للمرة الأولى: مركبة فضائية على متن رحلة خاصة تهبط بسلامة على القمر

⬤ نجحت شركة Firefly Aerospace في تحقيق أول هبوط خاص سلس على سطح القمر بمركبتها Blue Ghost.
⬤ تحمل المركبة عشرة أجهزة علمية متطورة لوكالة NASA الأمريكية، لدراسة تربة القمر وتطوير أنظمة ملاحية وحوسبية.
⬤ يعزز هذا الإنجاز مستقبل الاستيطان القمري، مما يمهد لتحويل القمر إلى مركز تجاري وبشري دائم في المستقبل.
في لحظة فارقة تعيد تشكيل مشهد استكشاف الفضاء للقطاع التجاري الخاص، نجحت شركة Firefly Aerospace، التي تتخذ من تكساس مقراً لها، في تحقيق إنجاز تاريخي طالما استعصى على الحكومات والشركات الخاصة على حد سواء، إذ تمكنت من تنفيذ هبوط سلس تماماً على سطح القمر بجهود مستقلة. وقد حطت المركبة القمرية Blue Ghost Mission 1 بسلام في منطقة Mare Crisium، بالقرب من جبل Mons Latreille، في تمام الساعة 12:34 ظهراً بتوقيت الإمارات العربية المتحدة، يوم الأحد 2 مارس.
جاء هذا الإنجاز بعد 45 يوماً من إطلاق المركبة على متن صاروخ SpaceX Falcon 9 من قاعدة كيب كانافيرال للقوات الجوية الأمريكية، وأرسلت المركبة فور هبوطها صوراً مذهلة أظهرت محركات الهبوط والهوائي وظل المركبة على سطح القمر، مما أكد نجاح المهمة، تلاها مشهد ساحر لشروق الشمس القمري.
لا تقتصر مهمة Blue Ghost على إثبات القدرات التقنية، بل تحمل على متنها عشرة أجهزة علمية وتقنية متطورة لصالح وكالة الفضاء الأمريكية (NASA)، ستعمل على مدار 14 يوماً أرضياً، أي يوم قمري واحد، في تحليل تربة القمر، واختبار أنظمة حوسبة مقاومة للإشعاع، ودراسة إمكانية تطوير نظام ملاحة شبيه بنظام التموضع العالمي (GPS) على سطح القمر. وتعد هذه البيانات بالغة الأهمية لدعم برنامج Artemis من NASA، الذي يهدف إلى إعادة البشر إلى القمر خلال هذا العقد، تمهيداً للتوسع صوب كوكب المريخ.
تندرج هذه المهمة ضمن مبادرة الخدمات التجارية للحمولة القمرية (CLPS) التي أطلقتها NASA في 2018، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون مع الشركات الأمريكية ومنحها التمويل لقاء تنفيذ المهام ونقل معدات الوكالة وأجهزتها المختلفة صوب الفضاء.
لم يكن الطريق إلى هذا الإنجاز خالياً من العقبات، إذ واجهت العديد من المحاولات السابقة إخفاقات متكررة. ففي وقت سابق من عام 2024، تمكنت شركة Intuitive Machines، التي تتخذ أيضاً من تكساس مقراً لها، من الهبوط على القمر جزئياً، لكن مركبتها Odysseus فقدت توازنها وانقلبت، مما قلص عمرها التشغيلي. كما فشلت بعثات أخرى في تحقيق هبوط سلس، سواء بقيادة شركات خاصة أو حكومات مثل اليابان وروسيا. فعلى سبيل المثال، هبطت مركبة SLIM اليابانية رأساً على عقب، ونجم عن ذلك صعوبات في توليد الطاقة. وحتى الولايات المتحدة نفسها، رغم نجاح مهمة Artemis I التي دارت حول القمر، تواجه تأخيرات في مهمة Artemis II.
يبرز نجاح Firefly Aerospace في ظل هذه التحديات كإنجاز بالغ الأهمية. فاليوم، ومع القيود المالية والتدابير الأمنية المشددة مقارنة بفترة رحلة Apollo، باتت عمليات الهبوط على القمر أكثر تعقيداً.
أما على المدى البعيد، تتجاوز مكاسب هذه المهمة جمع البيانات العلمية، إذ تتجه العديد من الجهات نحو بناء بنية تحتية قمرية، تشمل مراكز بيانات، وخطوط نقل، وحتى منشآت سكنية، ومفاعلات نووية. وتساهم التجارب التي تنفذها Blue Ghost اليوم في وضع الأسس لهذا المستقبل الطموح، والساعي لتحويل القمر من مجرد جرم سماوي، إلى ساحة جديدة للتجارة والاستيطان البشري المستدام.