تعرف على «بيتر تود» المؤسس الغامض المزعوم لعملة بيتكوين المشفرة
⬤ يدعي فيلم وثائقي صدر مؤخراً من شبكة HBO كشف الهوية الحقيقية لمؤسس البيتكوين الغامض، ساتوشي ناكاموتو.
⬤ الشخصية المشار إليها في الفيلم هي الكندي بيتر تود، والذي كان في مطلع العشرينات من العمر عند تأسيس البيتكوين.
⬤ يمتلك بيتر تود تاريخاً مع مجال التشفير، وهو أحد المساهمين في العملات المشفرة، ولا يزال في المجال حتى اليوم.
تمكن ساتوشي ناكاموتو، المبتكر المجهول الغامض لعملة البيتكوين الرقمية، من الحفاظ على هويته الحقيقية طي الكتمان والسرية منذ أن نشر المستند التقني للعملة الرقمية في العام 2008. ومع وصول أصول البيتكوين العالمية إلى قيمة 1.2 ترليون دولار أمريكي، من المقدر أن الشخصية الغامضة تمتلك حوالي 1.1 مليون بيتكوين، أي ما يكافئ نحو 66 مليار دولار أمريكي. ويتعامل معظم المهتمين بمجال العملات المشفرة اليوم مع المحفظة الخاصة بساتوشي على أنها مهجورة ولن تستخدم قط، لكن وفي حال حدث وعادت هذه المحفظة للنشاط، يمكن لكامل مجال العملات المشفرة أن يتقلب بعنف مع كمية المال التي ستعود إلى السيولة.
في آخر المحاولات لكشف هوية المؤسس، ادعى صانع الأفلام في منصة HBO، كولين هوباك، أن المدعو بيتر تود هو الشخصية الحقيقية التي تقف خلف ساتوشي ناكاموتو، وهو أحد مطوري بيتكوين الأساسيين، والذي يرجع أول بروز له فيما يخص العملة الرقمية إلى العام 2010.
في مستهل الفيلم الوثائقي الذي عُرض أول أمس، وكان بعنوان «Money Electric: The Bitcoin Mystery»، يثير هوباك فكرة في غاية الحساسية حول الأيام الأولى للبيتكوين، حيث أتت العملة الرقمية في فترة متقلبة عقب الأزمة الاقتصادية العالمية وما رافقها من انهيار للمصارف وفقدان الثقة بالنظام المالي. ويضاف إلى ذلك النشاط الكبير الذي كان يشهده الإنترنت بين المهتمين بالخصوصية وهواة التشفير الذين أرادوا أن يكون الإنترنت منطقة مستقلة غير خاضعة للرقابة، وهي معركة خسروها بوضوح بالنظر إلى عالم اليوم.
يقترح هوباك أن سبب إخفاء هوية ساتوشي ناكاموتو طوال هذه الوقت يعود لعدة أسباب، لكن أهمها ربما هو محاولة جعل العملة الرقمية أمراً جدياً بدلاً من الاستهزاء بها. حيث كان بيتر تود، الذي يعتقد هوباك أنه ساتوشي، لا يزال في مطلع العشرينيات وما يزال طالباً جامعياً لدى إصدار المستند التقني والورقة البيضاء التي تأسست عملة بيتكوين على أساسها. ولو أن هوباك عرف عن نفسه كهاوٍ في مجال التشفير وشاب يافع في بداية العشرينيات، فالأرجح أنه كان ليتعرض للسخرية بالدرجة الأولى، ولكانت هذه النقطة قد استخدمت كنقطة ضد عملة بيتكوين.
تستند نظرية الفيلم إلى سجل رسائل محادثة يُدّعى أنها مكتوبة من قبل تود نفسه، استنتج منها هوباك أن بيتر هو ساتوشي. وضمن الفيلم، يعتمد هوباك على أدلة ظرفية عدة لدعم نظريته، حيث يلفت إلى ميزات لغوية تعكس الأصول الكندية (على الأغلب) لشخصية ساتوشي، وهي جنسية تود بالطبع. كما يلفت هوباك النظر إلى أن تود كان على اتصال مع «آدم باك»، وهو واحد من أهم الشخصيات في تاريخ العملات المشفرة، ويعرف بكونه قد تواصل مع ساتوشي في بدايات بيتكوين، ويقول أن ساتوشي أرسل له نسخاً أولية من الكود والأطروحة الخاصة له ليقيمها.
بيتر تود هو مواطن كندي ذو تاريخ طويل في مجال العملات المشفرة. حيث كان مهتماً بعلوم التشفير أثناء دراسته، وبالنظر إلى أن عمره الحالي هو 39 عاماً، فقد كان يبلغ من العمر 23 عاماً فقط لدى نشر أطروحة بيت كوين التي أطلقت مجال العملات المشفرة.
بينما كان تود يمتلك اهتماماً بمجال التشفير، فهو لم يدرس المجال قط، بل أنه كان قد تخرج من كلية الفنون والتصميم في تورونتو الكندية، وبإضافة افتقاره إلى الخبرة أو التاريخ الأكاديمي في مجالي التقنية أو الاقتصاد، سرعان ما تعرضت النظرية بأن تود هو ساتوشي لانتقادات عديدة.
كان تود قد احتك بمجال التشفير منذ عام 2000 وهو مراهق بعمر 15 عاماً فقط، ولاحقاً بات أحد المساهمين في كود بيتكوين، كما أسس مشروع OpenTimestamps مفتوح المصدر، والذي صُمم لتوفير تنسيق قياسي للأختام الزمنية في سلاسل الكتل. وقد عمل أيضاً على ما يُعرف بمشاريع Bitcoin 2.0، والتي من بينها Colored Coins، وMastercoin، وقد شارك في إطلاق عملة الخصوصية Zcash في العام 2016 رفقة المسرب الأمريكية الشهير إدوارد سنودن.
في الفيلم، يظهر تود خلال الجزء الأخير فقط، حيث تم تخصيص الشطر الأكبر من وقت عرض الفيلم للحديث عن تاريخ العملة العام فقط. وفي أحد المشاهد الأخيرة يجيب تود على سؤال من هوباك قائلاً: «حسناً، أنا ساتوشي ناكاموتو». لكن وبينما يبدو هذا كاعتراف بهويته، فالأمر أعمق من ذلك، حيث جرت العادة بقول «حسناً، نحن جميعاً ساتوشي ناكاموتو» كعبارة متكررة في مجتمع الكريبتو، وبالأخص حول بيتكوين.
I’m not Satoshi.
— Peter Todd (@peterktodd) October 8, 2024
لاحقاً وبعد نشر الفيلم، خرج تود ليقول في تغريدة من حسابه الرسمي: أنا لست ساتوشي. لكن وبالإضافة لرفض تود للتهمة، فقد كان الفيلم تحت النار حينها. إذ رأى الكثيرون أنه لم يستند على أي أدلة حقيقية، بل اختصر التحقيق بهوية تود إلى 15 دقيقة فقط، واستخدم أدلة ظرفية لا يمكن أن تؤكد هوية ساتوشي حقاً. بالطبع ومع هذه الحجج، سرعان ما تعرض الفيلم للهجوم من قبل مجتمع الكريبتو، كما تعرض لمقدار كبير من التشكيك من المتابعين.
بالطبع وحتى الآن لا يمكن نفي أو تأكيد كون تود هو ساتوشي حقاً. لكن وعلى عكس ادعاء الفيلم، فالأدلة على كونه أب العملات الرقمية ضعيفة للغاية وغير مرجحة، وبانتظار دليل واضح، ستبقى شخصية ساتوشي المؤكدة سراً على ما يبدو.