“تطبيق كل شيء” – لماذا أصبح تويتر جزءاً من شركة X وماذا يعني ذلك؟
منذ شراء إيلون ماسك موقع تويتر في العام الماضي، برزت ملامح خطته الرئيسية لإنشاء تطبيق شامل، أو ما يعرف بـ “تطبيق كل شيء”، ولعل تغريداته المُلغزّة تشير إلى خططه ونوايه المستقبلية بخصوص هذا المشروع.
فقد نشر ماسك تغريدة قصيرة في تويتر بحرف واحد فقط هو X، دون أن يسترسل في الحديث عن أي تفاصيل بشأنها، بيد أنّ هذه التغريدة نُشرت بعدما كُشِف عن اندماج تويتر بشركة قابضة تدعى X Corp. وذكرت بلومبرج خبر الاندماج مُستدلّة عليه بوثيقة من دعوى قضائية ضد موقع تويتر وشريكه المؤسس جاك دورسي.
وذكر الخبر أن ماسك لمّا تقدّم بعرضه الأول لشراء تويتر، كان قد أسس قبلها “3 شركات قابضة في ولاية ديلاوير لكل واحدة منها اسم مختلف”. وليس جلياً حتى الآن التأثير المتوقع لهذه الشركة على تويتر، غير أنها مؤشر محتمل على خطط ماسك المستقبلية؛ إذ يرى شراء تويتر الخطوة الأولى نحو إنشاء تطبيق X، وهو نوع جديد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
وسبق لماسك أن تطرق إلى موضوع تطبيق X بكثرة طوال الشهور الماضية؛ ففي شهر أغسطس من العام الماضي، أجاب عن سؤال أحد مغردي تويتر عن إنشاء منصته الاجتماعية بعبارة واحدة هي: X.com. وفي الشهر ذاته أشار ماسك خلال الاجتماعي السنوي لمساهمي تسلا إلى “رؤيته العظيمة لـ X بوصفه شيئاً مفيداً للعالم بأسره”، دون أن يبين إن كان راغباً في تحويل تويتر إلى تطبيق X، أو استخدامه لإنشاء منصة احتماعية جديدة كلياً.
يذكر أن إيلون ماسك كان قد أعاد شراء نطاق الويب لموقع X.com قبل 5 سنوات بعد أن كان الموقع مخصصاً لشركة تحمل الاسم نفسه وتعمل كمنصة رقمية لنقل المال كان ماسك أحد مؤسسيها قبل أن تندمج مع شركة أخرى وتتحول إلى PayPal المعروفة اليوم. وفي الوقت الحالي، يقود الموقع إلى صفحة ويب فارغة لا تتضمن سوى خلفية بيضاء وحرف x صغير في زاوية الشاشة.
تطبيق فائق جديد
ليس X هو أول تطبيق يسعى للجمع بين كل شيء، إذ أشار ماسك سابقاً إلى أن مبعث إلهامه هو تطبيق WeChat التابع لشركة التكنولوجيا الصينية Tencent. فمن المعلوم أن WeChat يجمع بين خدمات المراسلة النصية، ومكالمات الفيديو، وألعاب الفيديو، ومشاركة الصور، فضلاً عن توفير خدمات أخرى مثل النقل وتوصيل الطعام والتسوق والخدمات المصرفية.
وسبق لماسك أن امتدح تطبيق WeChat في أحد تصريحاته إذ قال: “لو كنت تعيش في الصين، فحياتك قائمة على WeChat. فهذا التطبيق يؤدي جميع الوظائف تقريباً؛ ففيه خدمات شبيهة بتويتر وبي بال ومجموعة أخرى من الخدمات المجتمعة كلها في مكان واحد ذي واجهة مميزة. إنه تطبيق رائع للغاية، وليس لدينا مثيله خارج الصين”.
وقد أشار ماسك في اجتماعه الأول مع موظفي تويتر إلى وجود فرصة واقعية لإنشاء تطبيق مماثل، وصرح قائلاً: “لو نجحنا في تحقيق ذلك، أو اقتربنا من فعله باستخدام تويتر، فسيكون ذلك نجاحاً عظيماً لنا”. ويرى مات نافارا، وهو من كبار المستشارين في مجال وسائل التواصل الاجتماعي، أن تحويل تويتر إلى تطبيق فائق ليس معقولاً، بيد أنه قد يتحول إلى تطبيق مصغّر ضمن منصة ماسك الجديدة.
محادثات خاصة عن منصة معتمدة على البلوك تشين
من المعلوم عن ماسك إعجابه الشديد بالعملات المشفرة مثل Bitcoin وDogecoin، وقد طرح سابقاً مسألة إنشاء منصة تواصل اجتماعي قائمة على تقنية بلوك تشين، وأوضح معالم فكرته عن إنشاء منصة “مشفرة” في رسائله المتبادلة مع شقيقه الأصغر كيمبال؛ إذ كتب إيلون في إحداها: “لدي فكرة لإنشاء نظام منصة تواصل اجتماعي قائمة على تقنية بلوك تشين، وهو إلى ذلك يجمع بين المدفوعات والرسائل النصية القصيرة/الروابط مثل تويتر؛ فالمستخدم يجب أن يدفع مبلغاً ضئيلاً من المال لتسجيل رسالته في السلسة، وهذا من شأنه أن يقضي على الحسابات الآلية (البوت) والرسائل الاحتيالية”.
وأشار ماسك إلى احتواء نظام الموقع على “قاعدة بيانات آنية ضخمة” للاحتفاظ بنسخ دائمة من المحادثات والمتابعين، فضلاً عن “تطبيق شبيه بتوتير” للوصول إلى قاعدة البيانات السحابية. وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن ماسك يسعى لإضافة وظائف تشفير إلى تويتر عقب الموافقة على نظام المدفوعات في الموقع؛ فقد تقدمت الشركة بطلب الحصول على تراخيص للسماح لها بمعالجة المدفوعات على غرار التطبيقات الفائقة الأخرى مثل WeChat.
نموذج الاشتراك
تأتي فكرة ماسك عن منصة قائمة على تقنية Blockchain ضمن سياق محادثاته المتعددة بخصوص نموذج الإيرادات في تويتر؛ إذ أعرب مراراً وتكراراً عن استيائه من الإعلانات التي تشكل الغالبية العظمى من الإيرادات، وأشار صراحة إلى ضرورة تحقيق الأموال عبر وسائل أخرى منها فرض بعض الرسوم على مستخدمي الموقع، وهو ما فعله عقب مدة وجيزة من شرائه تويتر، إذ فرض رسوماً مالية مقابل الحصول على علامة التوثيق الزرقاء.
وأشار ماسك كذلك إلى دور التطبيق في دعم المدفوعات المررسلة مباشرة إلى المستخدمين، فقد أطلق موقع تويتر عام 2021 ميزة “الإكراميات” التي تتضمن خيار الدفع للمستخدمين باستخدام عملية Bitcoin. وسبق لماسك أن قال بخصوص هذه المسألة: “من الضروري أن يحصل صنّاع المحتوى على بعض الإيرادات”، وأشار أيضاً إلى إطلاق تويتر نسخة أولية من البرنامج الذي يتيح للمبدعين جني الأموال مقابل تغريداتهم.
تعزيز حرية الرأي
مهما كان شكل المنصة التي يسعى وراءها ماسك، فلا ريب أن حرية التعبير فيها أكثر بكثير من تويتر؛ إذ سبق لماسك- الذي يرى تويتر أشبه بميدان المدينة- أن انتقد حظر بعض المستخدمين ضمن الموقع. ومع ذلك يرى نافارو أن الشركات الكبرى لن تضع إعلاناتها مع المنشورات المصفنة ضمن خانة المنشورات المسيئة، لذلك يقول نافارو بضرورة نتنويع مصادر الإيرادات في تويتر تحسباً لهذا الأمر.
مكافحة الحسابات الآلية
لا ريب أن إجراءات ماسك تكشف عن هدف واضح هو التخلص من الحسابات الآلية والزائفة في الموقع، إذ وصف هذه المسألة بأنها “مشكلة عويصة”، وأحصى عدد الحسابات الزائفة على الموقع خلال مرحلة شراء تويتر. وبعدما استلم رئاسة الشركة التزم الصمت بخصوص هذه المسألة، بيد أنه قال مؤخراً “إن نموذج الاشتراك مفيد في التخلص من الحسابات الزائفة وانتحال الشخصية على الموقع”.
مهما كانت نوايا ماسك والأفكار التي يطمح إليها بشأن المنصة الجديدة، فإنها ما تزال حتى الآن طي الكتمان، ولم يفصح عنها بكلام صريح، غير أنه يُلّمح عنها بين الفينة والفينة في تغريداته المُلغزّة. وعلى العموم يبدو من الأخبار المتداولة أننا على أعتاب منصة ثورية متعددة الأغراض والاستخدامات.