جبهات جديدة في المكاتب العليا: الذكاء الاصطناعي يخلق صراعات بين رؤساء المعلومات والرؤساء الماليين

⬤ تشهد مجالس الإدارة صراعاً متزايداً بين الرؤساء الماليين ورؤساء المعلومات حول تقييم استثمارات الذكاء الاصطناعي.
⬤ تميل قرارات الاستثمار الاستراتيجية لصالح الرؤساء الماليين، وسط ضغوط تنفيذية متزايدة لتعزيز العائد المالي بسرعة.
⬤ تتفق آراء الخبراء والمحللين على أن تعزيز التعاون الثنائي ووضع إطار مشترك لقياس العائد قد يحل هذا الانقسام.
مع دخول عصر الذكاء الاصطناعي، تشتعل معركة جديدة في أروقة مجالس الإدارة بين اثنين من أهم قادة الشركات: الرئيس المالي (CFO) ورئيس المعلومات (CIO). ورغم أن كليهما يسعى لتسخير التقنية لدفع عجلة الأعمال، فإن خلافاً متزايداً بينهما يتجلى عند الحديث عن المعيار الحاسم لتقييم المبادرات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وهو العائد على الاستثمار (ROI).
يكشف تقرير حديث صادر عن KPMG عمق هذا الانقسام بوضوح، إذ يرى 39% من الرؤساء الماليين و49% من رؤساء المعلومات أن تعريف العائد على الاستثمار في مجال التقنية لا يزال موضع جدل. ويتجاوز هذا الخلاف حدود المصطلحات ليؤثر على قرارات جوهرية حول من يملك الصلاحية النهائية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنية. وبحسب استطلاع شمل أكثر من 100 رئيس مالي ورئيس معلومات، يعتقد 59% من الرؤساء الماليين أنهم المسؤولون الأساسيون عن هذه القرارات، في حين يرى 61% من رؤساء المعلومات أنهم أصحاب القرار، ما يعكس صراعاً متوازناً من شأنه أن يثير خلافات مستقبلية.
لا يقتصر التوتر بين الطرفين على مسألة الصلاحيات فحسب، بل يمتد ليشمل وجهات النظر حول التعاون بينهما. فالرؤساء الماليون أكثر تفاؤلاً بشأن فائدة العمل المشترك، إذ يرى 57% منهم أنه يعزز الكفاءة التشغيلية، مقابل 37% فقط من رؤساء المعلومات. كذلك، يؤمن أكثر من نصف الرؤساء الماليين بأن التعاون يساعد في تحسين إدارة المخاطر، بينما لا يوافق سوى 29% من رؤساء المعلومات على ذلك.
تحول السلطة نحو الرؤساء الماليين
لكن يبدو وأن الضغوط القادمة من أعلى الهرم الإداري، من الرؤساء التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة، تميل لصالح الرؤساء الماليين، لا سيما فيما يتعلق بالاستثمارات الاستراتيجية في الذكاء الاصطناعي. فبالنسبة للمشاريع الضخمة والمكلفة، يزداد دور تلك الفئة في صنع القرار، وهو ما تؤكده زيادة الطلب على خبراء ماليين ذوي خبرة تقنية، حيث أظهرت بيانات Datarails أن 27% من إعلانات الوظائف الخاصة بالرؤساء الماليين في يناير 2025 تضمنت الإلمام بالذكاء الاصطناعي كشرط أساسي.
في الوقت نفسه، يكشف تقرير صادر عن ITPro أن الرؤساء الماليين باتوا يشعرون بالإرباك إزاء استثمارات الذكاء الاصطناعي، مع استعداد عدد كبير منهم لتقليص التمويل في حال عدم تحقيق عائد ملموس بسرعة. وفي هذا السياق، أفادت دراسة من Basware بأن 50% من الرؤساء الماليين سيلغون الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي إذا لم تحقق نتائج قابلة للقياس خلال عام واحد فقط، مما يحد من فرص نجاح المشاريع الناشئة في هذا المجال. ومن المثير للاهتمام أن 78% من الرؤساء الماليين أعربوا عن رغبتهم في زيادة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، لكن معظمهم أقروا بعدم معرفتهم من أين يبدؤون.
في المقابل، يواجه رؤساء المعلومات تحديات مختلفة، أبرزها تحديد المعايير المناسبة لقياس جدوى الذكاء الاصطناعي. ويظهر تقرير صادر عن شركة Gong للبرمجيات هذا التباين، حيث يرى 61% من رؤساء المعلومات أن زيادة الإيرادات هي المبرر الوحيد للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، بينما يعتقد 60% أن توفير الوقت وحده كافٍ، في حين أن 32% فقط يقيسون كلا العاملين معاً. وعلى عكس الرؤساء الماليين، فإن أقل من 20% من رؤساء المعلومات أشاروا إلى أنهم قد يتخلون عن مبادرات الذكاء الاصطناعي بسبب نقص العائد المثبت، رغم أن هذه النسبة ترتفع في الشركات الصغيرة.
ضغوط متزايدة وسباق ضد الزمن
تشير أبحاث أجرتها Appen إلى أن العائد الفعلي على مشاريع الذكاء الاصطناعي المنفذة شهد تراجعاً خلال السنوات الثلاث الماضية، إلا أن ذلك لم يردع جميع رؤساء المعلومات، إذ يكشف تقرير صادر عن Ardoq أن 60% من التنفيذيين في قطاع تكنولوجيا المعلومات يستثمرون في الذكاء الاصطناعي خوفاً من فقدان الريادة، رغم التحديات التي يواجهها القطاع.
لكن كيف يمكن لرؤساء الإدارة التنفيذية تجاوز هذا الانقسام وضمان نجاح استثمارات الذكاء الاصطناعي؟ يرى الخبراء أن الحل يكمن في تعزيز التعاون والتواصل المفتوح. ومن قبيل ذلك أن تكون فرق تكنولوجيا المعلومات أكثر وضوحاً في تبرير قراراتها حول استخدام الذكاء الاصطناعي، مستندة إلى أدلة ملموسة بدلاً من مجرد تبني التكنولوجيا كحل سحري.
يبرز أيضاً توحيد الرؤى كأحد الحلول المقترحة من جانب KPMG، وذلك عبر اعتماد استراتيجية واضحة، ووضع إطار مشترك لتعريف وقياس العائد على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.