لماذا لم تمنع فيسبوك بث العملية الإرهابية في نيوزيلندا؟
العملية الإرهابية في نيوزيلندا – فُجع العالم الإسلامي يوم الجمعة الماضي بهجوم إرهابي مُدبر من أحد مواطني دولة نيوزيلندا وبالتحديد في مدينة كرايست تشيرتش والتي راح ضحيتها العديد من المسلمين من مختلف الجنسيات حول العالم منها المصرية والأردنية والسعودية والفلسطينية والسورية والعراقية وغيرهم والتي وصفت بأنها إحدى الهجمات الإرهابية العنصرية ضد المسلمين.
وما كان أكثر ألمًا على الجميع، الحرية التي تمتع بها منفذ العملية الإرهابية في تسجيل مقطعًا مرئيًا من بداية الحادث وحتى آخره، يصول ويجول بأسلحته المدججة وسط المسجد على مرأى ومسمع من جميع مستخدمي شبكة فيسبوك الاجتماعية، لكن دعني أقول أنها شبكة فيسبوك الإرهابية، نعم عندما تتواطأ شبكة اجتماعية مثل هذه بدعوى حرية المستخدمين كي تسمح له بنشر مقطع مثل هذا بالبث المباشر ولا تحاول أن تقطعه، فهذا بالطبع تواطؤ بيّن ليس له أي حجج أو أعذار.
في حين أن منصات أخرى بما في ذلك يوتيوب وتويتر تحركوا سريعًا لتطهير أي محتوى متعلق بهذه الحادثة الإرهابية المدبرة، ظل المقطع المرئي للإرهابي متاحًا عبر شبكة فيسبوك الاجتماعية لفترة حتى بعد تنفيذ العملية لساعات، ويذكر أن المقاطع المرئية كانت متاحة عبر يوتيوب كذلك لساعات رغم محاولاتها في تطهير ذلك.
أقر مارك زوكربرج من قبل أنه من الصعب ضبط المحتوى المقدم من 2.7 مليار مستخدم لكن السماح لهذه العمليات الإرهابية أن تُنشر بين المستخدمين ولا يكون لها رادع نعده من الخساسة بلا أي عذر، فلو كانت هذه العملية الإرهابية في بلادهم ضد ديانة أخرى لقام العالم أجمع ولم يقعد ولرُفعت القضايا أمام هذه الشبكات الخسيسة التي لا هي اجتماعية ولا هي غيره.
سلّطت عملية القتل الأخيرة في نيوزيلندا الضوء على مساعدة التقنيات التي نستخدمها للقاتل في نشر أفكاره المعادية ضمن المهاجرين والمسلمين، وقد كان الإرهابي معروفًا بمعاداته الباردة تجاه المسلمين في مختلف الشبكات الاجتماعية، وبعد حجب الفيديو ظلت التعليقات “تثني” على فعله بالقتل بكل وقاحة.
كثرت عمليات القتل والتهديد والانتحار المصوّرة عبر الشبكات الاجتماعية لحد كبير جدًا قد لا نتحمله، ورغم محاولات الشبكات الاجتماعية في البحث وحذف المحتوى المسيء فإن الأمور مازالت تخرج عن السيطرة.
لا تعترف منصة فيسبوك بفشلها في خدمة فيسبوك لايف وهي حقيقة للأسف، فلا يوجد أي وسيلة للسيطرة على خدمة فيسبوك لايف من قبل المسؤولين إلا بعد فوات الأوان، ولقد علم فيسبوك أن خدمة البث المباشر تُشجع وتضخم أسوأ ما في البشرية، ويجب أن تواجه الحقيقية بأن يدها تُلطخ بالدماء مع كل نفس تموت عبر الخدمة.
بغض النظر عن المحاولات المختلفة في منصات الشبكات الاجتماعية لمنع تصوير مثل هذه العمليات الإرهابية، فإنهم حققوا بالفعل أهدافهم التي سعوا إليها وهي السماح لأي شخص أن يشارك ما يُريد وقتما يُريد مع أكبر عدد من الناس دون اعتبار للمحتوى أو الهدف منه.
لنكون منصفين، فهذه الشركات الاجتماعية لا تريد أن ينشر المجرمون جرائمهم بالبث المباشر أمام الجميع، لكنها في نفس الوقت وفرت لهم أدوات تسمح لهم القيام بهذا تحديدًا، فليس هناك إذن أو تحقق من هدف الناشر، وإنما يعبرون دون سلطات.
رغم المليارات التي تضمها شبكة فيسبوك، لايزال أمر تحميل المحتوى المسيء متاحًا لأي شخص دون إذن أو تدخل بشري في منعه، ولا تدقق فيسبوك كذلك في تعليات المستخدمين أو الإعلان أو أي شيء تقريبًا فيما يتعلق بمحتوى المستخدمين قبل نشره، لكن إن وُجد جدل واسع حول نوعية من المحتوى أو مُستخدم ما يتم التحقق منه ثم البت في أمره أيحذف أم يُترك كما هو، وليس هذا الأمر فقط عند فيسبوك وإنما في جميع الشبكات الاجتماعية.