البورصة الأمريكية تمر بأسوأ ربع أول في تاريخها
حتى بداية عام 2010، كان الاقتصاد الأمريكي يمر بأطول فترة نمو متواصلة في تاريخه. حيث أن فترة النمو كانت ممتدة طوال 126 شهراً، حيث بدأت مع التعافي من أزمة الرهونات العقارية في عام 2009، واستمرت حتى مطلع عام 2020 الحالي. لكن وبينما كان العديد من الخبراء يؤكدون أن نمواً طويلاً كهذا لا يعني فترة كساد كبرى بالضرورة، فقد أتى الكساد بسرعة لأسباب غير مالية في الواقع، بل أن الأمر كله مرتبط بالانتشار السريع والمستمر لفيروس كوفيد-19 الذي شل الصناعات العالمية وجعل اقتصادات العديد من الدول تمر بفترات صعبة للغاية.
خلال الربع المالي الذي انتهي البارحة، خسر مؤشر داو جونز (Dow Jones Index) الصناعي حوالي 23% من قيمته، فيما عانى مؤشر S&P 500 من انخفاض بحوالي 20%. حيث أن هذا الانخفاض الحاد جداً هو الأسوأ في تاريخ مؤشر داو جونز منذ الإثنين الأسود والكساد الاقتصادي عام 1987، بينما انخفاض مؤشر S&P 500 هو الأسوأ منذ الأزمة الاقتصادية عام 2008 عندما انفجرت فقاعة الرهونات العقارية.
خلال شهر يناير كانت كل من المؤشرين الاقتصاديين يسيران مع مستويات نمو جيدة كما كان الأمر طوال السنوات الأخيرة، لكن مع نهاية شهر فبراير وخروج وباء كورونا عن السيطرة انحدر كل من المؤشرين بسرعة كبيرة ليصلا إلى أدنى مستوياتهما في يوم 23 مارس الأخير، قبل أن يعود كل من المؤشرين للارتفاع مجدداً لكن بشكل طفيف وغير كافٍ لتعويض الانخفاض الكبير جداً في البورصة عموماً.
على الرغم من أن هذا الانخفاض الكبير هو واحد من الأسوأ في تاريخ الاقتصاد الأمريكي والعالمي، فالكثير من المضاربين لا زالوا متفائلين بكون الأمور ستعود للنمو مجدداً مع الاقتراب من نهاية العام. ومع أن الأمور ستتجه للأسوأ في الربع الثاني على الأرجح، فكل شيء مرتبط بالوباء العالمي الحالي، وفي حال السيطرة عليه أو إيجاد دواء أو لقاح فعال يتوقع أن تعود البورصة للنمو بشكل سريع جداً للتعويض عن الخسائر الكبرى الناتجة عن فترة التوقف الحالية.
يجدر بالذكر أن الانخفاض الحالي في البورصة لا يعني أنها أسوأ حالاً من الأزمات الاقتصادية السابقة، فحتى مع الانخفاض الحاد في مؤشري داو جونز و S&P 500 لا تزال قيم كل من المؤشرين أفضل من قيم عام 2016 مثلاُ. لذا ومع أن القلق من الانخفاض الحالي مبرر بالطبع، يجب عدم التسرع باعتبار ما يحدث هو انهياراً اقتصادياً حقاً.