من يقود الانتقال العالمي نحو السيارات الكهربائية؟ أرقام وإحصائيات
مع أن السيارات الكهربائية أقدم من حيث المبدأ من سيارات الوقود الأحفوري التي نعرفها ونستخدمها اليوم مع ظهور أول السيارات الكهربائية منذ عام 1890، فقد مرت عقود متتالية دون أي تطورات حقيقية في مجال السيارات الكهربائية التي بقيت لوقت طويل أقرب لفكرة نظرية من كونها حقيقة قابلة للتطبيق. لكن الأمور تغيرت بسرعة وبالأخص مع مطلع الألفية مع ظهور بطاريات الليثيوم-أيون ذات السعة العالية مقارنة بالوزن بالإضافة إلى الانخفاض المستمر لأسعار هذه البطاريات.
اليوم لم تعد السيارات الكهربائية أمراً خاصاً بفئات معينة أو حكراً على متابعي المجال فقط، بل أنها خيار حقيقي متاح للجميع سواء من حيث السعر أو المواصفات المتاحة وبالأخص مع ظهور سيارات ذات مدى طويل من الممكن أن تتم قيادتها لمئات الكيلومترات قبل الحاجة لإعادة شحنها.
في عام 2019 الماضي بيعت أكثر من 2 مليون سيارة كهربائية حول العالم مع نسبة نمو هائلة في العديد من الأسواق، وفي حال احتسبت السيارات الهجينة أيضاً ترتفع الأرقام بشكل كبير إلى 7.2 مليون سيارة. وبينما تأثرت صناعة السيارات ككل بشكل كبير من انتشار وباء كوفيد-19 منذ مطلع العام، تبدو صناعة السيارات الكهربائية بحال أفضل بوضوح من السيارات التقليدية، إذ عانت من تقلص مبيعات أصغر، وفي بعض الأسواق تمكنت من مواصلة النمو حتى في ظل وباء كهذا والإجراءات الحازمة التي رافقته.
في هذا الموضوع سنتناول بعض الإحصائيات والأرقام التي تساعد على تشكيل فكرة أفضل عن حالة سوق السيارات الكهربائية اليوم والمدى المتوقع للنمو.
أكبر البلدان من حيث مبيعات السيارات الهجينة والكهربائية
مع أن مبيعات السيارات الكهربائية بدأت بالنمو في كل من الولايات المتحدة وأوروبا أولاً، فقد تغيرت الأمور بشكل سريع في السنوات الأخيرة، حيث دخلت العديد من الشركات الصينية في مجال صنع السيارات الكهربائية وبسرعة نما السوق الصيني بشكل كبير ليصبح أكبر من كل من سوقي الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعين معاً.
في عام 2019 الماضي تصدرت الصين مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة عالمياً مع بيع 3.35 مليون سيارة كهربائية في البلاد، فيما كانت المبيعات الأوروبية عند 1.75 مليون سيارة وفي الولايات المتحدة بيعت 1.45 مليون سيارة كهربائية فيما لم تبع سوى 0.62 مليون سيارة كهربائية في بقية أنحاء العالم بأكمله.
في حال نظرنا إلى مبيعات السيارات الكهربائية كنسبة لعدد السكان، تنتقل الولايات المتحدة بسرعة إلى المقدمة مع مبيع سيارة كهربائية لكل 226 شخص، فيما أن القيم في القارة الأوروبية هي سيارة كهربائية لكل 423 شخصاً، أما في الصين تبدو القيم قريبة من السوق الأوروبية مع سيارة كهربائية لكل 416 شخصاً. بالطبع وبسبب العدد القليل من السيارات الكهربائية المباعة في باقي مناطق العالم فالنسب لا تذكر أصلاً.
بالاعتماد على هذه الأرقام هناك علاقة محتملة بين القوة الشرائية ومعدل شراء السيارات الكهربائية في الواقع، حيث أن الولايات المتحدة هي واحدة من أثرى بلدان العالم مع أفضل مستويات المعيشة لبلد كبير، وكذلك أوروبا التي تمتلك في شطرها الغربي على الأقل اقتصادات قوية وقدرة شرائية عالية للمواطنين.
بالطبع تظهر الصين كحالة خاصة ربما ضمن العلاقة بين معدلات الدخل واحتمال شراء السيارات الكهربائية، فمع أن معدلات الدخل الصينية مستمرة بالارتفاع، فهي لا تزال بعيدة عن مستويات الولايات المتحدة وأوروبا. لكن التفسير هنا موجود أصلاً: معظم السيارات الكهربائية المباعة في الصين هي من الفئات الأرخص ومصنعة في الصين مع دعم حكومي كبير لتخفيض أسعار السيارات الكهربائية.
عموماً يمكن ملاحظة كون السيارات الكهربائية وعلى الرغم من استمرار انتشارها لا تزال حصرية لبعض الأسواق دوناً عن سواها، وربما يعود الأمر لكون الكثير من المناطق وبالأخص بلدان العالم الثالث لا تزال تعاني من معدلات فقر عالية من جهة، بالإضافة إلى عدم التوافر الدائم للكهرباء مما يجعل السيارات الكهربائية خياراً سيئاً ربما وبالأخص في مناطق مثل أمريكا الجنوبية وأفريقيا حيث قد يحتاج الأمر لسنوات عديدة قبل أن تنجح السيارات الكهربائية باختراق تلك الأسواق.
أفضل السيارات الكهربائية مبيعاً
وفق البيانات المتاحة لمبيعات السيارات الكهربائية في عام 2019، كانت هذه السيارات الكهربائية هي الأفضل مبيعاً بين البقية، مع العلم أن هذه القائمة لا تشمل السيارات الهجينة التي تتضمن محركات احتراق داخلي بالإضافة لمحركاتها الكهربائية، بل أنها للسيارات الكهربائية فقط.
- سيارة Tesla Model 3
- سيارة Baic EU-Series
- سيارة Nissan Leaf
- سيارة BYD Yuan EV
- سيارة Baojun E-Series
- سيارة BMW 530e
- سيارة Mitsubishi Outlander PHEV
- سيارة Renault Zoe
- سيارة Hyundai Kona Electric
- سيارة BMW i3
المثير للاهتمام في القائمة حضور سيارة Tesla Model 3، والتي على الرغم من أنها تكلف أكثر من معظم السيارات الأخرى ضمن القائمة فهي المتصدرة وبفارق كبير، حيث بيعت سيارات Model 3 خلال عام 2019 أكثر من أقرب 3 منافسين معاً. ومع أن موديلات الشركة الأخرى مثل Model S وModel X كانت غائبة، فذلك متوقع مع كونها سيارات رياضية بالدرجة الأولى وليست مصممة للبيع على نطاق واسع كما سيارة Model 3.
اقرأ أيضاً: شركة Tesla باتت أكبر من Toyota وVolkswagen معاً من حيث رأس المال السوقي
بالإضافة إلى صدارة Tesla المستمرة لسوق السيارات الكهربائية، فمن الواضح أن الشركات الصينية تحقق نمواً كبيراً للغاية في السنوات الأخيرة، حيث أن 3 من أفضل 5 سيارات كهربائية مبيعاً في العالم هي سيارات صينية الصنع ورخيصة الثمن عموماً، وفي حال توسيع القائمة لتشمل عدداً أكبر من الموديلات لكانت العديد من موديلات السيارات الكهربائية الصينية الأخرى قد ظهرت ضمنها.
بالطبع يمكن ملاحظة عدة علامات تجارية معروفة في مجال السيارات التقليدية ضمن القائمة أيضاً، حيث أن شركات مثل Renault وNissan وMitsubishi وBMW هي بعض من أكبر شركات السيارات التقليدية في العالم اليوم، مما يشير بوضوح إلى أن المجال على أبواب توسع كبير قادم مع اتجاه الكثير من الشركات التقليدية للتركيز بشكل أكبر على السيارات الكهربائية مما سيجعلها أرخص مع الوقت وأكثر ملائمة للشراء للملايين حول العالم.
اقرأ أيضاً: لماذا تسلا (Tesla) أكبر بكثير من VW مع أنها تنتج سيارات أقل بكثير
ما هي احتمالات توسع سوق السيارات الكهربائية؟
من حيث المبدأ بات سوق السيارات التقليدية مستقراً إلى حد بعيد مع مبيعات متقاربة كل عام دون مجالات نمو حقيقية، كما أن الأسماء ضمنه تستمر بالثبات بشكل كبير مع بقاء كل من Toyota وVW في القمة من حيث مبيعات السيارات. لكن بالنسبة لسوق السيارات الكهربائية فالأمر مختلف تماماً، حيث لا يزال هناك الكثير من السوق المحتمل لهذه السيارات بمختلف فئاتها.
بالطبع فسوق السيارات الكهربائية ليس مستقلاً تماماً عن سوق السيارات التقليدية، حيث أن المجالين يستهدفان نفس الزبائن المحتملين تماماً، وأي نمو لسوق السيارات الكهربائية سيكون على حساب سوق السيارات التقليدية دون شك، وهذا السبب بالتحديد هو دافع العديد من شركات السيارات التقليدية لصنع سيارات كهربائية خاصة بها لتتمكن من المنافسة في السوق الذي يتغير بسرعة.
حالياً تشير جميع العوامل إلى كون السيارات الكهربائية هي المستقبل، فحتى مع أسعارها الأعلى فهي اقتصادية أكثر على المدى البعيد، كما أنها أقل تلويثاً للبيئة. ومع أن السعر المرتفع نسبياً لا يزال مشكلة حقيقية لمبيعات السيارات الكهربائية اليوم، فالأمور تسير باتجاه أسعار أدنى مع توقعات استمرار انخفاض تكلفة تصنيع بطاريات الليثيوم أو حتى تطوير تقنيات بطاريات جديدة ذات سعة أعلى أو سعر أدنى أو ربما الخياران معاً.
بالطبع هناك عامل هام لا يمكن تجاهله: الكثير من الزبائن المحتملين قد يريدون الاستمرار بقيادة السيارات التقليدية لأنها السيارات التي اعتادو قيادتها، وبالطبع فالتغيير صعب وغير مفضل لدى الكثيرين. لكن المعلومات الحالية تشير إلى اتجاه متزايد لاقتناء السيارات الكهربائية لدى الشباب، ومع أن الهيمنة على السوق قد تأخذ وقتاً طويلاً للغاية، فنمو سوق السيارات الكهربائية يبدو كأمر مضمون على المدى القريب على الأقل.