السحر ينقلب على الساحر: صورة أصلية تفوز بمسابقة توليد صور بالذكاء الاصطناعي
⬤ تسببت صورة حاصلة على عدة جوائز بالجدل بعد اكتشاف أنها صورة أصلية وليست مولدة بالذكاء الاصطناعي كما الادعاء.
⬤ برر المصور إدراجه المقصود للصورة في المجال الخاطئ برغبته بتسليط الضوء على أخلاقيات توليد الصور بالذكاء الاصطناعي.
⬤ سبق أن تسببت صور الذكاء الاصطناعي بالجدل بعدما فازت بجوائز للرسم الرقمي والتصوير كذلك في العام الماضي.
مع افتتان صناعة التكنولوجيا بكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، فإن وجود مسابقات التصوير الفوتوغرافي باستخدام الذكاء الاصطناعي قد لا يكون أمراً مفاجئاً حقاً لمن يتابع المجال. لقد خدعت التطورات في برامج مثل Midjourney، و Dall-E، و Stable Diffusion المستخدمين بانتظام بأن الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي هي صور حقيقية ملتقطة باستخدام الكاميرات.
لكن مؤخراً، انقلبت الأمور رأساً على عقب. فبدلاً من الخلط بين صورة مُولدّة بواسطة الذكاء الاصطناعي وصورة حقيقية، فعلت صورة من الحياة الواقعية العكس – وفازت في مسابقة لتوليد الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي.
يأتي ذلك بعد أن قام المُصوّر مايلز أستراي بتقديم صورته لطائر نحام وردي (فلامينجو) في جوائز «1839» لعام 2024، وهي عبارة عن سلسلة من المسابقات تتمحور حول التصوير الفوتوغرافي. تُظهر الصورة التي تحمل عنوان «F L A M I N G O N E» لطائر نحام مذهل، مُتأنقاً بمجده الوردي، ويبدو مذهلاً بقدر ما هو غير عادي.
انتهت الصورة بالفوز ليس بجائزة واحدة فحسب، بل بجائزتين، بما في ذلك الجائزة البرونزية في فئة الحكام وجائزة تصويت الجمهور. ومع ذلك، على الرغم من أن الصورة تبدو غريبة، إلا أنها لم يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي على الإطلاق، بل هي في الواقع صورة حقيقية لطائر نحام يخفي رأسه عن الأنظار.
وكما أفاد موقع Android Authority في الأصل، فقد التقط مايلز أستراي الصورة باستخدام كاميرا Nikon D750 الخاصة به، مُعتمداً على عدسة مقاس 50 مم، وذلك على شاطئ في أوروبا في عام 2022. تم قام بالاشتراك في المسابقة وإدراج الصورة إلى فئة الذكاء الاصطناعي، وحث المعجبين على منصات التواصل الاجتماعي على التصويت لها ضمن جائزة اختيار الجمهور.
شرح أستراي سبب إلحاقه الصورة ضمن فئة الذكاء الاصطناعي رغم أنها أصلية، مُعللاً ذلك برغبته تسليط الضوء على «الآثار الأخلاقية» للذكاء الاصطناعي، وشرح وجهة نظره قائلاً: «لا يوجد شيء أكثر روعة وإبداعاً من الطبيعة الأم نفسها». «أنا لا أنتقص من قيمة التقنيات الجديدة وأرى إمكاناتها بالفعل، ولكن في الوقت الحالي، أرى حدودها ومخاطرها بشكل أكثر وضوحاً.»
لم تمر نتيجة الخداع الذكي الذي قام به مايلز مرور الكرام. كما هو متوقع، قامت جوائز 1839 منذ ذلك الحين بإلغاء أهلية مشاركته مما يعني سحب الجوائز التي فاز بها واستبعاده من المنافسة، وبررت لجنة التحكيم قرارها قائلةً: «لم يستوف تقديمه متطلبات فئة الصور المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي». «نحن نتفهم أن هذا هو الهدف، ولكننا لا نريد منع الفنانين الآخرين من تحقيق الفوز في فئة الذكاء الاصطناعي.»
ليست الواقعة الأولى
وكان الفنان الألماني، بوريس إلدغسن، قد أثار ردود أفعال غاضبة كذلك، عقب فوزه بجائزة مرموقة في مجال التصوير، عن صورة أُنشئت بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعي، لا سيما أن الفنان تعرض لاتهام بـ «التضليل»، كما رفض تسلم جائزة عن الصورة. إذ دافع عن نفسه، وقال إنه كان واضحاً منذ البداية فيما يخص طبيعة عمله، وأنه لن يقبل المكافأة الممنوحة له ضمن جوائز «سوني العالمية» للتصوير الفوتوغرافي، لأن مسابقات مماثلة ليست جاهزة بعد للتعامل مع تقنية الذكاء الاصطناعي.
اللجنة المسؤولة عن منح الجوائز، أوضحت أنها كانت على علم بطبيعة الصورة، لكنها اتهمت الفنان «بتضليل متعمد»، وهو ما أثار غضب إلدغسن.
كان القائمون على جوائز «سوني» العالمية للتصوير، أعلنوا في مارس 2023، فوز صورة إلدغسن التي تظهر فيها امرأتان وتحمل عنوان «Pseudomnesia: The Electrician»، في فئة الأعمال الإبداعية.
أوضح إلدغسن في مقابلات أجراها عقب فوزه كيف أنجز العمل، مشيراً إلى أنه كان يرغب من خلال خطوته هذه في أن يطرح نقاشاً بشأن مسألة الذكاء الاصطناعي، وقال أن «الصور التي تبتكرها برامج الذكاء الاصطناعي لا ينبغي أن تتنافس في جوائز كهذه»، ورفض كذلك استلام الجائزة الممنوحة له.
أشار القائمون على الجوائز إلى أنهم كانوا يتطلعون لإشراك الفنان في نقاش عن الذكاء الاصطناعي، إلا أنهم سحبوا الصورة تماشياً مع رغبته.
يأتي هذا فيما يخشى عدد كبير من المصوّرين والفنانين أن تهدد برامج الذكاء الاصطناعي مصدر رزقهم، لأنها تتيح لأي شخص إنشاء صور جميلة بمجرّد نقرة، مما يُثير التكهنات حول التأثير الكبير الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي على عالم الأعمال، مع تضرر مئات الملايين من الوظائف أو حتى الاستعاضة عنها مستقبلاً.
يُذكر أن الشيوع السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي المتخصصة في إنشاء الصور بدأ يتسبب في العديد من المشاكل القانونية، بعدما جرى تدريب تلك الأنظمة باستخدام كمية كبيرة من الصور، قد يكون عدد كبير منها محمياً بموجب حقوق الطبع والنشر، وهو ما يتوافق مع تصريحات مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة Meta، والذي كان قد اعترف في شهر فبراير أنه يستخدم الصور المنشورة على فيسبوك وإنستجرام لتدريب أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية للشركة.