شركة مراكز اتصال كبرى تستخدم الذكاء الاصطناعي لإخفاء اللكنة الهندية للموظفين

⬤ بدأت شركة Teleperformance باستعمال الذكاء الاصطناعي لتحييد لهجات موظفيها الهنود أثناء المكالمات.
⬤ أثارت هذه الخطوة جدلاً واسعاً حول تأثيرها على الهوية الثقافية فيما لاقت اهتماماً من منظور تحسين خدمة العملاء.
⬤ تعتمد الكثير من الشركات العالمية على مراكز الاتصال في الهند للدعم الفني لكونها أرخص تشغيلياً من الأماكن الأخرى.
في خطوة من شأنها إعادة تشكيل خدمات العملاء وإثارة نقاش عالمي، بدأت شركة Teleperformance SE، المشغل الأكبر لمراكز الاتصال في العالم، في استخدام نظام ذكاء اصطناعي مصمم «لتحييد» لهجات موظفيها الهنود الناطقين بالإنجليزية في الوقت الفعلي.
تحمل هذه التقنية الثورية اسم «ترجمة اللهجات،» ويجري تطبيقها في مراكز الاتصال بالهند، حيث يدير الموظفون عمليات دعم العملاء لشريحة واسعة من زبائن Teleperformance الدوليين، ومن بينهم شركات تقنية عملاقة مثل Apple، وسامسونج، والشركة الأم لمنصة TikTok، وهي ByteDance.
بحسب توماس ماكينبروك، نائب الرئيس التنفيذي لشركة Teleperformance، فالهدف من هذه التقنية هو سد فجوات التواصل والفهم التي قد تنشأ بسبب اختلاف اللهجات، خاصة «عندما يكون العميل على الخط مع موظف هندي». حيث تعرف الهند بكونها تمتلك أكبر مجتمع ناطق باللغة الإنجليزية في العالم، لكن ونظراً لتباين اللغات الأصلية في الهند، من الشائع أن يكون هناك لكنة واضحة، بالإضافة لاختلاف لفظ بعض الأحرف مقارنة بالإنجليزية المستخدمة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
لم تفصح Teleperformance عن هوية العملاء الذين يستخدمون هذه التقنية حالياً، لكنها تؤكد أن غايتها رفع مستوى رضا العملاء، وتقليل متوسط مدة المكالمات، وهو ما يعني تحسين جودة التواصل، كميزة تنافسية رئيسية في قطاع خدمات العملاء الخارجية.
ترجع هذه التقنية إلى شركة Sanas، وهي شركة ناشئة متخصصة في الذكاء الاصطناعي مقرها بالو ألتو، بولاية كاليفورنيا الأمريكية، سبق وأن استثمرت فيها Teleperformance مبلغ 13 مليون دولار، وحصلت بموجب ذلك على حقوق التوزيع الحصرية لهذه التقنية.
لا تقتصر وظيفة برنامج Sanas على تنقية أنماط الكلام، بل يعمل أيضاً على إزالة الضوضاء الخلفية المشتتة، بدءاً من ضجيج المكاتب المعتاد وصولاً إلى أصوات غير متوقعة مثل صفارات الإنذار أو حتى صياح الديكة. ورغم أن هذا التطور يهدف نظرياً إلى تحسين وضوح المكالمات، فقد أثار نقاشاً أعمق يتجاوز مجرد الكفاءة التشغيلية.
تأتي خطوة Teleperformance في إطار استراتيجية أوسع للشركة، التي خصصت نحو 104 ملايين دولار هذا العام للاستثمار في شراكات الذكاء الاصطناعي، في مرحلة حاسمة لصناعة مراكز الاتصال، التي تواجه تهديداً متزايداً من تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. ففي العام الماضي، شهدت أسهم Teleperformance انخفاضاً ملحوظاً بعد إعلان Klarna Bank، الشركة السويدية الرائدة في قطاع التقنية المالية، أن مساعدها الذكي المعتمد على OpenAI أصبح قادراً على أداء مهام تعادل عمل 700 موظف بدوام كامل.
في مواجهة هذه التحولات، تسعى Teleperformance إلى تقديم الذكاء الاصطناعي كأداة مساندة للموظفين بدلاً من أن يكون بديلاً عنهم. وإلى جانب تقنية «تحييد اللهجات» تلك، تعمل الشركة على دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف عملياتها، لتدريب وتحسين أداء طاقمها عوض الاستغناء عنه، وهي التي بلغ تعداد موظفيها نحو 490 ألف مع نهاية عام 2023.
في غمرة كل ذلك، يحوم جدل واسع حول أخلاقيات التوجه المتعلق باللهجات. فبينما تؤكد شركة Sanas أن تقنيتها تهدف إلى محاربة «التمييز القائم على اللهجة،» يرى منتقدون أن للأمر تأثير على الهوية الثقافية ومن شأنه تعرية التفاعل بين البشر من عناصر الأصالة. كما أن دولاً مثل الفلبين، التي بنت صناعة خدمات عملاء مزدهرة بفضل سمعتها القوية في إجادة اللغة الإنجليزية، قد ترى في هذه التقنية تهديداً لمكانتها التنافسية، ما قد يؤثر على ميزتها الاستراتيجية في هذا القطاع.
مع ذلك، تبقى تطلعات Teleperformance إيجابية، إذ تتوقع الشركة تحقيق نمو في الإيرادات بنسبة تتراوح بين 3% و5% خلال هذا العام، مما يعكس قدرتها على التكيف مع التحولات التي يشهدها القطاع، مع الإفادة من العنصر البشري بصورة أفضل. وذلك يتقاطع مع رؤية سيباستيان سييمياتكوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة Klarna، الذي أكد على أهمية العنصر البشري في خدمة العملاء رغم التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي.
We just had an epiphany: in a world of AI nothing will be as valuable as humans!
Ok you can laugh at us for realizing it so late, but we are going to kick off work to allow Klarna to become the best at offering a human to speak to!!!
So excited about this, more to come!
— Sebastian Siemiatkowski (@klarnaseb) February 14, 2025