كيف وصلت شركة برمجيات من الهند إلى قيمة المليار دولار دون أي استثمار خارجي؟
مع وصول عدد شركات وحيد القرن (أي الشركات الناشئة التي بلغت قيمتها المليار دولار أو أكثر) في العالم إلى أكثر من 1100، أصبح الكثيرون يحلمون بإنشاء شركة واستقطاب الاستثمارات حتى تزدهر الشركة لتصل قيمتها إلى الملايين والمليارات، فهذه هي القصة التقليدية وراء الشركات الناشئة الناجحة، لكن قصة شركة زوهو (Zoho) مختلفة بعض الشيء؛ فلقد وصلت إلى مرتبة وحيد القرن دون الاعتماد على أي استثمار خارجي ودون استقطابها لأي مستثمر.
شركة زوهو هي شركة برمجيات هندية تقدم مجموعة واسعة من برمجيات الأعمال، وفي العام الماضي تجاوزت إيراداتها المليار دولار أمريكي. والآن، تتنافس الشركة مع عمالقة مثل سيلزفورس (Salesforce) وجوجل (Google) ومايكروسوفت (Microsoft) وأوراكل (Oracle)، وهذا دون حصول زوهو على قرش من الاستثمار الخارجي.
تقدم زوهو ما يتجاوز الـ50 منتجاً، بدءاً من برمجيات الحواسيب المكتبية التقليدية إلى ذكاء الأعمال، والتمويل، والمبيعات، والتسويق، وخدمة العملاء، والعديد من فئات البرمجيات الأخرى. وعلى الرغم من منافسيها الأقوياء، استطاعت الشركة تحقيق النجاح بعيداً عن الصورة النمطية التي نتخيلها عن النمو والاستثمار.
بدايات شركة زوهو
أسس شركة زوهو كل من سريدار فيمبو (Sridhar Vembu) – الذي اعتبرته فوربس (Forbes) من أثرى 60 رجل في الهند في عام 2020 – وتوني توماس (Tony Thomas) عام 1996 كشركة شبكات. حيث استهدفت شركة زوهو في البداية مصنّعي الإلكترونيات في اليابان حتى انفجار فقاعة الدوت كوم وانهيار شركات الإنترنت عام 2001، الذي أوصل الشركة إلى حافة الانهيار.
وفي وجه هذه الأزمة، عرف رئيس الشركة فيمبو أهمية تنويع الخدمات والمنتجات التي تقدمها الشركة، مما أدى إلى توسع منتجات الشركة خارج نطاق إدارة الشبكات. وفي تلك الفترة، حددّ فيمبو أساسيات أعمال الشركة وهي: توفير التكلفة الأقل، وتقديم أكبر مجموعة من المنتجات، والاعتماد على قاعدة هندسية هندية ضخمة.
أسباب نجاح الشركة
بشكل أساسي، يعتمد نموذج أعمال زوهو الناجح على جودة وقيمة منتجات الشركة واعتمادها على نموذج “فريميوم” الذي يسمح بالتسجيل المجاني في البداية، ثم يليه دفع رسوم محددة مقابل الترقيات والتحديثات. هذا بالإضافة إلى تعليم وتدريب الشركة لبعض من موظفيها في “مدارس زوهو” (Zoho Schools) قبل توظيفهم.
كما تتبع الشركة نهج تطور مستدام لا يعتمد على الاستثمارات الخارجية، وتقوم بإعادة استثمار 50% من أرباحها في مشاريع جديدة لها. هذا إضافة إلى عدم إنفاق الشركة الكثير على التسويق، فهي تتبع فلسفة “التسويق من خلال الهندسة” أي الوثوق بقدرة جودة المنتج على التسويق عنه. ولا تعتمد الشركة على أي نوع من الإعلانات لجمع المزيد من الإيرادات.
فمن خلال تطوير الشركة وفقا لشروطها الخاصة، تمكنت شركة زوهو من بناء ثقافة داخلية قوية متأصلة في البحث وتطوير المنتجات، والاستمرار بالنمو ببطء ولكن بثبات إلى أن وصل معدل نمو الشركة الحالي إلى حوالي 30% سنوياً.
والآن توظف شركة زوهو أكثر من 10 آلاف موظف، ووصلت إيراداتها إلى 500 مليون دولار في 2022. كل هذا دون الحاجة إلى التعامل مع أي تدخل من المستثمرين، أو أي إنفاق كبير على التسويق، أو التعرض للضغوطات للنمو بشكل أسرع على الإطلاق.