الإعلانات الرقمية تمطر مليارات الدولارات على كبرى الشركات التقنية
مع نهاية شهر يوليو الماضي، كانت مختلف الشركات التقنية قد أصدرت تقاريرها المالية عن الربع الثاني من العام. وكما كان متوقعاً فقد حققت جميع الشركات التقنية الكبرى ارتفاعاً ملحوظاً بالعائدات والأرباح. لكن ما لم يكن متوقعاً هو حجم هذا النمو الموجود، حيث تحطمت العديد من الأرقام القياسية من حيث كميات الربح ومعدلات النمو. وفي العديد من الحالات يبدو أن الإعلانات تقف إلى حد بعيد وراء الأمر.
بالطبع وبالنسبة لبعض الشركات التقنية مثل Apple وAmazon فالإعلانات ليست مصدر دخل كبير كحصة من كامل الدخل. لكن تختلف الأمور بشدة لبعض الشركات الأخرى مثل فيس بوك التي تعتمد بشكل كامل على الإعلانات. وكذلك الأمر تويتر ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة. وحتى العملاقة التقنية مايكروسوفت تجني حصة كبيرة من مال الإعلانات بشكل دوري.
الأرقام لا تكذب: أرباح الإعلانات وعائداتها في حالة صعود صاروخي
من البيانات الأخيرة كان من الواضح أن هناك طلباً هائلاً على الإعلانات الإلكترونية في مختلف الأسواق. وبالنتيجة تمكنت الشركات التقنية التي تعتمد على الإعلانات لجني المال من تحقيق ربح أكبر من المعتاد. فعلى سبيل المثال تضاعفت أرباح شركة فيس بوك المعروفة باعتمادها على الإعلانات من 5.2 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2020 إلى 10.4 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2021 الجاري، أي بنسبة نمو 100%.
وتبدو الأمور مشابهة للعديد من الشركات الأخرى، حيث وصلت عائدات يوتيوب إلى أكثر من 7 مليارات دولار للمرة الأولى في تاريخه. وبشكل عام نمت عائدات شركة جوجل من الإعلانات بنسبة 68% بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وحتى منصة لينكد إن المخصصة للأعمال قد تمتعت بنمو هائل وصل حتى 97% ضمن مجال الإعلانات.
بالطبع من المهم تقدير أن أرقام النمو الكبيرة هنا متعلقة بشركات عملاقة في المجال وليس شركات أصغر. حيث أن كلاً من جوجل وفيس بوك هما أكبر شركتين في عالم الإعلانات الرقمية. وبينما تبدو أرقام النمو الحالية مثيرة للإعجاب حتى لشركات أصغر بمقاس تويتر مثلاً، فهي مذهلة تماماً لشركات تحصل على عشرات مليارات الدولارات من عائدات الإعلانات في كل ربع مالي.
لماذا نمت عائدات الإعلانات بشكل هائل في الربع الأخير؟
هناك العديد من الأسباب المختلفة التي يمكن أن تقود لحالات نمو هائل وسريع كما شهدنا في الربع الماضي. لكن هذه المرة تتركز الأسباب بوضع خاص هو وباء كوفيد-19 الذي عصف بالعالم وسيطر عليه منذ العام الماضي. لذا وبشكل عام يمكن تلخيص أسباب اشتداد الطلب على الإعلانات للأسباب التالية:
- عودة الأسواق للتعافي بشكل كبير مع عودة التصنيع والعمل في مختلف الأماكن حول العالم وزيادة إقبال المستهلكين على الشراء.
- المقارنة مع بيانات الربع الثاني لعام 2020 لا توضح الصورة الكاملة. حيث كان الربع كارثياً على الشركات التقنية وشهد انعدام النمو أو حتى تقلص الصرف العالمي على الإعلانات بما فيها الرقمية.
- هناك تحول مستمر منذ سنوات للإعلانات بحيث ينتقل الصرف من الإعلانات التقليدية إلى تلك الرقمية. وتسبب التحول الرقمي عبر العام الماضي بتسريع ظاهرة “رقمنة الإعلانات” إلى حد بعيد دون شك.
المستقبل قد لا يكون مشرقاً بنفس الدرجة
ترسم البيانات الأخيرة عالماً مشرقاً للغاية لمجال الإعلانات الرقمية، لكن هذا لا يلغي وجود العديد من الغيوم التي تعكر الإشراقة. حيث أن هناك عدة تهديدات كبرى أمام مجال الإعلانات الرقمية، وعلى رأسها قضيتان أساسيتان:
حظر ملفات تعريف الارتباط من الطرف الثالث
حالياً قامت جميع المتصفحات الكبرة باستثناء جوجل كروم بحظر ملفات تعريف الارتباط من الطرف الثالث. وحتى جوجل كروم يخطط لحظرها قريباً لكنه يحاول إيجاد بديل لها وهو FLoC لكن دون نجاح حقيقي حالياً. وفي حال لم تكن تعرف تفاصيل الأمر، فما يهم هنا هو أن حظر هذه الملفات سيضر سوق الإعلانات بشدة. حيث أن هذه الملفات تستخدم لتعقب نشاط المستخدمين عبر الإنترنت وبالتالي لتخصيص الإعلانات للمستخدمين.
مواضيع قد تهمك:
قواعد الخصوصية الجديدة من ابل
أضافت شركة ابل قواعد خصوصية جديدة للتطبيقات بداية من نظام iOS 14.5 لهواتف أيفون. وللمرة الأولى لم يعد من الممكن تعقب نشاط المستخدمين عبر عدة تطبيقات إلا بموافقة منه. وكما أظهرت البيانات الأولية، فأكثر من 90% من المستخدمين يرفضون هذا التتبع عندما يكون الخيار لهم. وبالنتيجة من المتوقع أن يتأثر مجال الإعلانات الرقمية بشدة مع الفترة القادمة نتيجة ضعف القدرة على تخصيص الإعلانات.
وليزداد الطين بلة، فمن المشاع أن هناك سياسات خصوصية مشابهة قد تصل لنظام أندرويد. وفي حال حدوث ذلك ستصبح الأمور أسوأ حتى لمنصات الإعلانات وسينخفض الطلب على الإعلانات كنتيجة مباشرة لانخفاض جدواها.