بناء الثقة الرقمية في السعودية: مقابلة مع Group-IB
مع تزايد التهديدات السيبرانية بشكل غير مسبوق وتضاعف الهجمات بمعدل مقلق، أصبحت صناعة الأمن السيبراني حجر الأساس في الاستراتيجيات الرقمية للعديد من الدول، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية بما تمتلكه من مشهد تقني مزدهر. ولمناقشة هذه التطورات، التقينا مؤخراً بالسيد محمد فليفل، المدير الإقليمي للمبيعات لمنطقتي السعودية وتركيا لدى شركة Group-IB، حيث تحدث إلينا خلال فعاليات بلاك هات MEA 2025 وشاركنا رؤاه القيّمة حول القطاع والمنطقة.
كيف أعادت رؤية 2030 تشكيل مشهد الأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية والطلب في السوق؟
ما حدث في المملكة العربية السعودية نقلةٌ نوعيةٌ حقاً، فالأمر لم يعد مقتصراً على جهود الرقمنة، بل تحول إلى وعي وركيزة أساسية في البلاد، لا سيما أنّ المملكة تعكف على بناء منظومة ثقة رقمية وطنية. شهدنا في السنين الأخيرة، سواء في المملكة أو المنطقة، تزايداً ملحوظاً في عدد الهجمات السيبرانية وتعقيدها؛ إذ استخدمت فيها تقنيات وأساليب متنوعة. كما رأينا تحولاً ملموساً في طريقة تعامل الشركات والمؤسسات في المملكة العربية السعودية مع هذه التهديدات، فلم تكتفِ بحماية نفسها من مشكلات الأمن السيبراني، بل سارعت إلى استباق التهديدات السيبرانية والاستعداد لها قبل وقوع الهجمات.
بحكم خبرتك الطويلة، ما أبرز التحديات التي تجدها فريدة في السوق السعودية؟
المملكة العربية السعودية من أكبر وأقوى الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط، وهي من الأسرع نمواً على المستوى العالمي. وما نشهده حالياً هو تصاعد متسارع في مستوى الامتثال والتنظيم في المملكة، خاصة أنّ الجهات التنظيمية تتمتع بوعي كبير في مجال الأمن السيبراني، وهي تعمل حالياً على تنظيم أطر العمل في هذا المجال، وتحرص على توعية الشركات والمؤسسات لكي تبقى جاهزة ومستعدة لأي تهديدات سيبرانية.
لعل من التحديات التي نراها في المملكة هي اتساع نطاق التأثير للهجمات السيبرانية. يوجد في البلاد عدد كبير من الشركات في مجالات التكنولوجيا والتقنية المالية والخدمات المصرفية، وهي تشكل بيئة خصبة وهدفاً محتملاً لجهات التهديدات السيبرانية، التي تسعى وراء الأموال. لذلك ثمة تسارع ملموس في التهديدات السيبرانية لقطاع التقنية المالية في المملكة العربية السعودية.
كيف يؤثر نمو قطاع التكنولوجيا المالية في السعودية على طبيعة التهديدات السيبرانية؟
لا شك أنّ التحول المالي في المملكة العربية السعودية كبير جداً في الآونة الأخيرة بفضل الاقتصاد القوي. تعتمد سيناريوهات الاحتيال المحتملة على الهندسة الاجتماعية، والانتحال، وسوء استغلال الهوية الرقمية. ونشهد أنماطاً متنوعة لعمليات الاحتيال منها السيطرة على الحسابات، والاحتيال متعدد القنوات، والتطبيقات المزيفة، واستغلال بيانات الهوية المسربة، والشبكات الاحتيالية العابرة للحدود. ولم تعد التهديدات مقتصرة على فيروسات أو تهديدات بسيطة، بل أصبحت شبكة إجرامية منظمة تستهدف الشركات.
هلا حدثتنا عن جهودكم في مجال تطوير الخبرات المحلية والتدريب السيبراني؟
لدى شركة Group-IB خبرة ممتدة لـ23 عاماً في مجال الأمن السيبراني، وهي تحرص في أعمالها على الانتقال من العالمية إلى المحلية. فنحن لا نريد الاكتفاء بجلب خدماتنا ومنتجاتنا وتوفيرها للشركات، بل نسعى إلى تطوير الكفاءات المحلية الموجودة في البلاد التي نوجد فيها عبر وسائل متنوعة. فعلى سبيل المثال تبني Group-IB شراكات مع الجامعات المهتمة بتدريس الأمن السيبراني لتدريب الطلاب والجيل الناشئ على معظم التحديات والتقنيات في مجال الأمن السيبراني.
بالإضافة إلى ذلك، نبني قدرات محلية في مجال مراكز عمليات الأمن لتطوير المهارات والكفاءات في شتى النواحي مثل التحليل، والبيانات، واستخبارات التهديدات السيبرانية. ولا تقتصر جهودنا على موضوع التدريب فقط، بل نحرص أيضاً على تشغيل الشباب الناشئ في المملكة في شتى المجالات التي نعمل فيها.
ما هي نصيحتك لقيادات الشركات السعودية؟
الأمن السيبراني ليس مشروعاً تقنياً بل قرار قيادي، فلا بد أن تكون المؤسسة برمتها مهتمة بهذا المجال. وتتجه الشركات في الوقت الراهن نحو استخدام الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح مدخلاً لعمليات الاحتيال والاختراق. لذلك ينبغي أن تخضع الاستثمارات الجديدة في الأجهزة والبرمجيات إلى منظومة ورؤية الأمن السيبراني في كل شركة. فجميع الشركات معرضة لحالات اختراق، لكنها تتميز فيما بينها بطريقة تعاملها وتصرفها مع الاختراق.





















