باحثون يطورون خرسانة تصلح نفسها بنفسها بالاعتماد على البكتيريا
⬤ يجرب باحثون استخدام مكونات حية دقيقة مع مادة الخرسانة حتى تصبح قادرة على ترميم نفسها في حالات الشقوق.
⬤ يعتمد الباحثون على طريقة مشابهة لآلية الشفاء الذاتي للجروح عند الإنسان، وهم يتسخدمون لهذه الغاية إحدى أنواع البكتريا.
⬤ كشفت نتائج الاختبارات أن الخرسانة استطاعت ترميم نفسها ذاتياً، ونجحت في إصلاح جميع الشقوق التي أصابتها خلال يومين.
يعكف باحثون في جامعة دريكسيل على إحراء تجارب فريدة من نوعها، فهم يضيفون كائنات حية إلى مكونات مادة الخرسانة المستخدمة في البناء لإطالة عمرها الافتراضي. وصحيح أنّ هذا النهج الجديد يُعوّل على أحدث التكنولوجيا، لكن استراتيجيته الهندسية الأساسية نابعةٌ من جسم الإنسان.
تعرف الخرسانة بأنها ثاني المواد استهلاكاً على سطح الأرض، وهذا الأمر مقلق طبعاً بسبب الانبعاثات الكربونية الضخمة الناجمة عن عملية التصنيع. ولعل من أبرز الوسائل لتخفيف تأثيراتها البيئة الضارة هي إطالة عمر استخدامها. فمن المعلوم أنّ الخرسانة تبدأ بالتداعي عقب مرور 50 عاماً تقريباً على إنشائها، ويعتمد هذا الأمر أساساً على الظروف البيئة المحيطة. لذلك يمكن تحقيق استفادة أكبر من هذه المادة عبر تأخير ظهور الشقوق باستخدام آليات الإصلاح الآنية.
نشر فريق الباحثين في جامعة دريكسيل ورقتهم العلمية في دورية Construction and Building Materials، وقد طوروا مركبَ بوليمرٍ جديداً (BioFiber) مكسواً بطبقة من مادة الهيدروجيل المزودة ببكتريا، ووضعوا ذلك كله في أنبوب يبلغ سمكه نصف ملليمتر ويتفاعل مع الأضرار. وبعد ذلك وضع الباحثون مادة الألياف الحيوية الجديدة في عدة طبقات على هيئة أنماط شبكية بينما صبوا الخرسانة، لتكون بذلك مادة مقوية. ولا يظهر مفعول هذه المادة إلا حينما يبدأ التداعي.
وفي هذا الصدد قال السيد أمير فانام، الأستاذ المشارك في كلية دريكسيل للهندسة والقائد المشارك للأبحاث: “ما نشهده في بشرتنا أنّ الأنسجة ترمم نفسها بالاعتماد على بنية ليفية متعددة الطبقات وممتلئة بالدم. ومن هذا المنطلق تحاكي الألياف الحيوية هذا المفهوم، وتعتمد على البكتريا التي تنمو داخل الخرسانة، وبذلك يصبح لدينا خرسانة حيوية تتفاعل مع الأضرار التي تصيبها، وترمم شقوقها بنفسها”.
ويتضمن كل واحد من الألياف الحيوية مخبأ لبكتريا (Lysinibacillus sphaericus) على شكل أبواغٍ، وتوجد هذه المادة عادة في التربة، وهي تتعرض لعملية تعرف بمصطلح ترسيب كربونات الكالسيوم بفعل الميكروبات؛ إذ تنتج مادة شبيهة بالصخور في أثناء استهلاكها العناصر الغذائية.
وعلى العموم ربما يفيد هذا الأمر إذا وجدت البكتريا على مقربة من شقوق حديثة التكوين؛ فبعدما تتفكك الألياف الحيوية بسبب الضغط، تدخل المياه من البيئة الخارجية إلى الخرسانة، فتحتكّ بتلك البكتريا المجهرية، ويتسبب ذلك في تنشيط بكتريا Lysinibacillus sphaericus، التي تحاول الاندفاع نحو الخارج باتجاه الأعلى. ويحدث ذلك كله بينما تبدأ عملية ترسيب كربونات الكالسيوم بفعل الميكروبات، فتملأ تلك الكربونات الشقوق الموجودة في الخرسانة، وتتصلب متحولة إلى قشرة إسمنتية شبيهة بتخثر الدم فوق الجروح لحمايتها. وقد كشفت الاختبارات الأخيرة للباحثين أن الخرسانة رممت نفسها خلال يومين فقط.