ما هو التعلم الذكي و ما هي مكوناته و ركائزه التي يرتكز عليها
ما هو التعلم الذكي؟
التعلم الذكي ( smart learning )هو مصطلح واسع للتعليم في العصر الرقمي اليوم يعكس كيف يمكّن استخدام التقنيات المتقدمة المتعلمين من استيعاب المعرفة والمهارات بشكل أكثر فعالية وكفاءة وسهولة من الطريقة التقليدية و على الرغم من أن الحركة العالمية متجهة نحو التعلم الذكي الذي يمثل نقلة نوعية مهمة في التعلم الحديث لا يزال كثير من الناس يجدون هذا المفهوم غامضًا.
تتضمن العملية التعليمية الحديثة في التعلم الذكي أربعة مكونات: الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والمناهج الدراسية وبيئة التعلم حيث يصبح المتعلم قائدًا استباقيًا وليس تابعًا ثابتًا للعملية التعليمية و يركز التعلم الذكي على أن تكون مرشدًا ومدربًا بدلاً من أن تكون مجرد مدرس ، الأمر الذي يتطلب التدريب لنقل المعرفة بشكل فعال ضمن إطار يركز على المتعلم و قد تم تعديل المناهج الدراسية في العديد من الدول مثل دولة الإمارات العربية المتحدة لتعكس تطور المعرفة بشكل سليم فقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي لإنشاء بيئة تعليمية فريدة في المدارس حيث سيستخدم الطلاب الأجهزة الذكية كوسيلة للتعلم كما تشمل المبادرة برامج تدريب متخصصة للمعلمين وإدخال مناهج جديدة لنشر نهج التعلم الذكي في مدارس الدولة.
و قد تم توسيع بيئة التعلم للنظر في الحقائق الجديدة مثل هيمنة الأجهزة الذكية مما أتاح فرصًا كبيرة للتعلم من خلالها.
اقرأ ايضا :
الحواجز و التحديات أمام التعلم الذكي
عادة ما تكون المجتمعات مقاومة للتغيير، على سبيل المثال سخر المجتمع العلمي من الأخوين رايت لاعتقادهم أن الطيران هو مستقبل النقل و اليوم لا يمكننا تخيل العالم بدون طائرات و نظرًا لأن التعلم الذكي في مراحل ناشئة نسبيًا خاصة في العالم العربي فإنه يواجه العديد من الحواجز و التحدي الرئيسي هو أن التعلم الذكي يتعارض مع الطبيعة الجامدة للتعليم التقليدي و تركز مؤسسات اليوم بشكل أكبر على إدارة الموظفين والمباني والتمويل بدلاً من المهمة الحاسمة لإدارة التعلم.
يجب أن يتبنى المجتمع الأكاديمي والجمهور بشكل عام التعلم الذكي كحل للعديد من المشكلات و كي يصبح هذا الحل فعالًا نحتاج إلى تغيير كيفية إدراكنا للتعلم وقبول أن التعليم التقليدي ببساطة لا يمكنه مواكبة عالم اليوم سريع التغير و نحن بحاجة إلى تغيير الطريقة التي يعمل بها نظام الدراسة الحالي بأكمله وجعله أكثر فائدة للمتعلم الحديث.
ركائز التعلم الذكي
تقوم خدمة أو مزود التعلم الذكي على ثلاث ركائز و هي إمكانية الوصول والمرونة والقدرة على تحمل التكاليف فمثلا لجعل التعلم متاحًا بجامعة حمدان بن محمد التقنية بالامارات تستخدم الجامعة نموذج التعلم مدى الحياة (نموذج 4 C) لتصنيف المتعلمين وتستخدم مناهج تعلم خاصة بالسياق وفقًا لذلك. على سبيل المثال ، عقدت الجامعة شراكة مع ستاربكس لتوفير فرص تعلم عبر الإنترنت في 27 من فروعها في دبي حيث يمكن للمستفيدين اكتساب المعرفة أثناء احتساء المشروب المفضل لديهم.و توفر الجامعة أيضاً للمتعلمين مقاطع فيديو تعليمية قصيرة تغطي أكثر من 5000 دورة تدريبية.
يجب أن يكون التعلم الذكي مرنًا و متاجا لجميع الطلبة بغض النظر عن الجنس والقدرات البدنية والعمر والدين و الأمور الأخرى. و تعد القدرة على تحمل التكاليف مشكلة دائمة في التعليم التقليدي حيث تكافح المؤسسات باستمرار في مساحة محدودة و بينما يشتكي الكثيرون من أن التعليم مكلف فإن الحقيقة هي أن الجهل أكثر تكلفة. و يقلل التعلم الذكي من النفقات في مجالات مثل النقل ومتطلبات الفصول الدراسية ، مما يمنح المتعلمين حرية مالية أكبر لمتابعة التعلم ويصبحوا أشخاصا منتجين في المجتمع.
التعلم الذكي – مستقبل التعليم العالي
التعلم الذكي هو أفضل طريق لضمان مستقبل أكثر إشراقًا للتعليم العالي و تتواصل العديد من مؤسسات التعليم العالي بالفعل مع المزيد من المتعلمين من خلال مناهج غير تقليدية وهو اتجاه من المتوقع أن يكتسب المزيد من الزخم في السنوات القادمة.
اليوم ،نتصور مستقبلًا يكون فيه التعليم مجانيًا لجميع السكان لضمان حصول جميع الناس على وظائف مناسبة وفرصة للتمتع بحياة كريمة و هناك حوالي 17.5 مليون شاب خارج المدرسة في الشرق الأوسط في ظل ظروف قاسية جدا وكثير منهم من اللاجئين وسيستغرق الأمر قرونًا لتلبية احتياجاتهم التعليمية لكن خيار التعلم الذكي يمكن أن يسرع وتيرته بشكل كبير.
نشهد في القرن الواحد والعشرين صعود ثورة صناعية رابعة تتميز بظهور تقنيات مثيرة تطمس الحدود المادية والرقمية والبيولوجية و بالنسبة للمجتمع التعليمي العالمي ، يوفر لنا هذا العصر الجديد الأدوات والتقنيات و التكنولوجيا والبنية التحتية لتحقيق مهمتنا المتمثلة في تثقيف المجتمع بأكمله.
مثل المظلة ، لا يمكن للعقل أن يعمل حتى يتم فتحه. يفتح التعلم الذكي العقل على إمكانيات التعليم بلا حدود ويجب أن يعمل أولئك الذين لديهم شغف لإطلاق العنان لإمكاناته الكاملة لصالح المتعلمين الذين يتنقلون في عالم جديد ذكي.
تمامًا كما تجرأ الأخوان رايت على الطيران وتغيير العالم ، يجب على المجتمع التعليمي نشر أجنحته بشجاعة وذكاء نحو مستقبل افضل للبشرية.
