صور ChatGPT الكرتونية تنتشر في كل مكان، فكيف يمكنك صنع صور مشابهة؟

⬤ أثار تحديث ChatGPT الجديد حماس المستخدمين بقدرته على توليد صور بأسلوب استديو Ghibli.
⬤ تسببت هذه الميزة في جدل قانوني وأخلاقي، حيث أعرب الفنانون عن مخاوفهم من انتهاك حقوقهم.
⬤ تبدو الصور الجديدة أقرب لما طالب به المستخدمون لسنوات بأداة «تحويل الصور إلى كرتون».
اجتاحت موجة من الصور المستوحاة من أسلوب Studio Ghibli الياباني العالم الرقمي، بفضل تحديث جديد أطلقته OpenAI في ChatGPT. فقد سمحت الإمكانيات الجديدة لتوليد الصور، التي تم طرحها لمستخدمي الفئة المتميزة من GPT-4o، بتحويل مشاهد تاريخية وصور يومية إلى لوحات تنبض بسحر أفلام الأنمي الشهيرة لهاياو ميازاكي الشهيرة في غضون ساعات قليلة فقط من إطلاق الميزة.
تفشت هذه الظاهرة بسرعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي شهدت إقبال المستخدمين، الذين يدفعون أكثر من 20 دولاراً شهرياً، على تجربة الميزة الجديدة بحماس، بل إن البعض ذهب إلى دمجها مع Sora، نموذج OpenAI لتحويل النصوص إلى فيديو، بهدف إضفاء الحيوية على المشاهد بأسلوب Ghibli الفريد.
أنتجت هذه التقنية صوراً مدهشة، لكنها أثارت في الوقت ذاته بعض الجدل. فقد ظهرت مشاهد تاريخية معاد تصورها، مثل لقاء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واغتيال الرئيس جون كينيدي، وهي بصيغة مستوحاة من رسوم Ghibli. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل انتشرت أيضاً إصدارات معدلة لصور الإنترنت الشهيرة، مثل «الحبيب المشتت (Distracted boyfriend)» ورسومات تصف إحدى لقطات تمارين المتسابق الأمريكي أشتون إيتون، إلى جانب صور شخصية لعائلات وأصدقاء وحيوانات أليفة تحاكي الطابع البصري لأفلام مثل Spirited Away، وMy Neighbor Totoro.
It's been 24 hours since OpenAI unexpectedly shook the AI image world with 4o image generation.
Here are the 14 most mindblowing examples so far (100% AI-generated):
1. Studio ghibli style memespic.twitter.com/E38mBnPnQh
— Barsee 🐶 (@heyBarsee) March 26, 2025
بالنسبة للمستخدمين المتحمسين لتجربة هذه الموجة الجديدة من الصور، فكل ما يحتاجه الأمر هو اشتراك مدفوع في خدمات ChatGPT، وإرفاق الصورة المراد تعديلها مع أمر بسيط: “Show this in Studio Ghibli style”. لكن وبينما عادة ما تحتاج العملية بضعة ثوانٍ فحسب، فمن الممكن أن يحتاج الأمر لبعض الانتظار حالياً في ظل الضغط الكبير على الخوادم.
امتد التأثير إلى الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، الذي لم يستطع نفسه مقاومة هذه الموجة، حيث قام لفترة وجيزة بتغيير صورة ملفه الشخصي على منصة X إلى صورة مستوحاة من Ghibli.
لكن الإقبال الكبير فاق قدرة بنية OpenAI التحتية على التحمل، ما دفع ألتمان إلى التغريد قائلاً: «وحدات المعالجة لدينا تذوب،» معلناً فرض قيود مؤقتة على معدلات الاستخدام لتحسين الأداء. كما أكد أن الفئة المجانية من ChatGPT ستتاح لها قريباً إمكانية توليد ثلاث صور يومياً، مشيراً إلى أن الشركة تعمل على إصلاح بعض الأخطاء التي تؤدي إلى رفض غير مبرر لبعض الطلبات.
— Moses (@mosesvzn) March 26, 2025
غير أن هذه الحمى الرقمية أعادت إشعال الجدل المحيط بالجوانب الأخلاقية والقانونية للفن المُنتج بالذكاء الاصطناعي. إذ ما انفك الفنانون منذ فترة طويلة يعربون عن مخاوفهم بشأن استعمال أعمالهم في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي دون إذن أو تعويض. وفي واقعة سابقة، جرى الكشف عن قائمة ضخمة من الفنانين الذين يُزعم أن أعمالهم استُخدمت لتدريب Midjourney في أواخر عام 2023، مما دفع آلاف المبدعين إلى توقيع خطابات احتجاجية ضد هذه الممارسات، كان آخرها مناشدة موجهة إلى دار Christie’s في نيويورك لوقف مزاد على أعمال فنية منتجة بالذكاء الاصطناعي، بدعوى انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
في حين أبدى العديد من مستخدمي الإنترنت استمتاعهم بالإبداعات المستوحاة من Ghibli، رأى آخرون فيها إهانة لفن ميازاكي، واصفين إياها بمصطلحات مثل «إنتاج ذكاء اصطناعي بلا روح،» و«محتوى آلي فارغ.» وانتقد البعض الظاهرة باعتبارها تسطيحاً لقيمة التصميم الفني، وتحويله إلى مجرد «محتوى» سريع الاستهلاك يخلو من الإبداع الحقيقي. وتأتي هذه الانتقادات مدفوعة بموقف ميازاكي الواضح والمعادي بشدة للذكاء الاصطناعي.

كما أثارت دقة الصور المنتَجة بالذكاء الاصطناعي تكهنات حول ما إذا كانت OpenAI قد استخدمت بالفعل أعمال Studio Ghibli في تدريب نموذجها. وبينما تصر الشركة على أنها تسعى إلى منح المستخدمين «أكبر قدر ممكن من الحرية الإبداعية،» وفقاً لما ورد على لسان أحد المتحدثين باسمها، فإنها تؤكد في الوقت ذاته أنها تمنع توليد الصور بأسلوب فنانين أفراد ما زالوا على قيد الحياة، لكنها تسمح بمحاكاة أساليب الاستوديوهات بشكل عام. ولم يصدر بعد أي تعليق رسمي من Studio Ghibli بشأن هذا الاتجاه الجديد.
يأتي هذا الجدل في ظل معارك قانونية أوسع تخوضها OpenAI ضد دور النشر والمؤلفين والفنانين التشكيليين، الذين يتهمونها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية. وفي وقت سابق من مارس الجاري، قدمت الشركة التماساً للحكومة الأمريكية لتخفيف القيود المفروضة على استخدام المواد المحمية بحقوق النشر في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، بحجة ضرورة الحفاظ على الريادة الأمريكية في هذا المجال.
تتفاخر OpenAI بقدرات نموذجها الجديد على اتباع التعليمات بدقة، وفهم سياق المحادثة، وتوليد نصوص وصور بمستوى متقدم، مما يعزز إمكانية استخدامه كأداة قوية للتواصل البصري. حسبما ورد في بيان رسمي لها بالإعلان عن الميزات الجديدة، والذي جاء فيه أن «هذه الإمكانيات تجعل من السهل إنشاء الصور التي تتخيلها بدقة، ما يساعد في تحقيق تواصل أكثر فاعلية عبر الوسائط المرئية، ويدفع بتوليد الصور إلى مستوى جديد من الدقة والقوة.»
لكن هذه الطفرة التقنية تتعارض بشكل صارخ مع آراء هاياو ميازاكي نفسه، الذي أعرب في مقابلة شهيرة عام 2016 عن ازدرائه للفن المنتج بالذكاء الاصطناعي، واصفاً إياه بأنه «إهانة للحياة ذاتها.» وفي مقطع فيديو متداول منذ عامَين، ظهر ميازاكي وهو يشاهد تجربة لنموذج ذكاء اصطناعي يقوم بإنشاء شخصية وحشية، ليعلق عليها قائلاً: «من صنع هذا لا يفكر في الألم. هذا الأمر مزعج جداً… أنا أشعر بالاشمئزاز تماماً. إذا كنتم تريدون صنع أشياء مرعبة، فافعلوا ذلك بأنفسكم، لكنني لن أسمح أبداً بإدخال هذه التقنية في عملي.»
بينما يواصل الإنترنت احتفاءه بهذه الموجة المستوحاة من Ghibli، تظل الأسئلة الأعمق حول حقوق الملكية الفكرية والنزاهة الفنية حاضرة بقوة. فرغم أن هذه الصور قد تأسر خيال البعض، لا تزال قضية الملكية والإبداع الحقيقي مطروحة، في انتظار إجابات واضحة في عالم رقمي سريع التطور.