اقتراب شركة ناشئة من إنتاج أول حاسوب كمّي قابل للاستخدام التجاري
مرّت سنوات عديدة وشركات التكنولوجيا تحاول إيجاد حل لاستخدام الحوسبة الكمّية بشكل تجاري، ولدى شركات مثل جوجل وآي بي إم ابتكارات عديدة في هذا المجال، لكنّها للأسف لا تعدو كونها تجارب معملية لم تغادر باب المُختبر.
وربما تكون سمعت مصطلح الحوسبة الكمّية (أو الكمومية) من قبل، أو قد تكون هذه هي المرة الأولى بالنسبة لك، لكن باختصار دعني أخبرك أنّ هذه التقنية يمكنها إجراء المعادلات المحاسبية فائقة التعقيد في دقائق معدودة، وعلى سبيل المثال استعرضت جوجل في وقت سابق قدرة الحوسبة الكمّية التي توصلت إليها والتي تمكّنت من حلّ مشكلة محاسبية تأخذ قرابة 10,000 سنة من وقت الحوسبة على الكمبيوتر التقليدي، في خلال ثلاث دقائق فقط!
هل تُدرك الآن ما يُمكن فعله باستخدام هذه الحواسيب؟ إنّها العصا السحرية التي يبحث عنها المهندسون والعلماء لتُمكّنهم من فتح أسرار عالمنا المادي وتعزيز الحضارة، لو استطعنا فقط بناء كمبيوتر كمّي يُمكن استخدامه تجاريًا.
PsiQuantum تقترب من إنتاج حاسوب كمّي تجاري
تزعم الشركة الناشئة PsiQuantum أنّها في طريق إنشاء حاسوب كمّي تجاري، واستطاعت جمع ما يصل إلى 215 مليون دولار من التمويل لبناء كمبيوتر يحتوي على مليون كيوبت (كوانتم بت) في غضون بضع سنوات، وفقًا لتقرير من بلومبيرج.
قد يبدو مصطلح كيوبت غريبًا على الكثير من الناس، ويمكنك اعتباره وحدة قياس للحواسيب الكميّة، وبالنسبة للحاسوب الذي تعمل عليه PsiQuantum بقوة مليون كيوبت، فإنّه سيمثل ضربة مدمرة للمشروعات المنافسة من شركات جوجل وآي بي إم وغيرهما.
وحتى تكون الصورة أوضح بالنسبة لك، سنعقد مقارنة بين الحاسوب المُنتظر وحاسوب جوجل الكمّي الذي تحدثنا عنه في بداية هذا التقرير، فهذا الأخير تبلغ سعته 54 كيوبت فقط واستطاع من خلالها تحقيق هذا الأداء الخارق، فما بالك بالوصول إلى مليون كيوبت!!
يجدر بالذكر أنّ الشركة الناشئة بدأت بالعمل على حاسوبها الكمّي منذ عام 2015، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتناقش فيها أحد مسؤوليها مع وسائل الإعلام حول التقنيات التي تطورها، وتكشف التقارير أنّها نجحت في توظيف أكثر من مائة شخص للعمل على تطوير ما يُعرف باسم “كمبيوتر الكم الفوتوني السليكوني” أو ما يمكن أن نطلق عليه “كمبيوتر يعمل بالضوء”.
وهذا بالضبط ما يميز شركة PsiQuantum عن باقي الشركات في سوق الحواسيب الكمّية، فهي تُنشيء الكيوبت باستخدام الفوتونات (جزيء ضوئي واحد)، وعملت على تطوير هندستها المعيارية بحيث يمكن إنتاجها من شركات تصنيع الرقاقات دون الحاجة إلى مُعدات تصنيع خاصة، ونجحت بالفعل في إنتاج إصدارات مبكرة من رقاقاتها بواسطة مرافق التصنيع القياسية في شركة GlobalFoundries.
وبالمقارنة مع المحاولات الأخرى لإنتاج حواسيب كمّية، ستجد أنّها تحتاج إلى الكثير من المواد الغريبة وأدوات التصنيع المُخصصة كي تتمكن من صناعتها.
على أي حال، يبقى كل ما تُشير إليه الشركة من قدرات مجرد مزاعم لم تثبت جديتها بعد، ولكنّي أعتقد أن شركة PsiQuantum إن نجحت في إنتاج كمبيوتر كمّي وتسويقه تجاريًا، ستحقق سبقًا تقنيًا ثوريًا لم يسبقها إليه أحد، وستفتح الباب أمام العلماء والباحثين لتطوير مُختلف جوانب الحياة الإنسانية.