إقلاع ناجح لأول طائرة مأهولة تعمل بوقود الهيدروجين السائل
⬤ نجحت شركة H2FLY الناشئة بإنجاز رحلة طيران دامت 3 ساعات لطائرة تستخدم وقود الهيدروجين السائل بدلاً من الوقود الأحفوري.
⬤ طارت أول طائرة تستخدم الهيدروجين السائل قبل 35 عاماً، لكنها استخدمته لمحرك واحد فقط من أصل 3 تسيرها.
⬤ على عكس الوقود الأحفوري لا يترك الهيدروجين مخلفات احتراق سوى الماء فقط، لكنه أقل كفائة كوقود من الجازولين والديزل.
عكفت شركة H2FLY الألمانية الناشئة المختصة بمجال وقود الدفع الهيدروجيني طوال الفترة الماضية على تحقق إنجاز كبير فيما يتعلق بالطيران دون أي انبعاثات ضارة بالبيئة. وقد تكللت جهودها بالنجاح أخيراً عقب الإقلاع الناجح لأول رحلة جوية مأهولة على متن طائرة تعمل بوقود الهيدروجين السائل.
بالطبع قد يتسائل البعض عن دقة المعلومة بالنظر إلى وجود طائرة توبليف تو-155 (Tupolev Tu-155) السوفييتية التي استخدمت الهيدروجين السائل وقوداً للطائرة قبل 35 عاماً، ولكنه اقتصر فقط على محرك واحد من المحركات الثلاثة. أما اليوم، فتستخدم طائرة HY4 التابعة للشركة الألمانية وقود الهيدروجين السائل وحده، وتعتمد فقط على محركات تعمل بخلايا وقود الهيدروجين طوال الرحلة.
وقد شهد الأسبوع الفائت سلسلة من الرحلات التجريبية ضمن مشروع HEAVEN، وهو شراكة يمولها الاتحاد الأوروبي وتهدف إلى تأكيد جدوى استعمال الهيدروجين السائل المبرد في الطائرات، واستمرت الرحلات التجريبية الأولى مدة 10 دقائق تقريباً، لكن سبقتها قبل عدة أيام رحلة لطيارة HY4، التي حلقت في الهواء لمدة ثلاث ساعات ودقيقة واحدة، وهو أمر استلزم استعمال 10 كجم من وقود الهيدروجين. ولو استنفدت الطيارة سعة تخزينها الكلية البالغة 24 كجم، عندئذ لظلت تطير في الأجواء لمدة ثماني ساعات كاملة.
وكان يوهانس جاربينو أنطون، أحد الطيارين في الرحلة، قد علق قائلاً: “إنه شعور مذهل حقاً، خاصة حينما ترى الجهود الجماعية تصبح حقيقة على أرض الواقع. فالطائرة تطير على نحو مثالي، والفارق الأكبر الذي يميزها عن الطائرة العادية هو قلة الاهتزازات والضوضاء، فضلاً عن انخفاض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون”.
ويتكون محرك الدفع الذي طورته شركة H2FLY من مخزن للهيدروجين السائل، ومحول طاقة يعمل بخلايا الوقود باستطاعة 120 كيلوواط، ومحرك كهربائي. وقد انهمكت الشركة طوال هذا الصيف في حملة اختبار مكونة من ثماني رحلات طيران، وهو ما حقق طفرة كبيرة في تشغيل الطائرة بالهيدروجين السائل عوضاً عن الهيدروجين الغازي.
ومن المعلوم أنّ الهيدروجين السائل يتميز بأنه أكثر كثافة في الطاقة من الهيدروجين الغازي، وهذا الأمر مفيد كثيراً لأنه يتطلب استعمال خزان أصغر حجماً ووزناً، فلا تُضطر الطائرات إلى إزالة بعض مقاعد الركاب، أو تقليل المساحة المخصصة للشحن والحمولة.
وتظل الفائدة الكبرى لوقود الهيدروجين السائل هي زيادة مسافة الطيران للطائرة؛ فعلى سبيل المثال تطير طائرة الاختبار HY4 بوقود الهيدروجين الغازي لمسافة تقدر بنحو 750 كم، في حين تطير لمسافة 1500 كم باستخدام الهيدروجين السائل. لكن وبالمقابل، يتطلب الهيدروجين السائل درجات حرارة شديدة البرود، فيزداد بذلك تعقيد عملية التزود بالوقود.
وعلى الرغم من نجاح إقلاع الطائرة المصنوعة من الألياف الزجاجية وألياف الكربون، فإنّ الشركة لن تباشر الإنتاج التجاري لها حالياً، وإنما ستكون الخطوة التالية هي توسيع نطاق نظام خلايا الوقود لتبلغ استطاعتها ميجاواط. كذلك لن تقتصر فائدة نظام H2F-175 لدى الشركة على التحليق لمسافات أطول، وإنما سيفيد كذلك في التحليق لارتفاعات أعلى تبلغ 27 ألف قدم. وكانت الشركة الألمانية قد عقدت اتفاقية شراكة مع شركة Deutsche Aircraft، إذ يعتزمان معاً تحديث طائرة Dornier 328 ذات المقاعد الثلاثين، ثم إجراء رحلات تجريبية بحلول عام 2025.
وفي هذا الصدد يرى الدكتور جوزيف كالو، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة H2FLY، أن يستطيع النظام المتطور تشغيل طائرة بسعة 40 مقعداً لمسافة 2000 كم تقريباً بحلول نهاية هذا العقد. ويضيف كالو أنّ الاختبارات التي أجرتها الشركة حتى الآن تشير إلى احتمال زيادة قوة محركات الطائرة إلى 4 ميجاواط + 4 ميجاواط، وهذا يعني تشغيل طائرات تتسع لنحو 80 إلى 100 مقعد.
ومن الجدير ذكره أنّ شركة H2FLY قد تأسست عام 2015 ضمن شراكة بين خمسة مهندسين من مركز الطيران الألماني في شتوتغارت وجامعة أولم. وتعكف الشركة على تطوير نظام الدفع ككل، لكنها تطور كذلك المكونات الفردية عند الضرورة.