لماذا لا يمكنك ترقية ذاكرة الرسوميات بشكل مشابه لترقية ذاكرة الوصول العشوائي في الحاسوب؟
كما يعرف أي مستخدم متقدم كفاية للحواسيب، فترقية ذاكرة الوصول العشوائي (RAM) للحواسيب عملية بسيطة إلى حد بعيد: أدخل شريحة RAM أكبر سعة في المنفذ المخصص وبذلك انتهى العمل، حيث أن هذه الترقية هي واحدة من أبسط وأسرع الترقيات التي من الممكن إجراؤها، وباستثناء بعض المعلومات اللازمة حول دعم القناة المزدوجة لنقل البيانات أو توافقية الشرائح المستخدمة معاً، فالعملية بأكملها بسيطة جداً.
بالمقابل ذواكر الرسوميات قصة مختلفة تماماً، حيث أن الغاية منها مشابهة إلى حد بعيد لذاكرة الوصول العشوائي المعتادة، لكنها غير قابلة للترقية أو الاستبدال في أي بطاقات رسوميات صدرت في السنوات الماضية، بل أن الذاكرة التي تأتي مع بطاقة الرسوميات هي كل ما لديك.
المثير للاهتمام هو أن الأمور لم تكن دائماً هكذا، وخلال التسعينيات كان هناك عدة بطاقات رسوميات تدعم إضافة شريحة ذاكرة رسوميات إضافية عند الحاجة، لكن يبدو أن هذا النوع من الترقيات قد اختفى منذ عقدين من الزمن، وهنا سنحاول إجابة السؤال: لماذا؟
بطاقات الرسوميات الحديثة مزدحمة جداً وتحتاج التبريد بشدة
في حال فككت بطاقة رسوميات من الأجيال الأخيرة، فالأرجح أنك لاحظت كونها تعج بالأجزاء ولا تمتلك الكثير من المكان المتاح حقاً لأية إضافة، وكما هو معروف فوجود منفذ يتيح إضافة الأجزاء واستبدالها يحتاج حجماً أكبر من لحم الأجزاء بشكل مباشر وتجاوز الأمر تماماً. لذا وفي سبيل التعامل مع المساحة الضيقة جداً وجدت شركات بطاقات الرسوميات أن التخلي عن قابلية الترقية ولحم الأجزاء مباشرة أسهل وأرخص.
بالإضافة لذلك فالأمر يتضمن مشاكل متعلقة بالحرارة، حيث أن بطاقات الرسوميات القوية تحتاج كماً كبيراً من التبريد لتبقى ضمن المجال الحراري المسموح لها دون ضرر دائم، وفكرة إضافة شرائح ذاكرة رسوميات يعني التضحية جزئياً بالتبريد وعدم القدرة على تبريد هذه الشرائح المضافة أيضاً مما يضر الأداء الحراري.
قابلية الترقية تزيد التكلفة لأمر غير مطلوب حقاً
بالنسبة لمن يريد ترقية ذاكرة الرسوميات، قد يبدو أن الأمر مهم للغاية. لكن على المجال الواسع ليس هناك أي طلب حقيقي على قابلية الترقية، وفي الفترة التي كان فيها بطاقات قابلة للترقية وأخرى لا، كانت البطاقات غير القابلة للترقية هي المطلوبة أكثر لأنها ببساطة أرخص، فهي تختصر تكاليف تصميم وتصنيع منافذ مخصصة لقابلية الترقية، وبالمقابل تضحي بميزة لا يطلبها إلى قلة قليلة من المستخدمين.
ذواكر الرسوميات تحتاج لأن تكون أقرب من معالج الرسوميات
ما يغيب عن انتباه الكثيرين هو أن بطاقات الرسوميات تدعم سرعات نقل هائلة حقاً وعادة ما تكون أكبر بعدة أضعاف من تلك المدعومة في ذواكر الوصول العشوائي، ولتحقيق معدلات النقل الهائلة من جهة وتقليل أخطاء النقل للحد الأدنى، فمن الأفضل لذاكرة بطاقات الرسوميات أن تكون ملحومة بشكل مباشر وقريب قدر الإمكان من معالج الرسوميات بدلاً من أن تكون أبعد وتعتمد على منفذ مخصص للاتصال به.
مواضيع قد تهمك:
- لماذا تصنع بطاقات الرسوميات من العديد من الشركات المختلفة بدل إنتاجها من Nvidia وAMD فقط؟
- ما هي بطاقات الرسوميات الخارجية (External GPU)؟ كيف تعمل وهل هي مفيدة؟
قابلية ترقية ذواكر الرسوميات ضارة بالشركات عموماً
في حال تجاوزنا كل النواحي الأخرى التي تجعل ترقية ذواكر الرسوميات لا تستحق العناء، يبقى هناك سبب أخير منطقي: الشركات المصنعة لبطاقات الرسوميات تريد بيع المزيد من بطاقات الرسوميات وبأسعار أعلى قدر الإمكان، لذا فكون المستخدمين يستطيعون ترقية بطاقات رسومياتهم والاستفادة منها لوقت أطول ليست مغرية حقاً، بل أنها تفقدهم القدرة على جعل المستخدمين يرقون بطاقاتهم أكثر.
تستفيد الشركات اليوم من بيع بطاقات رسوميات متطابقة من حيث معالج الرسوميات لكن مختلفة الذواكر وتبيعها بأسعار متدرجة، لكن قابلية الترقية ستصعب بيع البطاقات الأغلى ثمناً والأعلى ربحاً لأن المستخدم يستطيع شراء إصدار أرخص وترقيته، وكما هو موقف شركات الهواتف من بطاقات SD لتوسيع الذاكرة، فالخيار الأربح هو منع خيار الترقية.
هل خيار الترقية يستحق العناء أصلاً؟
في حالات محدودة وبنظر البعض الجواب هو نعم، لكن في الغالبية العظمى من الحالات فالمستخدمون غير مهتمين من جهة، والتأثير غير كبير أصلاً. حيث أن بعض استخدامات بطاقات الرسوميات من الممكن أن تستفيد من الترقية دون شك، لكن في معظم الحالات يكون الأداء السيء ناتجاً عن معالج رسوميات ضعيف وليس عن كون ذاكرة الرسوميات غير كبيرة كفاية.