الذكاء الاصطناعي هو الاتجاه الأبرز في قطاع الاتصالات – مقابلة مع مديرة التسويق لدى GSMA
تعرف جمعية GSMA بكونها اتحاداً عالمياً غير ربحي، وتعمل في مجال الاتصالات وتمثل اهتمامات ومصالح الشركات المشغلة للشبكات حول العالم وتلعب دوراً هاماً في تنظيم المجال ووضع المعايير وتوحيد التطوير الهادف للانتقال إلى التقنيات الأحدث. وقبل مدة، أقامت المنظمة مؤتمر M360 في العاصمة السعودية، الرياض، وذلك بهدف استكاف الآفاق الرقمية العالمية، وتحديد الخطوط العريضة للتحول الرقمي حول العالم. ومع حضورنا للحدث، تسنت لنا الفرصة لمقابلة السيدة لارا ديوار، مديرة التسويق لدى جمعية GSMA، وأجابتنا على عدة أسئلة تتناول حاضر ومستقبل مجال الاتصالات وأهم التيارات الجارية ضمنه.
ما هي أهم الاتجاهات في قطاع الاتصالات والشبكات؟
أرى أنّ الاتجاه الأبرز الذي نشهده حالياً هو الذكاء الاصطناعي، وهو بالأحرى ليس اتجاهاً بقدر ما هو منصة ونهجٌ تكنولوجي، وهو طبعاً يستحوذ على القسط الأكبر من الاهتمام الإعلامي. ولا شك أنّ الذكاء الاصطناعي يوجه إلى حد معين جميع برامجنا المرتبطة بالمؤتمر العالمي للأجهزة المحمولة في برشلونة (MWC Barcelona)، الذي يعد حدثنا الرئيسي الأكبر. لذلك بينما نستعد للفعالية في شهر فبراير القادم، تدور مناقشات كثيرة عن الذكاء الاصطناعي.
كذلك أعتقد بوجود اتجاهات أخرى بارزة في مجالات إنترنت الأشياء والحوسبة المتطورة، وهناك أيضاً نقاش كبير بشأن طريقة الاستفادة من إمكانيات شبكات الجيل الخامس. كما نشهد اتجاهات أخرى متعلقة بخصوصية البيانات والأمن السيبراني.
هل ارتقت اتصالات الجيل الخامس إلى مستوى الضجة والاهتمام الذي أحاط بإطلاقها باعتقادك؟
عندما يحين وقت إطلاق جيل جديد لأي شكل من أشكال التكنولوجيا، تدور نقاشات كثيرة ويستلزم الأمر بعض الوقت ريثما تتضح الأنشطة المرتبطة بالتطبيق الجديد. ولو نظرنا للمسألة من بعين المستهلك، فإن تكنولوجيا الجيل الخامس تعد نوعاً من الحلول الصناعية في الوقت الراهن، وأرى حقاً أنها ستصبح تكنولوجيا تمكينية تستطيع المساهمة في التصدي لبعض التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم؛ فعلى سبيل المثال، توجد بعض الحلول الخاصة بقضايا المناخ التي يمكن أن نعزو إليها بعض التأثيرات الإيجابية حينما تنتقل صناعات بأكملها إلى اعتماد التكنولوجيا الذكية.
لذلك أعتقد أنّ الأمر يتطلب بعض الوقت من وجهة نظر المستهلك للإجابة عن هذا السؤال، فأنا أرى أننا ما زلنا نعيش في ظل الضجة المثارة بخصوص شبكات الجيل الخامس، وما يزال هناك متسع من الوقت حتى تثبت هذه التكنولوجيا جدواها وفائدتها. لكن على صعيد المنطقة، نرى انتشاراً مثيراً للإعجاب لشبكات الجيل الخامس؛ إذ تغطي هذه الشبكة نسبة قدرها 75% من السكان تقريباً. وقد ساهمت في ذلك عوامل عديدة منها: القيادة الحكيمة، والتعاون على مستويات متعددة، والشركات بين القطاعين العام والخاص. وأعتقد أن تركيز الدول على تشغيل هذه الشبكات كان بالغ الأهمية، وجعل هذه المنطقة رائدة في مجال تكنولوجيا الجيل الخامس.
هل تعتقدين بأن اعتمادنا المتزايد على الاتصالات يزيد من خطورة الهجمات السيبرانية علينا، بالأخص تلك التي تستهدف البنية التحتية؟
هذا السؤال مهم حقاً، وأريد الإجابة عنه بسرد قصة شخصية؛ لدي عائلة، لكن ذلك لم يعد حاجزاً أمام السفر لمتابعة أعمالي في مدنٍ مثل الرياض، لأنني قادرة على التواصل معهم بسهولة كبيرة. لكن هذا الأمر كان أصعب قبل 10 أعوام، وكان مستحيلاً قبل 15 عاماً. وأعتقد أنّ هذا التحول الهائل ينطوي ولا ريب على نوعٍ من أنواع انعدام الأمان، لكنه أولاً وأخيراً وجهٌ من أوجه انعدام الأمان الذي عايشناه في الماضي. لذلك تراعي الشركات المشغلة عنصر الأمن السيبراني وعملياته، وتجعلها أمراً محورياً في شبكاتها؛ فهذه الشبكات عبارة عن بنية تحتية شديدة الأمان في أساسها. وهذا ينطبق بالحد الأدنى على جميع الأعضاء في رابطة GSMA؛ إذ نرى لديهم التزاماً حقيقياً بالاستثمار في مجال الأمن السيبراني.
أعتقد أن التواصل ضمن العالم يجلب فوائد ضخمة للمجتمع والصناعة والأفراد، ومن المهم ألا نترك الآخرين خلفناً في هذا التطور بينما نمضي في طريق التحول إلى المستقبل الرقمي، لهذا علينا أن ننهض بالجميع. وأرى حقاً أننا سنصبح أفضل حالاً بوجود التكنولوجيا، لكن هذا لن يتحقق إلا إذا أولينا عنايتنا بأمور إضافية مثل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وحماية الخصوصية.
كيف تنجحون في إدارة منظمتكم، لا سيما مع احتوائها على مئات الأعضاء ذوي الآراء والغايات المتضاربة؟
أصدقك القول إن هذا الأمر ذو طبيعة حساسة دوماً، لكننا نرى فرصاً عظيمةً نابعةً من كوننا منظمة عالمية. وبما أننا منظمة عالمية تمارس نشاطاتها في مناخ جيوسياسي متصدع ورتيب، فقد تطفو على السطح أحياناً بعض الاختلافات بين الأعضاء، لكن الشيء الذي يجمعنا كلنا هو التكنولوجيا. لذلك نركز اهتمامنا على التكنولوجيا، واتصالات الهواتف المحمولة، وكيف يسعنا توظيف هذه التكنولوجيا لتمكين أشياء أخرى، ولمعالجة مشكلات أكبر.
ومن هذا المنطلق أقول إننا كمنظمة نوجه تركيزنا إلى الأمور المتشابهة لا المختلفة بيننا، فنحن لسنا منظمة سياسية، ولا نتدخل بالضرورة في القضايا والمواقف السياسية، وإنما تتجلى مهمتنا في تمثيل مشغلي شبكات الهواتف المحمولة من نواحي الدفاع عن حقوقها ومسألة الضرائب. لكن ما يعنينا حقاً أن تصبح التكنولوجيا بمتناول الجميع، وأن نحرص على أن يستطيع الجميع التواصل مع الآخرين في العالم.
في الوقت الحالي تغطي شبكات الهاتف الخلوي قرابة 95% من مساحة العالم، وما يزال هناك 3.2 مليار شخص لا يتصلون بشبكة الإنترنت عبر الهاتف المحمول. لذلك يظل شغلنا الشاغل كيفية تشجيع أولئك الأشخاص على الاستفادة من هذا العالم المترابط؛ فجميع الأعضاء لدينا متفقون معنا على هذا الهدف. لذلك نركز في المنظمة على أوجه التوافق فيما بيننا، لا على نقاط الاختلاف.
كما نرى من موقعنا كمنظمة عالمية الفوائد الكثيرة لتنظيم التكنولوجيا؛ فأنا أستطيع السفر من لندن إلى الرياض دون أن ينقطع تواصلي مع عائلتي لأن هاتفي يستخدم الشبكات في جميع تلك البلدان التي أمر بها. وإننا نواصل الاهتمام أيضاً بالمحافظة على مواءمة هذه المعايير التكنولوجية، ونحظى بدعم كبير من أعضائنا.