أهمية دعم الشباب ليصبحوا جزءاً لا غنى عنه ضمن سوق العمل القائم على الذكاء الاصطناعي
مقال ضيف بقلم ميشيل فاز، المدير العام للتدريب والشهادات في أمازون ويب سيرفيسز
نشهد اليوم تزايداً واضحاً في دمج الشركات للذكاء الاصطناعي ضمن عملياتها، مما يدفعنا لطرح سؤال بالغ الأهمية: هل نحن كمجتمع يشمل أصحاب العمل، والمعلمين، وصناع السياسات، ومزودي التقنيات نقدّم ما يكفي من الدعم للشباب ليدخلوا سوق عمل ستصبح فيه مهارات الذكاء الاصطناعي الأساسية معياراً ثابتاً في وقت قريب جداً، بينما قد تتم أتمتة العديد من المهام التقليدية في مختلف الوظائف؟ يتعين علينا من أجل تحقيق هذا الهدف، أن نعالج ضمن جهودنا الجماعية ثلاث تحديات أساسية.
فجوة الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي
لا يزال الوعي بأهمية تطوير مهارات العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي منخفضاً جداً على الرغم من تزايد تأثير الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات. فقد وجد الباحثون في دراسة تسويقية حديثة أنه كلما زادت معرفة الناس بالذكاء الاصطناعي، قلّ احتمال تقبلهم له. إضافةً إلى ذلك، قد يسود اعتقاد خاطئ بأن الإلمام بالذكاء الاصطناعي يقتصر على العاملين في المجالات التقنية فقط. وهذا الاعتقاد خطير.
أتاحت أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي الوصول إلى قدرات الذكاء الاصطناعي الفعّالة للجميع، مما جعل هذه التقنيات ملائمة لجميع القطاعات والأدوار تقريباً. وسيحتاج المساعد الإداري الذي يصوغ نصوص الاتصالات، ومنسق التسويق الذي يحلّل بيانات الحملات، وأخصائي الموارد البشرية الذي يقرأ السير الذاتية، جميعهم إلى العمل مع أدوات الذكاء الاصطناعي التي تُعزز قدراتهم. ولا يدرك معظم العاملين مدى سرعة تحوّل معرفة الذكاء الاصطناعي من أمر اختياري إلى أمر أساسي، مما يترك العديد من الخريجين غير مستعدين حتى للوظائف المبتدئة التي تتطلب هذه المهارات بشكل متزايد. ولهذا السبب، أصبحنا نحتاج إلى مواصلة التوعية بأهمية التعلم المستمر، وليس هناك وقت لنضيعه وخصوصاً مع التقدم الهائل في الذكاء الاصطناعي.
تعزيز التعاون بين مؤسسات التعليم ومختلف القطاعات
بدأت بعض مؤسسات التعليم العالي في دمج الذكاء الاصطناعي في مناهجها الدراسية، وتلعب شركات الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في تسريع هذه العملية. ونتيجةً للتطور التقني المتسارع، يتناقص «عمر المهارات الافتراضي» أي المدة الزمنية التي تستغرقها المهارة لتفقد نصف أهميتها بشكل كبير. وأظهرت الأبحاث أنه انخفض من 10-15 عاماً إلى خمس سنوات فقط، بل وأقل من ذلك بالنسبة للمهارات التقنية. ويتعين على المهنيين في ظل هذه الظروف تبني عادة التعلم المستمر من خلال دروس قصيرة ومبسطة لضمان بقاء مهاراتهم مواكبة للتطورات والتقدم التقني السريع. ولم تصمم أنظمتنا التعليمية لمواكبة هذا التغير المتسارع. وتبرز هذه الفجوة بشكل خاص في المؤسسات التي تخدم المجتمعات المحرومة أو الأقل حظاً. ووفقاً للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، فإن الكليّات التي تضم طلاباً من ذوي الدخل المرتفع أكثر قابليةً لتقديم دورات دراسية تتضمن التعليم عن أحدث التقنيات والابتكارات مقارنةً بتلك التي تضم طلاباً من ذوي الدخل المنخفض.
لذا من المهم أن يتم تعزيز الشراكات والتعاون بين القطاعين العام والخاص لإدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي العملية مباشرةً إلى الفصول الدراسية. وتُعد أكاديمية أمازون ويب سيرفيسز برنامجاً متميزاً يوفر مناهج مجانية في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية لأكثر من 6600 مؤسسة تعليمية حول العالم. ووسّعنا مؤخراً نطاق خدماتنا بمنح طلاب الأكاديمية إمكانية الوصول المجاني إلى دورات تدريبية وموارد متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى قسائم شهادات أمازون ويب سيرفيسز. وتُعد الشهادات المعتمدة من قِبل القطاع وسيلة فعّالة لإثبات قدرة المرشحين لدى أصحاب العمل على امتلاك المهارات والمعرفة العملية اللازمة للتفوق في وظائفهم.
فراغ تصنيف المهارات
من الواضح أن الأفراد بحاجة إلى تطوير مهاراتهم مع تطور التكنولوجيا، لكن ما يزال غامضاً هو تحديد المهارات الجديدة المطلوبة لكل مهنة في عصر الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، ما هي مهارات الذكاء الاصطناعي المحددة التي يجب أن يمتلكها خريج التسويق مقارنةً بخريج التمويل؟ كيف ينبغي لطالب العلوم الإنسانية التعامل مع الذكاء الاصطناعي ليحافظ على التنافسية؟ لا تزال هذه الأسئلة دون إجابة شافية، مما يخلق حالة من عدم اليقين تُعيق الخريجين والمعلمين على حد سواء. لذلك نحن بحاجة إلى تحالفات متخصصة في كل قطاع لتطوير تصنيفات واضحة لمهارات الذكاء الاصطناعي المطلوبة للوظائف.
كشفت أبحاثنا الأخيرة التي أجريناها بالتعاون مع شركة Draup، المتخصصة في تحليل البيانات، عن الوظائف التقنية المطلوبة والمهارات اللازمة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويُعد هذا الإطار بالغ الأهمية لتوفير التوجيه اللازم للطلاب وتمكينهم من الحصول على التدريب الذي يؤهلهم لسوق العمل. وهذه مجرد البداية، إذ سيتعين على القطاع الخاص وصناع القرار والمعلمين التعاون لتحديد تصنيفات مهارات الذكاء الاصطناعي لمختلف المهن للمساعدة في إعداد الأفراد وخاصةً حديثي التخرج، لسوق عمل يعتمد على الذكاء الاصطناعي.
المسؤولية جماعية
يأتي التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي بفرص ومخاطر غير مسبوقة في آن واحد. فباستخدامه بشكل صحيح، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقضي على أكثر جوانب العمل روتينيةً في الوظائف، مما يسمح للمهنيين الشباب بالمساهمة بشكل أكثر فعالية واستراتيجية منذ اليوم الأول. لكن هذا المستقبل يعتمد على العمل الجماعي.
كما يتعيّن على أصحاب العمل تجاوز مجرّد اعتماد الذكاء الاصطناعي والانتقال إلى تطوير استراتيجيات شاملة لتحويل قدرات القوى العاملة. ويجب على المؤسسات التعليمية تسريع تحديث المناهج الدراسية من خلال الشراكات مع القطاعات المختلفة. ويحتاج الطلاب إلى مسارات سهلة لتطوير إلمامهم بالذكاء الاصطناعي بغض النظر عن مجال دراستهم.
لا يمكن لأي جهة بمفردها حل هذا التحدي، فإن مستقبل العمل ونجاح جيل كامل من الموظفين يعتمدان على قدرتنا الجماعية على سد فجوة مهارات الذكاء الاصطناعي اليوم. والمخاطر جسيمة للغاية. إذا فشلنا، فإننا نجازف بتكوين قوة عاملة من طبقتين: فئة تمتلك مهارات الذكاء الاصطناعي وتزدهر وفئة أخرى تفتقر إليها وتكافح لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. ويمكننا من خلال العمل الآن بناء مستقبل يعزز فيه الذكاء الاصطناعي القدرات البشرية في جميع شرائح المجتمع، بدءاً من الشباب الذين يدخلون سوق العمل حديثاً.























