الخاسرين في القطاع التقني 2020 – المجالات التي تلقت أهم الهزائم
مع كون عام 2020 عاماً استثنائياً ومختلفاً عن أي وقت مضى سواء للعامل التقني أو المجالات الاقتصادية الأخرى على حد سواء، فقد كانت تأثيرات هذا العام غير معتادة وتسببت بالكثير من الأمور الخارجة عن المألوف. وبينما كان هناك العديد من النقاط المضيئة والمجالات التي حققت النمو الكبير وبالأخص في القطاع التقني، فقد كان هناك مشاكل وأمور سلبية مقابلة دون شك.
مع أن الحالة العامة للمجال التقني كانت تتجه للأعلى، فقد عانت بعض المجالات نتيجة الأزمة الاقتصادية والتغيرات في الاستهلاك هذا العام، فيما عانت مجالات أخرى نتيجة مشاكل أعمق متجذرة ضمنها أصلاً لكنها ظهرت بالشكل الأقوى عند أول اختبار حقيقي مثل ما يحصل اليوم.
في موضوعنا السابق كنا قد ركزنا على الشركات والمجالات الأكثر نجاحاً خلال عام 2020 المضطرب، لذا فمن المناسب أن نسير بالاتجاه المعاكس وننظر إلى النصف الفارغ من الكأس التقني ربما.
مجال الواقع الافتراضي ككل
عبر السنوات الماضية تكرر الحديث عن تقنيات الواقع الافتراضي (Virtual Reality) مراراً، حيث اعتبرها الكثيرون تقنية المستقبل والاتجاه الذي يسير نحوه العالم التقني ككل وبالأخص مجال الألعاب والتعليم. لكن وبعد فرصة ذهبية للازدهار وتحقيق الانتشار في الوقت الحالي كان من الواضح أن الواقع الافتراضي ليس بالحجم الذي تخيله البعض ربما، أو أنه غير جاهز ليكون تقنية مستخدمة من قبل العامة على الأقل.
بينما ارتفعت مبيعات الحواسيب وأجهزة الألعاب مثلاً خلال العام الجاري، لم يترك الأمر أي تأثير حقيقي على مبيعات أجهزة الواقع الافتراضي أو البرمجيات والألعاب التي تعتمد عليه، وهو ما يقود إلى واقع أن المجال لا ينمو كما كان متوقعاً له ويمكن اعتبار العام الجاري كفشل كبير أو على الأقل فرصة هامة ضائعة للواقع الافتراضي.
مجال مشاركة السيارات ووسائل النقل
منذ تم تقديم فكرة مشاركة السيارات سرعان ما انتشرت هذه الخدمات بسرعة كبيرة حول العالم، حيث أنها قتلت مجال سيارات الأجرة التقليدية في الكثير من الحالات، وبالمقابل وفرت الكثير من الدخل الإضافي لمالكي السيارات ووسيلة نقل سهلة الاستخدام وأبسط بمراحل من الاعتماد على النقل العام للمستخدمين الذين باتوا قادرين على طلب السيارات عبر تطبيق بسهولة كبيرة وحتى تقييم السائقين دون عناء.
المشكلة في هذا العام هو أن الحركة العامة والتنقل قد توقف أو بات محدوداً للغاية في الغالبية العظمى من المناطق حول العالم، وبالتالي وجدت الشركات العاملة في المجال مثل Uber وLyft نفسها في مكان سيء مع خسارة مبالغ مالية هائلة بالإضافة إلى عدم رضا من السائقين الذين وجدوا أنفسهم دون مصدر دخل لهم في فترة صعبة اقتصادياً على الجميع.
ليزداد الطين بلة فقد عانت الشركات العاملة في المجال من العديد من الدعاوى القضائية ضدها بسبب تعاملها مع السائقين على أنهم متعاقدون مستقلون وليسوا موظفين أساسيين لها في الواقع. وبالنتيجة ازداد الوضع السيء أصلاً سوءاً.
خدمة بث المحتوى القصير Quibi
في أبريل من عام 2020 انطلقت خدمة Quibi الجديد مع وعود بتغيير طريقة استهلاكنا للمحتوى حول العالم، وكانت الأمور تبدو مبشرة للغاية في البداية، إذ كانت الشركة تحت قيادة مجموعة مسؤولين سابقين كبار من شركات تقنية وتضمن طاقم الإداريين منتجين هامين من هوليوود حتى، وبالنتيجة جمعت الخدمة الناشئة استثماراً ضخماً بقيمة 1.75 مليار دولار أمريكي مع وعود كبرى للمستثمرين.
كانت المشكلة الأساسية في هذه الخدمة هي أنها لم تصمم للمحتوى التقليدي في الواقع، بل صممت لتكون برامجها مكونة من حلقات قصيرة من بضعة دقائق فقط بحيث تكون مناسبة للعرض عبر الهواتف الذكية أثناء ركوب وسائل النقل العامة مثلاً أو أثناء الانتظار. فقد كانت الخدمة موجهة لنمط الحياة السريع والاستخدام على الهواتف حصراً بحيث لم يكن من الممكن مشاهدة المحتوى عبر الحواسيب أو التلفاز مثلاً، وكان عام 2020 أسوأ وقت ممكن لبدأ خدمة كهذه.
بإضافة كون المحتوى المتاح قليلاً أصلاً وغير كافٍ لجذب المستخدمين فشلت الخدمة بشكل هائل وخسرت المشتركين الذين اشتركوا خلال فترة التجربة المجانية وأغلقت بشكل نهائي بداية ديسمبر بعد 8 أشهر فقط من إطلاقها وخسارة مئات ملايين الدولارات من أموال المستثمرين.
بالإضافة لكون فشل الخدمة مدوياً من حيث كمية المال المفقود وعدم القدرة على جذب المستخدمين، فقد كان الفشل أكبر من المعتاد حتى بإضافة واقع أن مختلف خدمات بث المحتوى الأخرى قد حققت نجاحات كبرى في الفترة نفسها.
شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة
بينما حققت مختلف شبكات التواصل الاجتماعي أرباحاً أكبر من أي وقت مضى خلال العام الحالي، وحتى أن أسعار أسهمها صعدت بشكل كبير، فقد تلقت الكثير من الانتقادات بالمقابل مع اعتراض المستخدمين على سياسات حجب المحتوى الجديدة التي باتت تقيد تعبير المستخدمين إلى حد بعيد بمنع كلمات وعبارات معينة بغض النظر عن سياقها، كما أثبتت فكرة إضافة علامات توضيحية حول المحتوى المضلل فشلها بكونها غير دقيقة في الكثير من الحالات ودون تأثير على انتشار الأخبار الكاذبة على أي حال.
بإضافة كون الكثير من المستخدمين باتوا يريدون التخلص من إدمانهم على شبكات التواصل الاجتماعي مؤخراً، وعدم رضاهم عن دوامات الأخبار السلبية التي باتت منتشرة أكثر من أي وقت مضى على هذه المنصات فالعام لم يكن جيداً لسمعة التواصل الاجتماعي ككل. ومع أن النجاح المالي مستمر فهو ليس المعيار الوحيد للنجاح وبالأخص على المدى البعيد.