مستقبل الابتكار في مجال المدفوعات: بركريتي سينغ من ماستركارد تشارك رؤيتها

بركريتي سينغ، النائبة التنفيذية لرئيس المدفوعات الأساسية في أوروبا الشرقية، والشرق الأوسط، وإفريقيا في شركة ماستركارد

Ali Wadi Hasan

تُعد الصناعة المالية من أكثر القطاعات إثارة للاهتمام، لما تجمعه من مزيج فريد بين الابتكار والتنظيم. فهي في طليعة القطاعات التي تتبنى تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، لكنها في الوقت ذاته تخضع لإطار تنظيمي صارم نظراً لطبيعة البيانات الحساسة التي تتعامل معها. ونظراً لهذا الواقع، أجرينا حواراً مع بركريتي سينغ، النائبة التنفيذية لرئيس المدفوعات الأساسية في أوروبا الشرقية، والشرق الأوسط، وإفريقيا في شركة ماستركارد، حيث قدّمت لنا رؤى مهمة حول رؤية الشركة باعتبارها من أبرز اللاعبين في مجال التكنولوجيا المالية عالمياً.

لقد توليتِ مؤخراً منصباً قيادياً جديداً في ماستركارد. هل يمكنكِ توضيح طبيعة هذا الدور ولماذا يعد أساسياً فيرؤية الشركة ضمن الاقتصاد الرقمي سريع التطور اليوم؟

بصفتي النائبة التنفيذية لرئيس المدفوعات الأساسية في أوروبا الشرقية، والشرق الأوسط، وإفريقيا، أتحمل مسؤولية الإشراف على حلول منتجات ماستركارد ودفع تبنّي تجارب الدفع المبتكرة في المنطقة. وبالتعاون مع شركائنا، يعمل فريقي على تعزيز الابتكار والنمو في التجارة الرقمية من خلال مجموعة واسعة من المنتجات تشمل الترميز، والمصادقة، والقياسات الحيوية، وبوابة Mastercard Gateway، وحلول الدفع، والعملات المشفرة، وأنظمة القبول منخفضة التكلفة.

يساعدنا هذا التنوع في جعل التجارة الرقمية أبسط، وأسلس، وأكثر أماناً وشمولاً. ومع تسارع اعتماد المدفوعات الرقمية، يكمن هدفنا في ضمان مشاركة الجميع في الاقتصاد الرقمي والاستفادة منه. ويتطلب ذلك فهماً عميقاً للاحتياجات المحلية مع تقديم حلول قابلة للتوسع وموثوقة وآمنة. نحن نركز على توسيع الخيارات وإتاحة الوصول في أسواق متنوعة، من الاقتصادات المتقدمة ذات الأنظمة الرقمية الناضجة إلى الأسواق الناشئة التي لا يزال التعامل النقدي فيها سائداً.

تعد ماستركارد من أبرز الجهات التي تقود ابتكار المدفوعات. ما التقنيات الناشئة التي تدعمونها حالياً، وكيف تعيدتشكيل التجارب المستقبلية في قطاعات مثل التجزئة، والسفر، والحكومة؟

الابتكار جزء أساسي من هوية ماستركارد. نحن شغوفون بابتكار أفكار جديدة، ومواكبة الاتجاهات، وتوسيع نطاق الحلول المبتكرة لتلبية الطلب وتحقيق نجاح عملائنا.

تكشف أبحاثنا عن تحول مهم في سلوك المستهلكين، إذ أصبحوا يفضلون التواصل وتجربة ما يثري حياتهم فعلاً – أي صرف الوقت والمال على ما يضيف قيمة حقيقية. ولمواكبة هذه التغيرات، تقدم ماستركارد في المنطقة مجموعة جديدة من المزايا الفريدة تحت اسم «The Mastercard Collection» ضمن بطاقات World، وWorld Elite، وWorld Legend الجديدة. نهدف إلى تحويل كل معاملة يومية إلى تجربة مميزة. هذا المبدأ نفسه – أي خلق لحظات سلسة وقيّمة للناس – هو ما يوجّه خارطة طريقنا التقنية في قطاعات مثل التجزئة، والسفر، والحكومة.

تعد تقنيات مثل الترميز، والمصادقة البيومتريةـ والذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين من الركائز الأساسية لهذه الرؤية. حيث أن الترميز على سبيل المثال حجر الأساس، إذ يستبدل أرقام البطاقات برموز آمنة في معاملات التجارة الإلكترونية، والمحافظ الرقمية، والمدفوعات عبر الأجهزة المتصلة، ما يقلل من مخاطر الاحتيال. إلى جانب ذلك، تعمل تقنية Mastercard Payment Passkey على تبسيط عملية الدفع عبر الإنترنت من خلال المصادقة البيومترية بدلاً من كلمات المرور المؤقتة، لتجربة أسرع وأكثر أماناً.

كما نعمل على بناء الأساس للجيل القادم من التجارة، بما في ذلك «التجارة عبر الوكلاء» والمدفوعات القابلة للبرمجة، حيث تصبح المدفوعات أكثر اندماجاً، وتخصيصاً، وأتمتة – وكل ذلك مدعوم بالتقنيات الأمنية نفسها التي تمكّن المدفوعات اللاتلامسية ومعاملات التخزين عبر البطاقات.

في جانب التسويات المالية واقتصاديات التجار، تطور ماستركارد حلول تسوية رقمية جديدة. إذ تتيح تسويات العملات المستقرة (Stablecoins) المنظمة والمعاملات الفورية، مما يضمن للتجار تحصيل مستحقاتهم بسرعة أكبر وبكفاءة أعلى، مع الحفاظ على الأمان، والامتثال، والتكامل الذي تتميز به أنظمة الدفع التقليدية.

مكتب ماستركارد في دبي - الصورة: ماستركارد

مكتب ماستركارد في دبي – الصورة: ماستركارد

مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، كيف تحافظ ماستركارد على ريادتها في مكافحة الاحتيال وتعزيز الأمن؟

بينما يتفاعل المستهلكون بشكل متزايد عبر منصات الذكاء الاصطناعي، تساهم ماستركارد في تشكيل مستقبل «التجارة عبر الوكلاء». ومن خلال تعاوننا مع مايكروسوفت وغيرها من كبرى شركات الذكاء الاصطناعي، نعمل على توسيع حلول مثل Mastercard Agent Pay التي تقدم تجارب دفع أكثر ذكاءً وأماناً وشخصنة. في جوهر هذا الابتكار توجد «الرموز الوكيلة» (Agentic Tokens) التي تبنى على قدرات الترميز التي تدعم بالفعل المدفوعات اللاتلامسية، ومعاملات التخزين، والدفع البيومتري باستخدام مفاتيح المرور. وتتيح هذه الرموز مدفوعات آمنة وقابلة للبرمجة لتغطية الاحتياجات اليومية مثل الاشتراكات والنفقات الدورية، مما يمنح المستخدمين تحكماً كاملاً وأماناً عالياً.

في الوقت نفسه، ندرك أن الذكاء الاصطناعي يمثل تحدياً وفرصة في آن واحد. إذ يستخدمه المهاجمون لأتمتة الهجمات، وإنشاء نسخ تزييف عميق، وتصميم عمليات احتيال أكثر تطوراً، لكنه أيضاً أحد أقوى أدواتنا للحماية. تستخدم ماستركارد الذكاء الاصطناعي لحماية أكثر من 150 مليار معاملة سنوياً، وتواصل الاستثمار لمواكبة التهديدات المتطورة. ومن خلال عمليات استحواذ مثل Brighterion، وRiskRecon، وNuData، عززنا قدرتنا على اكتشاف الاحتيال في الوقت الفعلي، وحماية التجار، وتحسين معدلات الموافقة على المعاملات.

على سبيل المثال، يتيح نظام إدارة خطر المعاملات (المعتمد على Brighterion والمطبق حالياً في المنطقة عبر بوابة دفع ماستركارد) للأطراف المستقبلة للمدفوعات تقليل الاحتيال وزيادة نسبة المعاملات الصحيحة.

كما نطوّر حلولاً جديدة مثل Decision Intelligence Pro التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين كشف الاحتيال بنسبة تصل إلى 300%، وحل Account Intelligence Reissuance الذي يساعد المصارف على تحديد الوقت والطريقة الأنسب لإعادة إصدار البطاقات المتضررة بناءً على توصيات مدعومة بالذكاء الاصطناعي. وإلى جانب ذلك، نوسع قدراتنا في استخبارات التهديدات العالمية بالتعاون مع Recorded Future، لتمكين الشركات من البقاء متقدمة على مجرمي الإنترنت.

كما نوسع خبرتنا إلى ما هو أبعد من قطاع المدفوعات. ففي الإمارات، أطلقنا مركز الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني المتقدم بالشراكة مع الحكومة لتطوير حلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمكافحة الجرائم المالية وتعزيز أمن المنظومة الرقمية. وفي السعودية، أنشأنا مركز المرونة السيبرانية في الرياض لتزويد المؤسسات بالأدوات والخبرات والاستراتيجيات اللازمة لاكتشاف المخاطر والاستجابة لها في الوقت الحقيقي. تجسد هذه المبادرات التزامنا ببناء اقتصاد رقمي أكثر أماناً وثقة في المنطقة.

يعد الترميز من أبرز الابتكارات في أمن المدفوعات الرقمية. ما أبرز إنجازات ماستركارد في هذا المجال، وكيفأثرت على ثقة المستخدمين وصلابة المنظومة؟

استغرق الأمر ثلاث سنوات لمعالجة أول مليار معاملة «مُرمّزة»، أما اليوم فنشهد أكثر من مليار معاملة أسبوعياً، وأصبح الترميز حجر الأساس في شبكتنا. لدينا الآن رموز رقمية للمدفوعات أكثر من عدد البطاقات الفعلية المتداولة – وهذا يعكس مدى التوسع.

بناءً على هذا التقدم، نحن أكثر التزاماً من أي وقت مضى بتعميم الترميز في التجارة. لقد وضعنا هدفاً يتمثل في تحويل كل معاملة على شبكتنا إلى معاملة «مُرمّزة» بحلول عام 2030، وإلغاء إدخال بيانات البطاقات اليدوي لتصبح عمليات الدفع عبر الإنترنت أكثر سلاسة وأماناً.

يقدم الترميز إمكانات كبيرة لتسريع الابتكار في التجارة الرقمية والمادية على حد سواء. فهو يلعب اليوم دوراً مهماً في تجارب مثل التجارة داخل السيارات، وشحن المركبات الكهربائية، وإنترنت الأشياء. وعلى مدى السنوات الخمس القادمة، نتوقع أن يفتح الترميز الباب أمام حالات استخدام جديدة، مما يزيد من سرعة وسهولة المدفوعات في جميع جوانب التجارة. ومع انتشاره الواسع، سيعزز الترميز الثقة والأمان عبر المنظومة بأكملها بما يعود بالنفع على المصارف، والمستهلكين، والشركات على حد سواء.

تتطور المحادثات حول العملات المشفرة باستمرار. كيف ترين نضج هذا القطاع، وما هو موقف ماستركارد مندوره ضمن النظام المالي الأوسع؟

شهد نظام العملات المشفرة تطوراً ملحوظاً خلال العقد الماضي. فبعد أن بدأ كتجربة محدودة في التمويل اللامركزي، أصبح اليوم صناعة ديناميكية متعددة الجوانب تتقاطع بشكل متزايد مع الأنظمة المالية التقليدية. ومع ذلك، لا يزال هذا المجال في مرحلة انتقالية تتسم بالابتكار والتقلب والحاجة إلى مزيد من الثقة والامتثال والفائدة العملية.

مع تزايد انتشار العملات المستقرة في منطقة أوروبا الشرقية، والشرق الأوسط، وإفريقيا، تركز ماستركارد على تحقيق التوسع والامتثال التنظيمي وتقديم الفائدة الفعلية، مما يعزز مكانتها في طليعة ابتكارات المدفوعات.

نواصل دعم نمو العملات المستقرة حول العالم، ونمكّن اليوم مدفوعات كاملة عبر هذه الأصول الرقمية. ويشمل ذلك تعاوننا المستمر مع Circle لتمكين التجار من استلام مدفوعاتهم بالعملات المستقرة، بغض النظر عن طريقة الدفع التي يختارها المستهلك. وإلى جانب USDC من Circle، تدعم ماستركارد مجموعة متزايدة من العملات المستقرة المنظمة من جهات إصدار مختلفة مثل USDG من Paxos، وFIUSD من Fiserv، وPYUSD من PayPal.

كما نقود جهوداً أوسع لاستخدام العملات المستقرة المنظمة في تحويل الأموال والمعاملات بين الشركات والمدفوعات للعاملين المستقلين وصناع المحتوى عبر منصات مثل Mastercard Move وMulti-Token Network (MTN). وترتكز هذه الجهود على بنية تحتية قوية تشمل Crypto CredentialوCrypto Secure لضمان التزام المعاملات بأعلى معايير الأمان والامتثال.

وعلى سبيل المثال، تعمل ماستركارد وCircle على توسيع شراكتهما لتمكين تسويات USDC وEURC للمؤسسات المستقبلة للمدفوعات في منطقة أوروبا الشرقية، والشرق الأوسط، وإفريقيا. ويمثل هذا التوسع المرة الأولى التي يمكن فيها للجهات العاملة في المنطقة تسوية معاملاتها بالعملات المستقرة، مما يعزز دور ماستركارد في ربط أصول البلوك تشين الأصلية بالبنية التحتية المالية التقليدية. وستكون شركتا الخدمات المالية العربية وEazy Financial Services من أوائل المستفيدين من هذه الخطوة.

في ماستركارد، نؤمن بأن القيمة الحقيقية لتقنية البلوك تشين والأصول الرقمية لا تكمن في المضاربة، بل في معالجة المشكلات الواقعية. فمن تحديث المدفوعات عبر الحدود إلى تمكين التجارة القابلة للبرمجة، تعيد تقنيات العملات المشفرة تشكيل طريقة انتقال القيمة عالمياً. لكن لتحقيق توسع فعلي، يجب أن تكون هذه التقنيات جزءاً من بنية موثوقة توفر الحماية والاعتمادية والسلاسة نفسها التي يتوقعها المستخدمون والشركات من أنظمة الدفع التقليدية.

الملخص - أخبار منتقاة من المنطقة كل أسبوع
تبقيك نشرة مينا تك البريدية الأسبوعية على اطلاع بأهم مستجدات التقنية والأعمال في المنطقة والعالم.
عبر تسجيلك، أنت تؤكد أن عمرك يزيد عن 18 عاماً وتوافق على تلقي النشرات البريدية والمحتوى الترويجي، كما توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية الخاصة بنا. يمكنك إلغاء اشتراكك في أي وقت.
اقرأ أيضاً
مينا تك – أكبر منصة إعلامية باللغة العربية متخصصة في التكنولوجيا والأعمال
مينا تك – أكبر منصة إعلامية باللغة العربية متخصصة في التكنولوجيا والأعمال
حقوق النشر © 2025 مينا تك. جميع الحقوق محفوظة.