التحديث إلى Windows 11 لم يعد خياراً، بل ضرورة: كيف يمكن للشركات تحقيق هذا التحول بالشكل الأمثل

في خريف عام 2021، قررت شركة Microsoft العودة لنموذج تحديثات النظام الكبرى بدلاً من الإصدار الوحيد دائم التحديث الذي انتقلت إليه في عام 2015 مع إصدار Windows 10 (والذي وصفه أحد المطورين حينها بأنه سيكون آخر نسخة من Windows). ومع إعلان الشركة عن نظام Windows 11 حينها، فقد كانت تلك بداية النهاية لنظام Windows 10. والآن بعد قرابة 4 أعوام من ذلك، بات لدى مختلف الشركات حول العالم تحدٍّ مهم وجديد: التحديث إلى نظام Windows 11 أو مواجهة فضاء الأمن السيبراني دون تحديثات الحماية الدورية من Microsoft.

من حيث المبدأ، فقد انتهى التطوير الفعال لنظام Windows 10 منذ مدة، حيث إن آخر إصدار رئيسي من النظام هو 22H2 (أي إصدار النصف الثاني لعام 2022). لكن وفيما لم يعد النظام يتلقى الميزات الجديدة في تحديثاته، فقد استمر دعمه الفني والتحديثات الأمنية الدورية له حتى الآن، ولو أن ذلك لن يستمر. مع نهاية العام المنصرم، أعلنت شركة Microsoft أن موعد نهاية دعم نظام Windows 10 هو يوم 14 أكتوبر 2025، وبعد ذلك الحين سيصبح Windows 11 هو النسخة الوحيدة المدعومة من نظام التشغيل الأوسع استخداماً في العالم.

عادة، لا تكون تحديثات النظام أحداثاً مهمة على المستوى العالمي حقاً، حيث عادة ما تجري التحديثات بشكل تدريجي عبر سنوات. لكن الاختلاف هذه المرة هو أن نظام Windows 10 لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة تجعله أكثر إصدارات Windows استخداماً اليوم (54%) حتى بعد سنوات من إصدار Windows 11 الذي رفع حصته مؤخراً إلى أكثر من 42% للمرة الأولى.

يكمن السر في تأخر تبني نظام Windows 11 لعدة أسباب لعل أهمها هو الشعبية الكبيرة التي حظي بها نظام Windows 10، مما جعل الكثير من المستخدمين يفضلون ما يعرفونه جيداً على ما هو جديد، بالإضافة إلى شروط التشغيل الجديدة. فمع إطلاق Windows 11 باتت العديد من المعالجات القديمة غير مدعومة، وكذلك هو الحال مع اللوحات الأم التي لا تدعم نظام UEFI أو التي لا تمتلك شريحة TPM 2.0 الأمنية. وفيما تذللت هذه العقبات اليوم مع كون مختلف العتاد الحديث يستوفي متطلبات Windows 11، فقد بات التحدي الأبرز للشركات هو إجراء التحول ضمن هامش زمني قصير، مما يستدعي منهم الالتزام بخطوات أساسية لجعل عملية الانتقال أكثر فعالية وخالية من العثرات.

المراجعة الدقيقة للمتطلبات الدنيا لنظام Windows 11

بالطبع، يفضل أن تكون الحواسيب المستخدمة أعلى وبفارق كافٍ من الحدود الدنيا (لتكون محصنة مستقبلياً)، لكن وفي الوقت الحالي يتوجب على أي حواسيب أن تحقق هذه الشروط لتتمكن من تثبيت Windows 11 عليها:

  • معالج يعمل بتردد 1 جيجا هرتز، مع نواتي معالجة على الأقل، ودعم معمارية 64-bit.
  • معالج مدعوم من جيل حديث (مثل معالجات AMD Zen+ ابتداءً من 2000 series).
  • ذاكرة وصول عشوائي بمساحة 4GB على الأقل.
  • مساحة تخزين متاحة تزيد عن 64GB للنظام الأساسي، ومساحة إضافية للتحديثات المرافقة.
  • معالج رسوميات يدعم DirectX 12 ويدعم تعريفاً متوافقاً مع WDDM 2.0.
  • لوحة أم تدعم نظام UEFI والإقلاع الآمن.
  • شريحة TPM 2.0 فعالة (شرح إضافي أدناه).
  • شاشة بدقة 720p وقياس 9 بوصة على الأقل.
  • اتصال إنترنت فعال للسماح بتثبيت التحديثات الإضافية وتفعيل النظام.

تبدو معظم الشروط السابقة متاحة لحواسيب الشركات اليوم بالطبع، وبالأخص فيما يخص المعالجات (مع كون معالجات Zen+ من AMD قد بدأت بالصدور منذ عام 2018 مثلاً). لكن العائق الأهم ربما أمام معظم الحواسيب الأقدم لدى الشركات اليوم هي شريحة TPM 2.0. حيث تلعب هذه الشريحة دوراً مهماً في تشفير وأمان الأنظمة الحديثة، لكن وبالنظر إلى أنها لم تكن إلزامية في الإصدارات السابقة من Windows، فقد كانت بعض الحواسيب تأتي دون تضمينها، فيما كانت نسبة أكبر تأتي مع شريحة تم تعطيلها برمجياً وتحتاج للتفعيل للتمكن من تثبيت نظام Windows 11.

بالإضافة للتحقق من تلبية الحواسيب للشروط السابقة، يمكن لمسؤولي تكنولوجيا المعلومات في الشركات استخدام أداة Microsoft المخصصة لاختبار التوافق، والتي تقوم بما سبق بشكل تلقائي وتقدم الحلول اللازمة.

اتخاذ القرار: الترقية أم الاستبدال بحواسيب جديدة؟

بالنسبة لمعظم الحواسيب غير المتوافقة في ترسانة الشركات اليوم، فهي إما حواسيب قديمة للغاية بحيث حان موعد استبدالها على أي حال، أو أنها تحتاج لترقيات بسيطة للاستمرار بالعمل دون مشاكل لسنوات مقبلة. ويعتمد اتخاذ القرار بين الترقية وإضافة مكونات متوافقة، أو استبدال الحواسيب تماماً على عاملين أساسيين: التكلفة، والفوائد التي يمكن تحقيقها.

بالنسبة للحواسيب التي لا تشهد استخداماً دورياً يتطلب المزيد من الإنتاجية وتحسين الأداء، عادة ما تكون الترقية، كإضافة معالج جديد (مثل معالجات AMD Ryzen AI الجديدة) هي الخيار الأفضل كونها أقل تكلفة بشكل واضح. لكن ولدى أخذ أمور مثل الحاجة لمعالجة أقوى وميزات جديدة مثل تلك الخاصة بالذكاء الاصطناعي، يصبح الخيار الأفضل هو تحديث أساطيل الحواسيب الموجودة إلى أخرى أحدث تمتلك معالجات عصبونية تتوافق مع معايير Microsoft Copilot+.

التعامل مع توافقية البرامج والتطبيقات

تمتلك الشركات اليوم قوائم طويلة من البرمجيات والتطبيقات التي تحتاجها بشكل مستمر في أعمالها. وبينما باتت العديد من إطارات العمل الأساسية تدار بشكل سحابي، فلا يمكن التخلي عن البرمجيات المحلية، حيث يعتمد الكثير من الموظفين في أعمالهم على برمجيات قد تكون قديمة أو قد انتهى دعمها. لذا وعلى الرغم من أن الترقية إلى إصدار نظام جديد عادة ما تكون الخيار الأفضل، فمن المهم دراسة البرمجيات وإطارات العمل البرمجية المستخدمة في الشركة واختبارها على النظام الجديد للتأكد من توافقيتها.

في الواقع، هناك العديد من الحالات المعروفة لمنظمات كبرى لا زالت تستخدم إصدارات أنظمة تعود لعقود مضت لتجنب مشاكل التوافقية وما يمكن أن ينتج عنها من تكاليف كبيرة، كما أن العديد من البرمجيات الضرورية لتشغيل بعض الأنظمة القديمة تعمل وفق معمارية 32-bit حصراً. وبينما لم يعد خيار الاستمرار باستخدام الأنظمة القديمة منطقياً في عصر الإنترنت حيث التهديدات السيبرانية في كل مكان، فمن المهم جعل عمليات الترقية والتحديث سلسة قدر الإمكان مع الحد الأدنى المتاح من حالات توقف العمليات أو إعاقتها.

بالطبع، ستعاني العديد من الشركات الراغبة بالترقية من مشاكل توافقية مع نظام Windows 11، أو حتى العتاد الجديد المستخدم، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالبرمجيات التي تعمل وفق معمارية 32-bit التي توقف دعمها رسمياً في نظام Windows 11، وهنا من المهم لفرق تكنولوجيا المعلومات أن تجد الحلول المناسبة لهذه العقبات. وتتضمن الخيارات التخلي عن البرمجيات القديمة التي لم يعد من الممكن تشغيلها واستبدالها ببدائل أحدث، وتفعيل وضع التوافقية عندما يكون الأمر متاحاً، وفي الحالات الأشد صعوبة، يمكن الاعتماد على تقنيات المحاكاة لتشغيل إصدارات أنظمة قديمة بشكل معزول ضمن بيئات افتراضية.

التحوط حيال المستقبل

يوافق مختلف الخبراء على أن ترقية الحواسيب والأجهزة التقنية الخاصة بالأعمال يجب أن يتم بشكل دوري، ومن المعتاد أن يكون ذلك كل 3 إلى 4 أعوام، ويوصي الخبراء بألا يتجاوز طول دورة التحديث 5 أعوام لتجنب أوقات التوقف والمشاكل المتعددة الناتجة عن الأمر. لكن وبينما تبدو مدة مثل 4 أو حتى 5 أعوام قصيرة بالنسبة لحالة النضج التقني لمختلف الأجهزة الإلكترونية، فهي طويلة كفاية لتتضمن العديد من المفاجئات التي يمكن أن تحول مجالات الأعمال بشكل كامل وتتطلب أموراً جديدة غير متوقعة.

بالنظر إلى التجارب السابقة، يمكن ملاحظة كيف غيرت حالة طارئة عالمية مثل وباء كوفيد-19 وتقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي الحاجات التقنية للشركات. ففي السنوات الخمس الأخيرة تحول المشهد التقني تماماً، ومن المهم للشركات اليوم أن تأخذ بعين الاعتبار التحولات التالية مستقبلاً، وأن تضمن كون تحولها إلى نظام Windows 11 يتم عبر أجهزة عالية الأداء ومزودة بعتاد قوي يصمد أمام التحولات مثل معالجات AMD Ryzen AI الجديدة.

تكمن واحدة من أهم طرق التحوط حيال المستقبل في تبني التقنيات الجديدة التي تثبت جدارتها. فعلى سبيل المثال، أظهرت مقاربة AMD الأخيرة التي تركز على «الشرائح المصغرة» ضمن شريحة موحدة للمعالجة تفوقاً واضحاً في الأداء. حيث تتكون شرائح AMD Ryzen AI الجديدة من معالج عصبوني، ووحدة معالجة مركزية، بالإضافة إلى شريحة معالجة رسوميات من فئة AMD Radeon، وجميعها مضمنة معاً في شريحة كبرى واحدة تضمن أداءً مميزاً وقدرات ذكاء اصطناعي عالية لكل من الاستخدامات الحالية والمستقبلية على حد سواء.

الحفاظ على الأمان والاستقرار التشغيلي كأولويات

فيما يعد الانتقال من نسخة نظام سابقة إلى أخرى جديدة تحديثاً مهماً وواسع التأثير دون شك، فمن المهم أن تقوم الشركات بهذه الخطوة بشكل يتوافق مع أولوياتها التي من المهم أن تركز على استقرار العمليات من جهة، والأمان من الجهة الأخرى. حيث على الشركات أن تجري التحديثات على العتاد والبرمجيات بشكل مخطط جيداًَ وتدريجي لضمان عدم حدوث أي انقطاعات تشغيلية أو فقد للبيانات من أي نوع. وبالنظر إلى حساسية هذا النوع من التحولات، من المهم أن تكون فرق الأمن السيبراني في حالة تأهب مستمرة حيال التهديدات الجديدة أو تلك التي تركز على الفترة الانتقالية والتي تستغل عدم الاستقرار الذي تعاني منه العديد من الشركات عندما تمر بهذا النوع من التحولات.

ختاماً، وبينما يبدو الانتقال بين نسختي نظام تشغيل أمراً بسيطاً للمستخدمين الأفراد، فالقصة مختلفة للشركات والمؤسسات، وبالأخص مع كون النظام الذي سيتم استبداله يقترب من عيد ميلاده العاشر اليوم. لذا على فرق تكنولوجيا المعلومات أن تتخذ مختلف الإجراءات اللازمة لضمان تحول سلس ومستقر خلال فترة التحديث، كما من المهم أن تجد حلولاً ناجعة للتحديات المتصاعدة مثل البرمجيات والميزات التي لن تكون مدعومة على النظام الجديد.

شارك المحتوى |
close icon