متأثر بالتقدم الكبير الذي تقوم به شركة AMD في المجال من جهة، كما أنه معرض للخطر في حال باتت معالجات ARM منتشرة في الواقع، ومع كون هذا القطاع متعثر النمو نسبياً في الأعوام الأخيرة فالأمور لا تبدو مبشرة تماماً له وبالأخص مع الصعوبات التي تواجهها الشركة لتطوير معالجات بمعماريات أكثر دقة.

 

قطاع مراكز البيانات – 23.48 مليار دولار

 

يتضمن هذا القطاع المعالجات والمكونات الأخرى التي تصنعها وتصممها الشركة للاستخدام في مراكز البيانات الضخمة، أي أن هذا المجال من العمل يتم بين الشركات (B2B) وليس بين الشركات والمستخدمين (B2C). ومن بين مختلف قطاعات عمل الشركة فهو واعد أكثر من سواه مع معدل نمو صحي ومستمر في السنوات الأخيرة شهد تمدد حجمه من 11.2 مليار دولار أمريكي عام 2012 ليصل إلى أكثر من ضعفي القيمة العام الماضي.

 

مواضيع مشابهة

من الواضح أن النمو الكبير لعمل Intel في مراكز البيانات ناجم عن رغبتها بالبقاء تنافسية حتى في حال تعرضت مجالات عملها الأخرى لمنافسة قوية، لكن هذا لا يعني أن الشركة تسيطر وحيدة على مجال مراكز البيانات في الواقع، بل أنها تتعرض لمنافسة قوية مؤخراً من مراكز البيانات التي تستخدم مجموعة تعليمات ARM، وبالتالي تقاتل Intel نفس المنافس الأساسي في مجالي عملها الأساسيين.

 

حلول الذواكر المستدامة – 4.36 مليار دولار

 

يتضمن هذا القطاع مختلف أنواع الذواكر التخزينية وبالأخص ذواكر Intel Optane التي يتم تطويرها في السنوات الأخيرة ووحدات تخزين SSD. ومع أن المجال لا يزال صغيراً حالياً ضمن مجمل أعمال الشركة، فهي تخطط لنمو كبير فيه بغرض تنويع مجال عملها بشكل أكبر يحميها من تقلبات السوق.

 

اقرأ أيضاً: بطاقات رسوميات Iris Xe Max من Intel تبدأ بالوصول إلى اللابتوبات

 

إنترنت الأشياء (Internet of Things) – 3.82 مليار دولار

 

تقوم شركة إنتل بصنع العديد من المعالجات والشرائح التي يتم استخدامها في أجهزة إنترنت الأشياء مثل مكبرات الصوت الذكية والأجهزة المنزلية الذكية وسواها، ومع أن الشركة تواجه منافسة كبيرة من شرائح ARM في هذا المجال، فهي لا تزال تتمتع بحصة جيدة قابلة للنمو المستقبلي ضمن هذا القطاع.

 

الحلول القابلة للبرمجة – 1.99 مليار دولار

 

تنتج الشركة الكثير من شرائح السيليكون والمعالجات البسيطة القابلة للتخصيص من قبل الشركات والمستخدمين للعديد من الاستخدامات المختلفة، ومن بين مجالات الشركة الأساسية يعد هذا المجال الأصغر حالياً.

 

*مع أن بيانات الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2020 متاحة حالياً، فقد اخترنا الاعتماد على بيانات عام 2019 نظراً لتأثير وباء كوفيد-19 على الاقتصاد العالمي مما يجعل بيانات العام الجاري حالة خاصة.

 

ما مدى الضرر الذي يمكن أن تتلقاه Intel نتيجة اشتداد المنافسة في سوق معالجات الحواسيب؟

 

مع كون قسم معالجات الحواسيب هو الأكبر في الشركة مع تشكيله لأكثر من نصف عائداتها خلال السنوات السابقة، فأي انخفاض لحصتها السوقية أو ضربة كبيرة للقطاع تعني انخفاضاً واضحاً في عائداتها وأرباحها، وبالطبع سيترك انتقال شركة Apple إلى استخدام معالجات ARM فجوة مالية كبيرة للشركة.

وفي حال سار الأمر بشكل مشابه للشركات الأخرى ستكون الأمور موجعة لـ Intel دون شك، حتى ولو كان التأثير ليس كبيراً كفاية ليخرج الشركة من السوق مثلاً كما يبالغ البعض بوصفه، فحتى مع فقدان كامل قطاع معالجات الحواسيب تبقى شركة Intel شركة عملاقة مع عائدات سنوية بعشرات مليارات الدولارات.

شارك المحتوى |
close icon