كيف تستطيع كاميرا OnePlus 8 Pro رؤية ما تحت البلاستيك؟ وهل ترى ما تحت الملابس حقاً؟
خلال الأيام الأخيرة شغل هاتف OnePlus 8 Pro الأوساط التقنية حول العالم وبالأخص على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث تناولت عشرات الحسابات التابعة للمؤثرين ومنتجي المحتوى التقنية كاميرا الهاتف وميزة “فلتر أشعة إكس” الذي يزعم أنه يستطيع مشاهدة ما تحت الملابس وما داخل الأجهزة الإلكترونية.
في الواقع وببحث سريع عن الأمر ستجد عشرات العناوين التي تربط الهاتف الجديد مع رؤية ما تحت الملابس وكونه يمتلك خاصية “التصوير بأشعة إكس”، ومع أن هذه الأمور قد تبدو قابلة للتصديق للكثيرين وبالأخص أنها تستعرض بالصور والفيديو في الكثير من الحالات، فالواقع هو أن العديد من الأوصاف التي أطلقت على الهاتف ليست سوى مبالغات وادعاءات خاطئة مبنية على الجهل التقني بمبدأ عمل كاميرا الأشعة تحت الحمراء أو في بعض الحالات الأسوأ ربما تكون محاولة مقصودة من البعض لجذب التفاعل والاهتمام الإعلامي.
في هذا الموضوع سنشرح بالتفصيل ما هو موجود حقاً داخل الهاتف، وما مدى دقة أوصاف “أشعة إكس” وسواها، والأهم أننا سنجيب على السؤال المحوري: هل يستطيع هاتف OnePlus 8 Pro تصوير ما تحت الملابس؟ الجواب المختصر هو ليس حقاً، لكن في حالات خاصة جداً من الممكن.
ما هي كاميرا الأشعة تحت الحمراء التي يستخدمها هاتف OnePlus 8 Pro؟
ما هي الأشعة تحت الحمراء أصلاً
ضمن مجال الأمواج الكهرومغناطيسية، يتم تصنيف الأمواج تبعاً للتردد والطول الموجي الخاص بها، حيث أن الأمواج تتراوح من تلك الطويلة جداً وذات الطاقة المنخفضة، إلى تلك عالية الطاقة لكن قصيرة الأمواج. وضمن هذا المجال من الممكن ملاحظة وجود العديد مما نعرفه باسم أشعة في الواقع.
في مجالات الطاقة الدنيا والتي تمتلك أمواجاً طويلة هناك أمواج الراديو عموماً، حيث تشمل أمواج البث التلفزيوني الفضائي وأمواج البث الأرضي وأمواج الرادار وشبكات الهواتف المحمولة من مختلف الأجيال. وبرفع الطاقة نصل إلى مجال الأشعة ما تحت الحمراء، وهي أشعة ضوئية لا نراها بالعين المجردة. وفي المجال الطاقي الأعلى هناك الضوء المرئي والذي يتراوح طول موجته 700 نانو متر للون الأحمر حتى 400 نانومتر فقط للضوء البنفسجي.
برفع الطاقة قليلاً نصل إلى الأشعة فوق البنفسجية، وبعدها أشعة إكس (X-Ray) وأخيراً أشعة جاما (Gama Ray) الأعلى طاقة والتي تعرف بكونه ضارة جداً ومسرطنة للبشر.
الأشعة تحت الحمراء في الكاميرات
بالنسبة لحساسات الكاميرات اليوم، فهي عادة ما تدعم مجالات أشعة تتراوح من الأشعة ما تحت الحمراء وحتى الأشعة ما فوق البنفسجية، أي أنها تميز مجالاً أكبر مما تراه العين البشرية في الواقع، لذا ولتقليل التشوش وزيادة الدقة، عادة ما تزود الكاميرات بفلتر يمنع مرور الأشعة تحت الحمراء أو يسمح بالقليل منها فقط (جرب تصوير جهاز التحكم أثناء ضغط زر ما، الكاميرا ستميز الشعاع تحت الأحمر وتظهره على الشاشة، بينما لن تراه بالعين المجردة).
في بعض الهواتف، بدأت بعض الشركات بإضافة كاميرات تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء مؤخراً، حيث أن هذه الكاميرات غير قابلة للاستخدام بشكل مباشر، لكنها مفيدة لتمييز المسافات كما أنها تستطيع تمييز الوجوه حتى في الغرف المظلمة مثلاً.
حالياً يمكن إيجاد كاميرات الأشعة تحت الحمراء في العديد من الهواتف، فهي موجودة في الكاميرات الأمامية لهواتف iPhone X وما بعدها وتستخدم لتقنية التعرف على الوجوه، كما أنها موجودة في هواتف أخرى مثل Galaxy S20 Ultra وبالطبع هاتف OnePlus 8 Pro الجديد.
الفرق فقط هو أن الهواتف المعتادة لا تسمح للمستخدم بالوصول إلى التصوير بكاميرا الأشعة تحت الحمراء، بل تستخدمها لغايات أخرى. بينما هاتف OnePlus 8 Pro يتيح ضمن فلاتره فلتراً يقوم بالتصوير بالأشعة تحت الحمراء
بماذا تختلف الأشعة تحت الحمراء عن الضوء المعتاد؟
واحدة من أهم ميزات الأشعة تحت الحمراء هي كونها مرتبطة بالحرارة في الواقع، حيث أن الأجسام الأكثر حرارة تظهر مضيئة في كاميرات الأشعة تحت الحمراء، وبالمقابل تظهر الأجسام الباردة معتمة. لذا عادة ما تستخدم كاميرات الأشعة تحت الحمراء في الكاميرات الحرارية كما أن حساسات الأشعة تحت الحمراء تستخدم في موازين الحرارة المحمولة والتي توجه إلى الجبين لقياس الحرارة دون ملامسة حتى.
الناحية الثانية المهمة للأشعة تحت الحمراء هي أنها تختلف عن الضوء المرئي من حيث الشفافية. فبينما الزجاج والماء مواد شفافة تسمح بمرور الضوء المرئي بشكل كامل تقريباً، فهي تحج الأشعة تحت الحمراء تماماً. وبينما أن بعض المواد البلاستيكية كتيمة للضوء المرئي، فهي شفافة تماماً أو جزئياً للأشعة تحت الحمراء.
في الواقع من الممكن إخفاء كاميرا أشعة تحت حمراء خلف قطعة بيضاء من الأكريليك مثلاً، وستستمر بالتصوير دون مشاكل مع أنها مخفية تماماً، فيما أن كاميرا عادية لن تتمكن من تصوير أي شيء لأن قطعة الاكريليك ستكون كتيمة تماماً بالنسبة لها.
هذه الخاصية هو سبب كون الفيديوهات التي تستعرض مقدرة هاتف OnePlus 8 Pro على رؤية مضمون الأجسام تستخدم أجهزة تحكم وعدة منتجات بلاستيكية أخرى، فبينما أغلفة هذه المنتجات كتيمة للضوء المرئي، فهي شفافة وتظهر ما تحتاها للضوء تحت الأحمر ببساطة.
هل تستطيع كاميرات الأشعة تحت الحمراء تصوير ما تحت الملابس؟
هذا السؤال كان أساس انتشار الحديث عن كاميرا الهاتف في البداية، حيث أنه فكرة مخيفة للكثيرين دون شك، ومشاهدة ما خلف الملابس تعني خرقاً هائلاً للخصوصية دون شك. وهنا ربما يظهر التضليل الذي اتبعه البعض بشكله الأوضح.
بالنسبة للملابس الرياضية، عادة ما يكون من المهم أن تسمح الملابس لجسم الرياضي بفقدان الحرارة الزائدة عنه، لذا باتت بعض الألبسة الرياضية الحديثة تصنع من أقمشة بلاستيكية مصنعة خصيصاً لتكون شفافة قدر الإمكان للأشعة تحت الحمراء، فبذلك تسمح للجسم بإشعاع حرارته بسهولة للخارج بينما تبقى هي مغطية للجسم من حيث الضوء الذي تراه عيوننا.
بالنسبة للأقمشة العادية مثل القطن والبوليستر والساتان وسواها، فهي كتيمة للأشعة تحت الحمراء بشكل مشابه لكونها كتيمة للضوء المرئي ولا يمكن لأي كاميرا أشعة تحت حمراء أن ترى الجسم أسفلها في الواقع إلا في حال كان القماش نحيفاً جداً ومشدوداً وما تحته متباين الألوان للغاية. حيث أن تباين الألوان ينتج امتصاصاً غير متوازن للأشعة تحت الحمراء، ومن الممكن أن تنعكس بعض هذه الأشعة عبر القماش النحيف والمشدود لتظهر عبر الكاميرا بالأشعة تحت الحمراء.
من حيث المبدأ وفي حال حصلت على قطعة من النسيج المصمم خصيصاً ليكون شفافاً للأشعة تحت الحمراء، من الممكن لهاتف OnePlus 8 Pro أن يرى ما تحت ملابسك كما من الممكن تمييز بعض الأجسام ذات الألوان المتباينة تحت النسيج النحيف المشدود. لكن إن كنت شخصاً عادياً ترتدي ألبسة كما الجميع من القطن أو الصوف أو سواها، فلن تتمكن أي كاميرا بأشعة تحت حمراء أو سواها من رؤية جسدك تحت الملابس.
ماذا عن التسميات المرتبطة بأشعة إكس (X-Ray)؟
بالنسبة للكثير من الأشخاص بدت فكرة التصوير ورؤية داخل بعض المواد مثيرة للاهتمام وذكرت بواحد من أشهر أنواع التصوير الشعاعي الطبي: التصوير بأشعة إكس. حيث يظهر هذا النوع من الصور الهيكل العظمي للإنسان وبعض التكتلات ضمنه فيما يظهر النسيج اللحمي شفافاً بشكل شبه كامل.
نتيجة التشبيه بين الأمرين بدأ الكثيرون باستخدام تسمية “التصوير بأشعة X” لوصف ما تفعله كاميرا هاتف OnePlus 8 Pro. لكن الواقع هو أن الاختلاف بين الأشعة تحت الحمراء وأشعة إكس كبير جداً ولا يجوز الخلط بينهما أبداً.
بينما الأشعة تحت الحمراء منخفضة الطاقة وغير ضارة وحتى أن الجسد البشري يصدرها (لكن بشكل ضعيف نسبياً)، فأشعة إكس هي أشعة ذات طاقة عالية جداً وهي خطرة في حال التعرض لها، وفي حال كان التعرض طويلاً كفاية أو بشدة كافية فقد تكون قاتلة أو على الأقل مسرطنة.
في كل يوم نحن نتعرض لكم هائل من الأشعة تحت الحمراء من الشمس ومصادر الضوء والأجسام الحارة المحيطة بنا، لكن بالمقابل فالتعرض البسيط لأشعة إكس عند إجراء صور شعاعية هو أمر كافٍ لزيادة احتمال الإصابة بأمراض السرطان. لذا فربط الأمرين ببعضهما أمر غير مسؤول وخاطئ تماماً.
كاميرا OnePlus 8 Pro ليست الأولى، بل هناك الكثير من الكاميرات السابقة
عام 1998، أطلقت شركة سوني كاميرا محمولة باليد مع ميزة ثورية: الحساس بالأشعة تحت الحمراء للتصوير الليلي. لكن ما لم يكن بحسبان سوني حينها هو أن تلك الكاميرا كانت تمتلك نفس المقدرة التي نراها اليوم في كاميرا هاتف OnePlus 8 Pro. حيث كان من الممكن أن تصور عبر بعض أنواع الأقمشة البلاستيكية وتظهر الوشوم أو بعض التفاصيل تحت بعض الأقمشة قليلة السماكة والمشدودة في ظروف خاصة.
في حينها تسبب الأمر بغضب شعبي كبير بعدما ظهر الأمر في عدة برامج تلفزيونية، وبالنتيجة قامت سوني بسحب الكاميرا من السوق. لكن لاحقاً اكتشف بعض الهواة أن العديد من الكاميرات التي تمتلك ميزة التصوير بالأشعة تحت الحمراء يمكن أن تحقق نفس الغاية مع استخدام فلاتر مخصصة.
مع السنوات قام الكثيرون بتعديل كاميرات موجودة مسبقاً لتمتلك هذه الخاصية، لكن الواقع المستمر هو أن هذه الميزة ليست مفيدة حقاً، وقدرتها المزعومة على الرؤية عبر الملابس مبالغ بها جداً وبعيدة عن واقع أنها تحتاج لظروف خاصة جداً وملابس معينة لتقوم بذلك.
ما هو المستقبل لاستخدام هكذا تقنية في الهواتف الذكية؟
نتيجة الجدل الواسع حول وجود هذه الميزة في منتج منتشر على نطاق واسع اليوم مثل كاميرا هاتف ذكي، كان التوقع الأولي هو أن الشركة ستعتذر عن الأمر على الأرجح، وكون هذا النوع من الميزات قابل للإيقاف بسهولة عبر تحديث يصل للهواتف فمن المرجح أن هذه النتيجة هي المرجحة، ولو أن هناك احتمالاً دائماً لكون البعض قد يجدون طرقاً للوصول للميزة حتى بعد إزالتها.
عموماً وأثناء كتابة هذا الموضوع أصدرت شركة OnePlus بياناً رسمياً حول الأمر، واعتذرت عن الخاصية المقلقة التي قد تكون خرقاً للخصوصية، كما وعدت الشركة بإزالتها خلال التحديث التالي الذي سيصل لهواتف OnePlus 8 Pro. بالطبع هذه خطوة مفيدة، لكنها لن تقتل فكرة استغلال كاميرات الأشعة تحت الحمراء لمشاهدة ما هو موجود خلف بعض المواد سواء الآن أو مستقبلاً.