اختراعات تحولت من خيال علمي فقط إلى أمور واقعية موجودة اليوم
بالنسبة للكثير من محبي الأدب والفنون، عادة ما يكون الخيال العلمي واحداً من أكثر المجالات شعبية. حيث أن التفكير بما هو ممكن مستقبلاً وتخيل اختراعات واكتشافات تفوق ما نمتلكه اليوم أمر مغرٍ للغاية. لكن ومع أن الخيال العلمي يتضمن الكثير من الخيال ضمنه بالضرورة، فالعديد من الأمور التي بدأت من روايات وقصص وأفلام الخيال العلمي قد تحولت إلى واقع نستخدمه اليوم في حياتنا اليومية.
في حال تخيلت أنك عدت إلى عام 1900 مثلاً، فمن السهل استنتاج أن العديد من الأمور الموجودة اليوم مثل الحواسيب والهواتف الذكية والشاشات والإنترنت كانت لتبدو ضرباً من الخيال وأقرب للسحر ربما لمن كانوا يعيشون في تلك الحقبة. لذا وبالنظر إلى أن العديد من الأمور التي نستخدمها اليوم كانت تبدو خيالاً في الماضي، ربما يمكن النظر إلى الكثير من خيالات اليوم والمشاريع الطموحة (مثل شريحة نيورالينك Neuralink الجديدة) على أنها مقدمة لمستقبل يتضمن خيالاتنا كاختراعات حقيقية.
في هذا الموضوع سنتناول جزءاً يسيراً من الاختراعات التي ظهرت أولاً في الخيال العلمي، لكن ومع الوقت باتت أموراً واقعية وأدوات نستخدمها بشكل حقيقي.
الهاتف المحمول
في حال نظرنا اليوم إلى هاتف مثل Nokia 3310 سيكون هناك إحساس من الإعجاب بحجم التطور التقني الذي حصل منذ إصداره عام 2000 حتى اليوم، لكن حتى هذا الهاتف المسن و”الغبي” بمعايير اليوم بدأ من مجرد فكرة خيالية ظهرت في مسلسل Star Trek: The Original Series الذي عرض بين عامي 1966 و1969. وفيه تظهر أداة اتصال تشبه الهواتف المحمولة القابلة للطب والتي كانت منتشرة خلال التسعينيات ومطلع الألفية.
للمقارنة فقد ظهر الهاتف المحمول الأول عام 1973 وهو هاتف Motorola DynaTAC الذي كان يزن 1.1 كيلوجرام ويتيح الاتصال لحوالي 35 دقيقة فقط قبل نفاذ بطاريته. وبالطبع فقد تلا الهاتف الأول تطورات كبيرة صغرت من حجم الهواتف وزادت من قدراتها، وبالوصول إلى اليوم لم تعد الهواتف مجرد أداة اتصال، بل أنها أداة ترفيه متكاملة ومتوفرة بجزء صغير من سعر هاتف DynaTAC الأول.
لوحات الإعلانات الرقمية
مع أن لوحات الإعلانات الطرقية وتلك الموجودة على المباني هي اختراع قديم للغاية بحيث يصعب تحديد تاريخه، ففكرة اللوحات الرقمية التي تعرض رسوماً متحركة أو فيديو حتى جديدة نسبياً ولم تظهر في الواقع حتى مطلع الألفية، ومن ثم شقت طريقها تدريجياً لتصبح مستخدمة في العديد من المدن حول العالم اليوم بعدما انخفضت تكاليفها بشكل هائل مقارنة بالسابق.
المثير للاهتمام هو أن فكرة لوحات الإعلانات الرقمية قديمة للغاية، حيث ظهرت في فيلم Blade Runner الشهير الذي صدر عام 1982، وفي الفيلم تظهر لوحات إعلانية عملاقة مع دقة كافية لتبدو أشبه بشاشات سينما كبيرة. والواقع هو أننا لم نصل إلى الحجم والدقة المصورة في الفيلم حتى فترة قريبة نسبياً.
اقرأ أيضاً: كيف ساهمت تقنيات الحرب العالمية الثانية في رسم معالم العالم التقني اليوم
محطات الفضاء
مع أن أول ذكر لفكرة محطات الفضاء يعود إلى القرن التاسع عشر في رواية “The Brick Moon” الصادرة عام 1869، فأقرب تصور خيال علمي لمحطات الفضاء من العصر الحالي هي ما ظهر في الفيلم الشهير: 2001 A Space Odyssey والذي صدر عام 1968 ويعد من أكثر أفلام الخيال العلمي تأثيراً ثقافياً على الإطلاق. ومع أن ما يظهر في الفيلم الشهير يبدو أكبر وأوسع بمراحل من محطات الفضاء الموجودة اليوم، فمن المعروف أنه كان أحد مصادر الإلهام لمحطة الفضاء الدولية (ISS).
عبر التاريخ كان هناك عدة أجيال متتالية من محطات الفضاء بداية من محطات الفضاء السوفييتية Salyut والتي بدأت منذ السبعينيات، ووصولاً إلى محطة الفضاء الدولية التي أطلقت عام 1998 مع كونها قابلة للتوسع والإضافة إليها مع الوقت، كما أنها مأهولة طوال الوقت منذ عام 2000 دون انقطاع.
الأجهزة اللوحية
مع أن الكثيرين يعتقدون أن الأجهزة اللوحية بدأت مع جهاز iPad اللوحي عام 2010، فالواقع أنها أقدم من ذلك بوضوح وحتى أن بعضها ظهر منذ مطلع الألفية أو خلال التسعينيات. لكن كما هو معتاد يمكن ملاحظة الأجهزة اللوحية في وقت أبكر بكثير إن نظرنا إلى الخيال العلمي، حيث أن فيلم 2001 A Space Odyssey سابق الذكر كان يتضمن شاشات تعرض الأخبار تبدو مشابهة جداً للأجهزة اللوحية الحالية من حيث الشكل العام والأبعاد حتى.
السيارات ذاتية القيادة
مع أن ما هو متاح اليوم لم يصل بعد للمرحلة الأخيرة التي تتيح للسيارات ذاتية القيادة التحكم بنفسها بحيث لا يكون هناك أية حاجة لوجود إنسان في مقعد السائق، فقد وصلنا اليوم إلى مستوى قريب جداً وبالأخص سيارات شركة Tesla الكهربائية والتي تستطيع قيادة نفسها بشكل شبه مثالي حالياً. ومع أن الفكرة ربما أقدم من ذلك بكثير، فواحدة من أول التجسيدات المعروفة للسيارات ذاتية القيادة موجودة في فيلم Total Recall الصادر عام 1990 (لكنه يصور العالم في عام 2084) والذي يتضمن سيارات أجرة لا تمتلك سائقاً بشرياً بل أنها ذاتية القيادة تماماً.