مستقبل الاتصالات الفضائية في مقابلة مع السيد علي الهاشمي – الرئيس التنفيذي لمجموعة «الياه سات»
منذ سنوات عديدة، تعد شركة «الياه سات» الإماراتية واحدة من رواد مجال الفضاء والاتصالات الفضائية على المستوى العالمي. إذ لطالما قدمت الشركة خدمات تكنولوجيا الفضاء المتقدمة لمختلف الجهات العالمية، وتمكنت من تحقيق نجاحات متتالية في المجال، كما باتت شركة «الثريا للاتصالات المتنقلة» التابعة لها الاسم الذي يعرفه الجميع للهواتف القادرة على الاتصال عبر الأقمار الصناعية حول العالم.
مؤخراً، وضمن مساعي الشركة المستمرة للتقدم، وافق مساهمو الشركة على توصية مجلس إدراتها بشأن الاندماج المقترح مع شركة «بيانات» المتخصصة في مجال حلول المعلومات الجيومكانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. حيث من المخطط أن تكون النتيجة هي شركة جديدة تحمل اسم «Space42»، وستكون إحدى أكبر شركات الفضاء المدرجة في الأسواق المالية العالمية من حيث القيمة السوقية.
للحديث عن إنجازات شركة «الياه سات» في مجال الفضاء، وعن الاندماج المرتقب مع شركة بيانات، استغلينا الفرصة للحديث إلى السيد علي الهاشمي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «الياه سات»، وأجابنا مشكوراً عن الأسئلة التالية:
هلا أخبرتنا أكثر عن الاندماج المنتظر مع «بيانات»، وما هدفكم منه؟
دعنا نستهل المقابلة بالحديث عن الجانب المالي لصفقة الاندماج، حيث أود أن أشير إلى أن كلا الشركتين تمتلكان رؤية مالية مشتركة وكلاهما شركات كبيرة في المجال، لذا ستنطلق Space42 مع قيمة سوقية كبيرة تتجاوز 13 مليار درهم (أي ما يوازي 3.5 مليار دولار أمريكي) وفقاً للقيمة السوقية لبيانات والياه سات كما في 25 أبريل وهو تاريخ موافقة المساهمين على الاندماج، مع عائدات متوقعة تصل حتى 3 مليارات درهم سنوياً.
نعتقد أننا الشركة الأولى في العالم التي تُقدم خدمات جغرافية مكانية، وخدمات الاتصالات الحيوية الثابتة، وخدمات الاتصالات المتنقلة. وبينما يتراءى للبعض القول إن شركة Starlink لديها الأفضلية في هذا، فهم لا يمتلكون هذه الخدمات حقاً بعد. هم أعلنوا عن هذه الخدمات سابقاً، لكنها لم تزل قيد التطوير ولم تصل للمرحلة التشغيلية بعد.
يمتلك هذا الاندماج العديد من الأهداف، فعلى سبيل المثال سنتمكن من مساندة جهود الحكومة الإماراتية لتأسيس بنية تحتية تكنولوجية فضائية متكاملة يمكنها مساعدة البلاد في إنجاز كل المشاريع المستقبلية ذات الصلة، لتعزيز مكانة الإمارات كالدولة الأولى في المنطقة التي تولي اهتماماً بمجال الاتصالات الفضائية، وسنتعاون كذلك مع الحكومة خلال الفترة القادمة في العديد من المشاريع المشتركة التي تستهدف تقنية الاتصال المباشر بين الأجهزة والأقمار الصناعية (D2D) التي تُركّز على الأجهزة المحمولة التي نستخدمها يومياً، التي تحتاج عدداً هائلاً من الأقمار الصناعية ضمن مدارات فضائية مختلفة. كما أننا الشركة الأولى التي بدأت في تبني تلك التقنية في إطار استراتيجية الياه سات المعلنة هذا العام والتي تمثل ركناً أساسياً من استراتيجية نمو الشركة.
نحن نعمل ونتعاون مع بيانات منذ مدة في الواقع، ونرى أن مجالي عملنا يتكاملان بشكل كبير. فبينما نمتلك قدرات متكاملة في مجال الأقمار الصناعية في الياه سات، فقد ساعدتنا شركة بيانات عبر إمدادنا بمنظومة كاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي تقوم بتحليل كل ما تلتقطه هذه الأقمار. وقد نجحت هذه الشراكة في العديد من الحالات، ففي أحد الأمثلة، تمكنا من رصد عواصف رملية تصل إلى دولة الإمارات في الفترة الماضية، ولدى تحليل المنظومة لها، فقد أرجعت سبب حدوثها إلى بحيرات جافة في العراق، كما ساعدت بتقديم توصيات مخصصة للإجراءات الممكنة للتعامل مع الحالات المستقبلية.
كذلك، ستضمن استراتيجية D2D التي نعمل عليها وصول خدمات الاتصالات إلى الأماكن التي تعاني عدم وصول التغطية إليها كذلك، فمثلاً سيكون من الخطر تخيل فقدان الاتصال بالشبكة على متن تاكسي جوي أثناء تحليقه بين الأبراج المرتفعة أو بعيداً عن المناطق الحضرية. وفي هذا السيناريو والعديد من السيناريوهات الأخرى، يُعد الاتصال بالأقمار الصناعية عاملاً مهماً من أجل تنظيم آلية عمل جميع التقنيات الحديثة في الوقت الحالي.
خلال الفترة القادمة، نسعى كذلك من خلال شركة Space42 للتعمق أكثر في خدمات الاتصالات الحيوية الثابتة، وخدمات الاتصالات المتنقلة، كما نسعى أيضاً لإطلاق ستة أقمار صناعية خلال 3 إلى 4 سنوات قادمة. وبالنسبة للذكاء الاصطناعي، فنحن ندرك كونه التقنية الرائدة القادمة عالمياً اليوم بالتأكيد، ونعمل على استغلاله بالشكل الصحيح وأن نعتمده كركيزة أساسية في جميع مخططاتنا المستقبلية.
هلا أخبرتمونا أكثر عن مشروعكم الرائد SKYPHONE by Thuraya؟
تتكون استراتيجتنا الطموحة للاتصال المباشر بين الأجهزة والأقمار الصناعية (D2D) من عدة مراحل. لدينا في البداية Project SKY، والذي يهدف للارتقاء بمستوى الاتصال العالمي من خلال تمكين مستخدمي الهواتف الذكية وأجهزة إنترنت الأشياء في جميع أنحاء العالم من الاستفادة من القدرات المتفوقة لتقنيات الفضاء أينما كانوا.
وتشمل المرحلة الثانية على المدى الطويل والمعروفة باسم Project BlueStar، تمكين الاتصال الكامل والمباشر بين الأجهزة وشبكة الأقمار الصناعية عبر شبكة أقمار صناعية مُتنامية ومستدامة.
بالنسبة لهاتفنا SKYPHONE by Thuraya، فنحن نهدف إلى توفير بديل جيد لمستخدمي الهواتف القياسية يمزج قدرات الاتصالات عبر الشبكات الخلوية مع قدرات الاتصالات عبر الأقمر الصناعية. ونريدكم أن تروا الهاتف من منظور أنه هاتف عادي مثله مثل بقية الهواتف، ولكن مع ميزات إضافية تتعلق بقدرات اتصال وشبكات أفضل بشكل ملحوظ من باقي الهواتف الأخرى.
لدينا كذلك مشروع آخر في جعبتنا للعام القادم وهو SkyText، والذي نهدف من خلاله إلى تمكين المستخدمين من تبادل الرسائل النصية القصيرة عبر أقمارنا الصناعية.
ماذا عن إطلاقاتكم خلال الفترة القادمة، وما هو الجدول الزمني المُخطط لها؟
نضع اللمسات الأخيرة حالياً قبل إطلاق قمر SAR الجديد الذي زودتنا به شركة ICEYE وذلك خلال الربع الثاني أو في الربع الثالث من العام الجاري. سنقوم كذلك بإطلاق قمر الثريا 4 في أكتوبر من العام الحالي، والذي سخرنا فيه كل جهودنا من أجل أن يكون أفضل من الأجيال السابقة بشكل ملحوظ، ويعد هذا القمر بإمكانات هائلة منذ اليوم الأول لإطلاقه حيث سيحتوي على ما يصل إلى 20 تطبيقاً مختلفاً وسيركز على مجال البيانات المتنقلة بشكل أكبر، وسيعمل بكامل طاقته في العام 2025، وسيحتوي على أبرز التقنيات الخاصة بمجال الأقمار الصناعية المتنقلة عالمياً.
ما هي خطط الشركة التوسعية خلال الفترة الحالية، وهل تنوون استكشاف مجالات إضافية مُستقبلاً؟
نركز في الياه سات حالياً على إضافة المزيد من الجهود لتعزيز تقنية التواصل المباشر بين الأجهزة D2D، واغتنام الفرص السانحة في قطاعات تقنيات الفضاء والحلول الجيومكانية، والتحليل الذكي للأعمال محلياً، وإقليمياً، وعالمياً.
نركز كذلك على تعزيز الجهود الاستثمارية في مجال شبكات الجيل الخامس والتطلع أكثر إلى شبكات الجيل القادم 5G و6G، لمواكبة متطلبات السوق المحلي والعالمي بالإضافة إلى أننا وقعنا عقداً مؤخراً مع الحكومة الإماراتية مقابل 5.1 مليار دولار للتعاون على صعيد بعض المشاريع خلال الفترة القادمة، كما أننا نخطط كذلك لإطلاق قمري الياه سات 4 و5 بحلول عامي 2027 و2028.
أريد أن أشير كذلك إلى أن هذا العقد من بين الأكثر أهمية لنا في Space 42 وسنركز خلال الفترة القادمة على تطوير أشباه الأقمار الصناعية عالية الارتفاع (HAPS)، والتي تتميز باعتمادها الكلي على الطاقة الشمسية، ويُمكن استخدامها كمُوزع للاتصالات وتُساهم في إعطاء تغطية أفضل كذلك. لدينا كذلك منصة HAPS قوية تُدعى Mira وهي منصة سريعة قمنا ببيعها للحكومة الهندية مؤخراً.
نحن نُركز بشكل كبير على مجال تطوير أشباه الأقمار الصناعية عالية الارتفاع (HAPS) ونتعاون مع حكومة الإمارات بشكل وثيق، ونتوقع أن يزداد عليها الطلب بشكل كبير مستقبلاً تزامناً مع انطلاق خدمة شبكات 6G.
ماذا عن نتائجكم المالية الأخيرة في إلياه سات قبل الانتقال إلى Space42؟
نمر بفترة مالية جيدة في الوقت الحالي، حيث ارتفعت الإيرادات على أساس سنوي بنسبة 6% لتصل إلى 1.677 مليار درهم (حوالي 457 مليون دولار) وهو الأعلى في تاريخ الشركة، مدفوعة بالنمو في جميع القطاعات التشغيلية وفي قطاع حلول الاتصالات المتنقلة على وجه الخصوص. كما ارتفع صافي الأرباح بنسبة 68% كذلك ليصل إلى 110 ملايين دولار وهو ما يعادل 405 مليون درهم بنهاية العام 2023 المنصرم. وتشكل هذه البيانات المالية أساساً متيناً للشركة الجديدة الناتجة عن اندماجنا مع بيانات.
هل سنشهد أي إعلانات هامة من شركتكم خلال الفترة القادمة؟
نطمح خلال الفترة القادمة إلى صنع جميع الأقمار الصناعية محلياً وبشكل داخلي، أسوةً بأمازون وStarlink، وهو ما نهدف من خلاله إلى دعم الاقتصاد الإماراتي في المقام الأول. تدفعنا المنافسة المحتدمة على مواكبة جميع التحديات العالمية، وتحسين أدائنا لكي نصبح شركة تكنولوجية رائدة عالمياً، ومتميزة في تقديم خدمات الاتصالات، وخدمات البيانات والاستشعار الفضائي، المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
سنبقيكم على إطلاع دائم بكل ما يخص تطورات عمل Space42 بالتأكيد. ويُجدر بالذكر أن هناك شخصيات بارزة ستتولى قيادة الشركة أمثال السيد كريم الصباغ، والسيد حسن الحوسني، كما سيتولى معالي منصور المنصوري، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي ورئيس دائرة الصحة في أبو ظبي، رئاسة مجلس إدارة الشركة.