أخطر من بيغاسوس.. من هي شركة فيرست واب للتجسس التي تلاحق هاتفك في أي مكان دون إنترنت؟

شركة فيرست واب للتجسس

وليد

أصبحنا نعيش في عصر تتزايد فيه الهجمات الرقمية وتهديدات الخصوصية يوما بعد يوم. ولم تعد أدوات التجسس تقتصر على أفلام جيمس بوند أو البرمجيات الخبيثة التقليدية. حيث ظهرت على الساحة جهة أكثر غموضًا وأشد خطرا استطاعت العمل في الظل لسنوات دون أن يلاحظها أحد. “فيرست واب” (First Wap) وهي الشركة التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء في عالم المراقبة الرقمية. فبينما كانت برمجية بيغاسوس الخاصة بشركة NSO تمثل ذروة التجسس الإلكتروني، يبدو أن فيرست واب قد تخطت تلك الحدود، لتقدم منظومة قادرة على تتبع أي هاتف في العالم حتى دون اتصال بالإنترنت. وخلال السطور التالية، سوف نأخذكم في جولة ممتعة ومذهلة حيث نستعرض أخطر من بيغاسوس.. من هي شركة فيرست واب للتجسس التي تلاحق هاتفك في أي مكان دون إنترنت؟

التجسس الخفي

شركة فيرست واب للتجسس

وفقًا لتحقيق موسع أجرته مجلة “ماذر جونز” الأمريكية بالتعاون مع عدة جهات إعلامية على مدار عام ونصف، تمكنت شركة “فيرست واب” خلال سبع سنوات فقط من تنفيذ أكثر من مليون عملية تتبع وتجسس استهدفت شخصيات من مختلف المستويات، من علماء في جوجل إلى زوجة مؤسسها سيرغي برين، وصولًا إلى زوجة الرئيس المعزول بشار الأسد ورئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. بالإضافة إلى قائمة متنوعة من المشاهير والقيادات السياسية في كل مكان بالعالم. والسؤال هنا، كيف استطاعت شركة كهذه أن تبقى في الظل طوال هذا الوقت؟ وكيف أصبحت المتهم الأول لأهم وأشهر عمليات التجسس على الكوكب؟ الإجابة خلال الفقرات التالية حيث نلقي نظرة فاحصة وتحليلية على إمكانات تلك الشركة الخطيرة.

قدرات خارقة في التتبع والاختراق

شركة فيرست واب للتجسس

خلال مؤتمر ISS World Training وهو عبارة عن سلسلة من الأحداث التي تركز على التقنيات المتعلقة بجمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة الإلكترونية لدعم جهود إنفاذ القانون ومكافحة الجريمة في مجالات مثل الجرائم السيبرانية وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر. قابل الفريق الصحفي التابع لمجلة مازر جونز، كبار موظفي شركة فيرست واب ومن بينهم غونتر رودولف، مدير المبيعات بالشركة والذي تحدث بفخر عن منظومة ألتاميدس (Altamides). حيث وصفها بأنها قادرة على تتبع أي هاتف محمول في أي مكان بالعالم، بل وحتى اختراق تطبيق واتساب دون الحاجة لأي تدخل من قبل الضحية.

لكن المدهش لم يكن في القدرات التقنية وحدها، بل في آلية التحايل القانوني التي تتبعها الشركة. فبسبب القيود الأوروبية على تصدير تقنيات المراقبة، يتم إبرام الصفقات بين الشركة وعملائها عبر جاكرتا، حيث القوانين أكثر تساهلا، بينما يتم توقيع العقود باسم المدير الهندي للشركة لتفادي أي مساءلة قانونية.

من التسويق إلى التجسس

بدأت فيرست واب في الأصل كشركة تسويق رقمي تعتمد على شبكات الاتصالات لإرسال الرسائل الإعلانية إلى العملاء المستهدفين. لكن نقطة التحول جاءت حين طلبت إحدى الجهات الأمنية منها، تطوير نظام لتتبع الإرهابيين والمجرمين حول العالم. وخلال سنوات قليلة، استطاعت الشركة بناء نظام يمكنه التجسس ورصد أي شخص خارج عن القانون. لكن هذا النظام تحول إلى أداة تجسس قادرة على مراقبة أي شخص في أي مكان دون الحاجة إلى النت أو شبكة المحمول.

آلية عمل قاتلة

قد تتسائل كيف يتم التجسس بدون الحاجة للإنترنت أو مزود خدمة الاتصالات؟ والإجابة كالتالي، تعمل منظومة ألتاميدس على جمع بيانات الهواتف المحمولة عبر أبراج الاتصال القريبة، حتى لو كانت تلك الأبراج خارج حدود الدولة التي يوجد فيها المستخدم.

بعبارة أبسط، يمكن لعميل في أوروبا أن يتتبع موقع هاتف في الشرق الأوسط أو آسيا دون أن يمر عبر أي شبكة محلية ودون الحاجة للحصول على تصريح أو إذن من شركات الاتصالات. ويصف أحد الموظفين السابقين في الشركة هذا النظام قائلًا “ما تفعله فيرست واب سابق لعصره”.

ضحايا في كل مكان

الوثائق المسربة التي تغطي الفترة ما بين 2007 و2014 كشفت قائمة ضخمة من ضحايا نظام ألتاميدس. من بينهم الممثل الأمريكي جاريد ليتو الذي تم تتبع هاتفه أربع مرات في عام 2012، وآن فوجسيكي، مؤسسة شركة اختبارات الحمض النووي “23andMe” وزوجة سيرغي برين السابقة، والتي تم تتبعها أكثر من ألف مرة عام 2009.

أما في العالم العربي، فظهر في القائمة كل من أسماء الأسد (زوجة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد)، التي جرى تتبعها خمس مرات عام 2013. إضافة إلى الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر آنذاك، الذي تعرض هاتفه لـ18 محاولة تجسس في نفس العام.

كارثة تتجاوز الحدود

شركة فيرست واب للتجسس

يصف رون ديبرت، مدير مختبر سيتيزن لاب في جامعة تورنتو الكندية، بأن ما تفعله فيرست واب بأنه كارثة تتجاوز المقاييس. وأوضح أن الشركة منحت بعض أسوأ الطغاة والمستبدين في العالم القدرة على تقويض الديمقراطية من جذورها. وأضاف بأن ما يجعل الخطر مضاعفًا هو أن فيرست واب تعمل في الظل دون أي رقابة أو شفافية ولا تعرف خطوطًا حمراء في اختيار عملائها أو أهدافها.

وصلنا لختام مقالنا بعد أن تعرفنا على أخطر من بيغاسوس.. من هي شركة فيرست واب للتجسس التي تلاحق هاتفك في أي مكان دون إنترنت. ويمكن القول بأن قصة فيرست واب تكشف لنا أن عصر التجسس الصامت قد بدأ فعلا. عصر لا يحتاج إلى روابط أو رسائل خبيثة، بل إلى بيانات تتدفق من أبراج الاتصال نفسها التي نعتمد عليها بشكل يومي. وبينما ينشغل العالم بالحديث عن بيغاسوس وشركة NSO، يبدو أن هناك جهة أخرى تعمل بصمت في الخلفية، ترصد وتتعقب دون أثر وتبقى دائمًا خارج نطاق الشبهات.

الملخص - أخبار منتقاة من المنطقة كل أسبوع
تبقيك نشرة مينا تك البريدية الأسبوعية على اطلاع بأهم مستجدات التقنية والأعمال في المنطقة والعالم.
عبر تسجيلك، أنت تؤكد أن عمرك يزيد عن 18 عاماً وتوافق على تلقي النشرات البريدية والمحتوى الترويجي، كما توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية الخاصة بنا. يمكنك إلغاء اشتراكك في أي وقت.
اقرأ أيضاً
مينا تك – أكبر منصة إعلامية باللغة العربية متخصصة في التكنولوجيا والأعمال
مينا تك – أكبر منصة إعلامية باللغة العربية متخصصة في التكنولوجيا والأعمال
حقوق النشر © 2025 مينا تك. جميع الحقوق محفوظة.